الرئيسية | اتصل بنا | اضف للمفضلة
 
tewitter facebook rss Tue May 14, 2024
 
       
 
   
   
 
 
 
 
 ليس لديك حساب-سجل هنا
  هل نسيت معلومات الدخول؟
 
 
الصفحة الرئيسية » قصص نجاح »
"دونغ مينغزو" .. أسطورة المرأة الصينية المثابرة        

قد تبدو “دونغ مينغزو “ ولأول وهلة ضئيلة الحجم عندما تقف أمام مقر شركة "جري إليكتريك" العملاقة والواقع في جنوب الصين. إلا أنها سرعان ما تستعيد زمام القيادة من على مقعدها في مكتبها المتواضع وهي تختصر إيمانها بالمستقبل الباهر الذي ينتظر الشركة ودور المرأة في صعود الصين باعتبارها قوة اقتصادية عالمية جبارة.
تعد شركة "جري إليكتريك" أكبر شركة في العالم من حيث تصنيع مكيفات الهواء مما يضعها في موقع أصبحت بفضله مسؤولة عن توفير الملايين من الأسر في منطقة الخليج العربي بالهواء المنعش ودرجة الحرارة المناسبة في أشهر الصيف الصعبة.
وتعتبر "الأخت “دونغ”"، كما يحبذ العاملون في الشركة تسميتها تحبيبا لها، إمرأة قوية مثلما هو متوقع ممن يشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس لشركة كبيرة كشركة "جري إلكتريك" المملوكة من قبل الدولة. إلا أن ذلك لا يمنع عنها الابتسامة وحب الفكاهة.
وباعتبارها الأصغر في أسرة عمالية مؤلفة من سبعة أبناء تسكن في مدينة نانجينغ، أصبحت “دونغ” بمثابة الأسطورة في الصين الحديثة. كما أصبح كتابها الذي يحمل عنوان "البحث بدون أسى" والذي ألفته لتحكي قصة نجاح الشركة، من أفضل الكتب مبيعا في الصين. وفي عام 2002، حصل الفلم التلفزيوني الوثائقي الذي يحكي قصة نجاحها على شهرة كبيرة. وفي عام 2009، تمت تسمية “دونغ” ضمن قائمة مجلة "بيزنيس ويك" الأمريكية لأكثر 40 شخصا تأثيرا في الصين.
وعن نفسها تقول "“دونغ”" "أحب مواجهة التحديات. فأنا ألتزم بمبادئي. وحسب وجهة نظري، فإن القيام بالوظيفة على أحسن ما يرام أمر مهم، وهو ما يساعدني أيضا على العمل بطريقتي الخاصة تدرجا من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى في القيادة".
تقول صحيفة "ذي ناشونال" الإمارتية في تحقيق أجرته عن "“دونغ”" إن ما يراه المرء من زيارته مصنع الشركة في مدينة زوهاي الواقعة على دلتا نهر اللؤلؤ هو مصنعا نموذجيا من حيث النظافة والكفاءة بحيث يبدو المصنع بمجمله أشبه بجامعة تعليمية. إذ يعمل في هذا المصنع 24 ألف عامل من إجمالي 40 ألف عامل توظفهم الشركة.
تشير الصحيفة إلى وجود قصص أسطورية في الصين تحكي عن “دونغ” وصرامتها في العمل. ففي إحدى المرات، وعندما قام ابنها البالغ 12 عاما بزيارتها في مدينة زوهاي لم تتردد في وضعه بحافلة عائدا إلى منزله لأنه لم يكن لديها متسع من الوقت لكي تأخذه إلى المطار كما أنها منعت الآخرين من أخذه إلى المطار.
وقد دفعتها صرامتها والتزامها بأخلاق العمل إلى أن تجعل ابنها يبحث عن وظيفة في شركة أخرى حتى لا يتهمها أحد بمحاباة الأقارب. ويقال أيضا بأن علاقتها مع أخيها ساءت بعد أن رفضت منحه معاملة تفضيلية عندما أراد أن يحصل على امتياز من شركة "جري إليكتريك".
