الرئيسية | اتصل بنا | اضف للمفضلة
 
tewitter facebook rss Tue May 14, 2024
 
       
 
   
   
 
 
 
 
 ليس لديك حساب-سجل هنا
  هل نسيت معلومات الدخول؟
 
 
الصفحة الرئيسية » قصص نجاح »
"تشارلي مولينز" .. السمكري المثالي        

 يعصر "تشارلي مولينز" خليطا سائلا من البهارات على سندويتشة اللحم التي يأكلها حاملا بيده الأخرى قدحا من الشاي أثناء حديثه مع صحيفة الفاينانشيال تايمز في مقابلة أجريت معه في المطبخ الصغير التابع لشركة "بيمليكو بلاميرز" المتخصصة في أعمال السمكرة. 

 


وفيما بين مضغاته للسندويتشة، يتحدث "مولينز" عن الأضرار التي أصابت أسطول الشركة المؤلف من 135 حافلة صغيرة. غير أن حديثه عن هذا الموضوع ليس بحديث عابر وخصوصا بعد أن استطاع "مولينز" من بناء علامة تجارية مميزة وأنيقة في مجال السمكرة تظهر بوضوح على أسطول الحافلات التي تمتلكها شركته.
تقول صحيفة الفاينانشيال تايمز إن شركة "بيمليكو بلامرز" أصبحت مؤسسة من مؤسسات العاصمة البريطانية لندن، تتميز بحافلاتها التي يطغي عليها اللونان الأزرق والأبيض والتي بات بالإمكان رؤيتها في عموم العاصمة، والتي تتميز بدورها بلوحات الأرقام الشخصية التي توحي بعمل السمكرة وبالرنة الموسيقية الخاصة التي تصدرها تلك الحافلات عندما تسير إلى الخلف.
وتصف الصحيفة تلك الحافلات بأنها التعبير الكامل على استراتيجية الأعمال التي اتبعها مؤسس الشركة والتي تتمثل في الاهتمام المتواصل بالتفاصيل وبالسعي الحثيث والاندفاع نحو تحقيق الشهرة.
بفضل هذه الخصائص والميزات استطاع "مولينز" من تأسيس شركة تعود ملكيتها بالكامل له وتبلغ قيمة مبيعاتها السنوية نحو 15 مليون جنيه إسترليني وتدر أرباحا تصل إلى 2 مليون جنيه إسترليني.
وفي أوج فترة الركود الاقتصادي الحالي، استطاعت الشركة أداء 1500 وظيفة أسبوعيا مما مكنها من زيادة قوة العمل لديها ومن التوسع إلى أنحاء أخرى وجديدة من العاصمة، لندن. ويرى البعض من المراقبين إلى أن لهذه الشركة يعود الفضل في إحداث تغير جذري في صناعة السمكرة، على الرغم من أنه لم يكن لدى الشركة خطة عمل رسمية.
ومع ذلك فإن مولينز البالغ 55 عاما من العمر يعتقد بأنه كان يمكن للشركة أن تكون أكبر لو أنه تعلم بعض دروس الأعمال الأساسة في وقت مبكر. إذ يقول "كنت أفكر على مستوى محدود للغاية ولم أكن أنظر إلى شيء على قدر كاف من الضخامة".
غالبا ما يحكي "مولينز" قصة خروجه المبكر من المدرسة عندما كان يافعا لكي يساعد سمكري محلي كان الشخص الوحيد ممن لديه مال وسيارة يعرفه. غير أن لحظة الإلهام جائته في وقت لاحق بعد أن أنهى دورة تدريبية في مجال السمكرة ليعمل لصالح نفسه. وعن ذلك يقول "الكل كانوا يرديونني أن أقول بوظائف لهم، لذلك فكرت في أن أجد العديد غيري للعمل معي. وقد كانت سمعة السمكريين سيئة. لذلك عمدت وبسرعة إلى أن أرى بكل وضوح ما كان الناس غير سعيدين بشأنه لكي أقوم بالعكس تماما".
ذلك حتم على "مولينز" أن يركز على مظهر السمكري الجذاب وعلى ضرورة تحليه بالأدب في التعامل مع الزبائن وعلى أهمية أن يأتي إلى مكان العمل حسب الوقت المتفق عليه. قد لا يبدو ذلك أمرا ينطوي على تغيير ثوري في أداء مهنة السمكرة إلا أن "مولينز" يؤكد على أن النهج الذي يقوم على مراعاة الحس العام "لم يكن نهجا شائعا" في مجال السمكرة.
لقد أسست شركة "بيمليكو بلامرز" شبكة تتألف من 120 مهندسا على استعداد لأداء الوظائف على مدار 24 ساعة، رغم اضطرارها إلى تكييف استراتيجيتها للتواكب مع تغير نماذج الزبائن خلال مرحلة الركود الاقتصادي الحالية. وقد مثل ذلك درسا جرى تعلمه بالطريقة الصعبة بعد أن كادت الشركة أن تقع ضحية لفترة الركود الاقتصادي السابقة.