لقد أقدمت “دونغ” التي وصلت إلى مدينة زوهاي في عام 1990 على وقف ممارسة الدفع المؤجل عن مبيعات الشركة، مصرة على عدم تسليم المنتجات إلى الوكلاء إن لم يتم الدفع مقابلها مقدما. كما فرضت قواعد جديدة على شبكة وكلاء الشركة جعلت موازين القوى تميل لصالح الشركة. وقد أصبحت مهاراتها في مجال المبيعات معروفة وشهيرة. فقد استطاعت بيع مكيفات الهواء حتى في فصل الشتاء.
تؤمن “دونغ” بأنه يتعين عليها أن تقدم على خيارات صعبة من أجل تحقيق النجاح مثلما عليها أن تكون مستعدة لتحمل التضحيات. إذ أن صعود الصين كقوة اقتصادية يتيح العديد من الفرص للأعمال، إلا أنه ينطوي أيضا على تكاليف باهظة. وبقدر ما يتعلق الأمر بها، فإن سعيها إلى تحقيق النجاح انطوى على حقيقة أنها لم تتمتع بأي عطلة لفترة تقترب الآن من 20 عاما.
وبعد وفاة زوجها بسبب المرض، أقدمت “دونغ” على ترك ابنها الذي لم يتعد عمره آنذاك الثلاث سنوات مع جده وجدته في مدينة نانجينغ لكي تذهب إلى مدينة زوهاي وتصب كل جهودها على تحقيق النجاح.
وعن ذلك تقول "إن الصين تختلف عن البلدان الأجنبية. ففي البلدان الأجنبية هناك تقليد يقوم على التمتع بالعطلات وعلى الحرص على حياة آمنة من دون ضغوط كبيرة. إلا أن الصين تشهد إصلاحات وتحديات، مما يعني أن أمام الناس العديد من الفرص لاستعراض مواهبهم. لذلك فإنه يتعين على الصينيين في بعض الأحيان أن يضحوا ببعض هواياتهم".
وتضيف “دونغ” قائلة "على سبيل المثال، أحب تسلق الجبال وأهوى الغناء، إلا أن هاتين الهوايتين لا تساعدان على حل مشاكل الشركة، لذلك يتعين علي إذا ما أردت أن أكون ناجحة أن أتخلى عن الاهتمامات الشخصية".
تقول “دونغ” "كلما صعدت مرتبة أعلى في سلم إدارة الشركة كلما كبرت المسؤوليات التي يتعين علي حملها. وبناء على ذلك إذا ما عادت التضحية باهتمام واحد أو بهواية واحدة بالفائدة على العاملين في الشركة فإنني لا أتردد في القيام بتلك التضحية. فإذا لم أولي عملي الاهتمام الكافي ولم أقم بتضحيات فإن شركة جري لن تستطيع أن تحقق النجاح بالطريقة التي تحققها الآن. وهناك العديد من العاملين في الشركة الذين يبدون تأثرا كبيرا بمثل هذه القيم، لذلك تراهم على استعداد لضم جهودهم إلى جهودي".
وتبدي “دونغ” مشاعر الفخر بالنمو الاقتصادي في الصين وبمساهمة الحزب الشيوعي الصيني في النجاح الذي تحقق طوال الثلاثين عاما من الإصلاحات. كما تعتبر “دونغ” من بين نشطاء المندوبين إلى الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني (الكونفرنس الشعبي الوطني) الذي يعد أعلى هيئة تشريعية. ولا تتردد “دونغ” في إطلاق تصريحات جريئة بشأن مسؤوليتها باعتبارها قائدة.
ومن المعروف أن تسلق السلم الإداري في الشركات يعد بطيئا بالنسبة إلى المرأة في الصين، إلا أنه أصبح وبشكل تدريجي أسهل بعد أن أصبحت عشرات الآلاف من النساء يجدون في “دونغ”، التي تعد واحدة من قلة صغيرة من النساء اللائي يشغلن مناصب تنفيذية، مصدر إلهام لهن.