يتذكر "مولينز" بأن الشركة لم تعتن آنذاك بما يكفي بقاعدتها من الزبائن مما جعلها عاجزة عن التكيف للأوضاع الصعبة وهي تكافح تحت أعباء ديون باهظة تحملتها من أجل شراء ممتلكات أعمال هبطت قيمتها بحدة، مما تركها تحت ضغوط قوية تمارسها البنوك. وعن ذلك يقول "مولينز" "لم أتصور بأن الشركة ستخرج سالمة من فترة الركود السابقة. إلا إننا استطعنا التمسك بأي قشة وبأطراف أسنانا. لذلك قمنا بتغيير كل شيء يخص طريقة عملنا".
أما الآن فإن شركة "بيمليكو بلامرز" لا تنوء بأعباء أي دين ولا تتمتع بتسهيلات سحب من المصارف في حين تعتمد بقوة على أنظمة كفوءة تمكنها من تقديم مستوى ثابت من الخدمات وهو مستوى مكنها من تأمين 70% من أعمالها من زبائن متكررين.
فعلى سبيل المثال جرى تزويد جميع الحافلات التابعة إلى الشركة لخدمة "جي بي إس" للدليل الجغرافي مما يمكن القائمين على مركز السيطرة من معرفة أماكن تواجد تلك الحافلات في جميع الأوقات وهو ما يسمح لهم بالتالي من توجيه السمكريين العاملين إلى تقديم خدمات الطوارئ الأمر الذي يعني إمكانية وصولهم إلى مواقع العمل خلال 15 دقيقة من وقت الطلب.
كما يتم تزويد جميع السمكريين الجدد بنسخة مما يسميه "مولينز" بـ "إنجيل بيمليكو"، الذي يشرح بالتفصيل لهم كيفية أداء الوظائف. إضافة إلى ذلك فإن جميع خدمات الصيانة والإصلاح للحافلات تتم بشكل داخلي من قبل الشركة وذلك حتى يتم إرجاعها بأقصى سرعة ممكنة إلى العمل وهي بأفضل حال.
يؤكد "مولينز" على أن الحافلات الصغيرة تعد أمرا حيويا للغاية بالنسبة إلى العلامة التجارية للشركة في الوقت الذي يمكن لهذه الحافلات أن تصبح فيه "أفضل شكل من أشكال الدعاية والإعلان". وتقول الفاينانشيال تايمز إن الترويج لعمل الشركة يعد واحدا من نقاط قوة "مولينز". فلوحات الأرقام الشخصية التي يبلغ عددا نحو 80 لوحة والتي اشتراها لكي يضعها على الحافلات قد حظيت باهتمام على نطاق واسع.
كما يبذل "مولينز" جهودا كبيرة من أجل تقديم خدمات الشركة إلى الزبائن من المشاهير. إذ أن الصور الموقعة من قبل المشاهير تغطي قاعة الاستقبال في مقر الشركة، وهو أمر يعترف "مولينز" بأنه "يمنحنا الكثير من الاعتبار".
وفي حين أن العلامة التجارية التي تحملها الشركة قد سمحت للسيد "مولينز" بأن يفرض أجورا أعلى مما يفرضها منافسوه، إلا أنه لجأ في عام 2009 إلى خفض تلك الأجور بسبب الركود الاقتصادي. ولعل ذلك هو السبب الذي يقف وراء ارتفاع رقم الطلبيات رغم أن الوظائف المطلوب القيام بها كانت أصغر من المعتاد وانطوت في الغالب على عمليات إصلاح بدلا من التبديل مع ميل الزبائن إلى الاحتفاظ بأدوات الحمامات والسخانات بدلا من تبديلها.
الشيء الآخر الذي أدركه "مولينز" في وقت متأخر هو الحاجة إلى توظيف مديرين يتميزون بمستويات عالية من المهارة. وعن ذلك يقول "لم أكن أرغب أبدا في ترك الوظيفة التي كنت أقوم بها. فقد كنت أعمل بقدر ما أستطيع من وقت مما كان يؤدي إلى إصابتي بالإعياء وإلى ارتكابي للأخطاء. ولعل أحد أكبر أخطائي التي ارتكبتها على مر السنوات قد تمثل في سعيي لأن أقوم بأكثر مما أستطيع القيام به. أود فقط أن أكون قد أدركت ذلك الأمر قبل سنوات. فلو حصل ذلك لكنا الآن أكبر في وقت مبكر".
وما يزال "مولينز" يبدي طموحات للنمو عن طريق تولي حصة أكبر من السوق وعن طريق زيادة حجم الطلب على خدمات الشركة من أنحاء أخرى في لندن. غير أن تلك الخدمات تقف عند حدود الطريق الدائري السريع رقم 25 الذي يحيط بلندن. إذ يقول مولينز "إن النظام الذي نتبعه صالح للعمل في أي مدينة".
إلا أنه ليس لدى "مولينز" طموح بأن يوسع أعمال الشركة إلى مناطق أخرى مثل مدينة بيرمنغهام أو مدينة مانشستر، مؤكدا على وجود الكثير من العمل داخل العاصمة لندن. ويرفض "مولينز" بقوة أي فكرة تنطوي على بيع علامة الشركة خوفا من تدهور نوعية الخدمات التي تقدمها. وعن ذلك يقول "سنحت أمامنا الفرصة لكي نفتح أعمال جديدة في منطاق أخرى إلا أنه لا جدوى في ذلك. فإن لم يكن باستطاعتك الحفاظ على مستوى نوعية الخدمات فإن سمعتك ستتدهور وتذهب هباء".
وقد أصبح سكوت، نجل "مولينز"، والبالغ 36 عاما من العمر مدير عمليات السيطرة حيث يدير العمليات اليومية للشركة في حين أن نجله الثاني، سام البالغ 31 عاما من العمر، يعمل سمكريا في الشركة. أما ليندا، زوجة "مولينز"، فهي تعمل في مجال تلقي المكالمات الهاتفية في مركز الشركة. كما أن إبنته وزوجها يعملان في الشركة.
ويرى "مولينز" أن العثور على وريث مناسب لإدارة الشركة لن يمثل مشكلة وهو ما يعد أحد الأسباب التي دفعته إلى رفض جميع العروض بشراء الشركة. السبب الآخر في رفضه لتلك العروض يمثل في تأكيده على أنه ليس بحاجة إلى المال. إذ يعترف قائلا بمرح "أتقاضى راتبا ضخما يتراوح بين 1.6 و 1.8 مليون جنيه إسترليني. ولو أن مبلغا ضخما من المال قد دخل حسابي المصرفي بشكل مفاجئ فإن ذلك لن يغير من نمط حياتي".
ويبدي "مولينز" سعادة بالغة في ارتدائه ملابس تحمل علامات الشركة. فهو يلبس القميص وربطة العنق الذين يرتديهما جميع موظفو الشركة. غير أن بدلته الفاخرة وخاتمه وقصة شعره تميزه عن البقية مثلما تميزه سيارته البنتلي الرياضية التي تحمل لوحة أرقام شخصية والتي تقف أمام الباب الرئيسي للشركة.
يعنيش "مولينز" نفس الحياة التي يعيشها العديد المشاهير الذين يتمتعون بخدمات شركة "بيمليكو بلامرز". إلا أنه يقول إن ذلك لم يكن أبدا قصده زاعما بالقول "سأكون سعيدا لو كنت سمكريا طوال حياتي". ويعترف قائلا "إنني لا أرى نفسي رائد أعمال (entrepreneur). إذ إنني غالبا ما أجد هذه الكلمة تثير الخجل لدي".
بعد أن يستيقظ من النوم في تمام الساعة السادسة صباحا فإن أول شيء يقوم به "تشارلي مولينز" هو أن يغط في حمام السباحة الداخلي في بيته الواقع بمنطقة كينت بالقرب من العاصمة لندن. وبعد بضعة فناجين من الشاي يبدأ اتصاله الهاتفي بالشركة والذي يستمر وهو يسوق سيارته إلى منطقة لامبيث في العاصمة حيث يقع مقر الشركة. يقول "مولينز" إن هذه المكالمة هي من أجل "معرفة ما سنقوم به هذا اليوم".
حتى عندما يصل إلى مكتبه فإنه لا يفضل الجلوس على كرسيه أو عقد الاجتماعات. فلا يوجد في مكتبه جهاز كمبيوتر في حين يرفض تعلم كيفية استخدام هذا الجهاز. إذ يقول "وظيفتي تتمثل في اتخاذ القرارات. بإمكان الناس أن يتحدثوا إلى وأنا أمشي وبإمكاني أن أعطيهم الجواب. وغالبية القرارات هي إما نعم أو لا. في السابق كنا نعقد اجتماعات وكنا نتحدث عما يجب أن نفعله لكننا لم نكن نفعل ما كنا نتحدث عنه".
يعرف "مولينز" أسماء العاملين في شركته بأسمائهم ويقضي الجزء الأكبر من يوم العمل وهو يقف على رجليه. وغالبا ما يترك مكتبه فيما بين السابعة والثامنة مساء لكنه يصر على تجنب القيام بأي عمل مهما كان في عطلة نهاية الأسبوع.
 
المصدر: الرأي نيوز




عودة للرئيسية
 
 
 
 
 
eSyria من نحن اتصل بنا اتفاقية استخدام الموقع جميع الحقوق محفوظة © 2011