غالبا ما يشار إلى أن مؤسس الصين الحديثة ماو تسي”دونغ” قد اقتبس في أحد المرات مثالا صينيا قديما يقول "إن النساء يرفعن نصف السماء". لذلك فإن الصين الحديثة مهتمة جدا في دفع حقوق المرأة إلى الأمام. ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك يكمن في حقيقة أن المرأة في الصين أصبحت تمتلك تواجدا اقتصاديا متصاعدا في قوته وخصوصا في ظل التحول الجاري من الاقتصاد الزراعي والريفي إلى الإنتاج الصناعي والذي قاد إلى زيادة مساهمة النساء في قوة العمل.
إلا أنه ما يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. فالرواتب التي تتقاضاها النساء أدنى بشكل كبير من رواتب الرجال حتى في المناصب العليا. وفي الحكومة، تحتل المرأة الصينية نسبة لا تزيد عن 1.7% من الوظائف الوزارية العليا أو المناصب الإقليمية القيادية.
تقول “دونغ” "إن لدى الصين 5 آلاف عام من التقاليد الإقطاعية. وخلال تلك الفترة الطويلة كانت المرأة حبيسة المنزل وتقتصر مهاما على مساعدة الزوج وتربية الأطفال، أي القيام بواجبات الزوجة مما يعني إنها لم تدخل المجتمع على الإطلاق. ولكن بعد أن قام الحزب الشيوعي بتأسيس جمهورية الصين الشعبية لقيت قضية تحرير المرأة دعما قويا وهو ما يجري تنفيذه على مدى السنوات الثلاثين الماضية. وأنا أعتقد بأنه إذا كان لدى المرأة العزم وروح المثابرة، فإن بإمكانها أن تجد مكانها في هذا البلد وان تظهر قدراتها وقابلياتها".
وتضيف قائلة "إن الجزء الآخر من عملية الإصلاح يتمثل في تعريف المجتمع الدولي بالصين وإرساء فهم عالمي بأن الصين بلد كبير يحمل نوايا حسنة. ففي السابق كان الكثير من سكان العالم يجهل الصين بل ويسيء فهمها أحيانا. والعقود الثلاثة الماضية التي شهدت نضوج الصين كانت أشبه بتحول الطفل إلى بالغ بإمكانه أن يساهم في جهود العالم".
وفي حين أصبحت منتجات وتكنولوجيا شركة "جري إليكتريك" تستخدم من قبل شركات عالمية مثل "جنرال إليكتريك" و "باناسونيك" و"ويربوول"، إلا أن “دونغ” تبدي حماسة منقطعة النظير نحو تحويل "جري" إلى شركة عالمية. ولعل بسبب ذلك جرت تسمية الشركة باسم يلقى صدى وقبولا عالميا. إذ رأى المعنيون بأن اسم "جري" يتماشا معة كلمات "تمتع" أو "عظيم" أو "اخضر" الإنجليزية.
غير أن الشركة تريد أن تدفع بعلاماتها الخاصة بإشراف “دونغ” على عملية التوسع في الخارج. ولدى الشركة الآن مصانع في فيتنام والبرازيل وباكستان تقوم بإنتاج منتجات تحمل الأسم التجاري للشركة.
تقول “دونغ” "لا يوجد جبل لا نستطيع تسلقه. فالأمر يعتمد بمجمله على الثقة. والأزمة العالمية التي نمر بها لا يمكن مجابهتها بالكلام بل بإدراك الحاجة إلى إحداث تغيير. فعندما بدأت الأزمة قمنا بتدعيم عمليات البحث والتطوير والابتكار من أجل صناعة المنتجات التي يحتاجها الزبائن".
وتعتبر عملية الابتكار من أبرز القضايا الرئيسية التي تواجهها “دونغ” مما دفعها إلى نشر إعلانات تركز على هذه القضية في مقر ومصانع الشركة من أجل تشجيع التفكير المبدع. إذ تقول " إن جميع الشركات التصنيعية، صغيرها وكبيرها، تريد الابتكار. إلا أن تخصيص استثمارات كبيرة للابتكار يعد مشكلة لتلك الشركات. وتعتبر شركة جري شركة محترفة لديها الجرأة على الاستثمار في مجال الابتكار. ففي عام 2009، استثمرنا ما يزيد عن ملياري يوان (300 مليون دولار) في عمليات البحث والتطوير، وهو أكبر استثمار تقدم عليها الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية".
وتضيف “دونغ” قائلة "إن الاستثمارات الصغيرة والمحدودة لا تحل مشكلة الابتكار لذلك أتطلع إلى إقدام عدد أكبر من الشركات الصينية على الاستثمار في عمليات البحث والتطوير بهدف دعم المسيرة نحو خلق عدد أكبر من الشركات العالمية. وعلى الشركات الصينية الكبرى أن تقدم مساهمات لدعم تلك المسيرة".
كما تحملت شركة "جري إليكتريك" مسؤوليتها الاجتماعية خلال فترة الأزمة عن طريق التزامها بمبدأ عدم تسريح العمال. وتجدر الإشارة إلى أن عمليات التسريح الجماعي في بعض الشركات التي تتخذ من جنوب الصين مقرا لها قد أدت إلى سلسلة من الاحتجاجات والاعتصمات العمالية.
وتؤكد “دونغ” على أن شركة "جري" تفضل التقشف في قضايا أخرى بدلا من أن تقدم على تسريح العمال. وتقول "إن مصلحة الشركة تسير بالتوافق مع مصلحة البلاد. فسنوات الإصلاح الثلاثين الماضية قد خلقت العديد من الفرص أمامنا، لذلك عندما تحتاج البلاد منا المساهمة فنحن مستعدون لتقديم أي شكل من أشكال المساعدة".
في عام 2008 حققت مبيعات شركة "جري" زيادة بنسبة 10% في حين نمت الأرباح بنسبة 50%. أما في عام 2009 فقد حققت المبيعات الهدف المرسوم في حين ارتفعت أرباح الشركة بنسبة 40% رغم الهبوط الذي طرأ على الصادرات. كما استطاعت الشركة في العام الماضي إضافة 7 آلاف عامل إلى مختلف عملياتها.
وتعتقد “دونغ” إنه يتعين على قادة الشركة في المستقبل أن يستندوا على أساس أخلاقي قوي مع الإيمان بضرورة التحفيز وأن يكون لديهم الاستعداد لتقديم التضحيات. وعن ذلك تقول "إن شركة جري استطاعت الحصول على تلك النوعية من الناس. فالعديد من العاملين بالشركة يعملون ساعات إضافية والبعض منهم لا يغادر مكاتبه قبل الساعة الواحدة أو الثانية صباحا".


“دونغ” مينغزو “في سطور:
• ولدت في أغسطس 1964 وهي الإبنة الأصغر بين سبعة أطفال لأسرة عمالية في مدينة نانجينغ بمحافظة جيانغسو
• تخرجت من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية
• تحرص على سرية أسرتها. ولا يعرف عنها سوى أن لديها ولد واحد أسمته “دونغ” “دونغ” يبلغ الآن نهاية العشرينيات من عمره حيث حصل على درجة في القانون ولا يعرف الكثير عن حياته. توفي زوجها بسبب المرض عندما كانت في الثلاثين من عمرها ولم تتزوج منذ ذلك الحين.
• في عام 1990 انضمت إلى شركة "جري إليكتريك" بوظيفة مساعدة في قسم المبيعات.
• في عام 1995 حصلت على ترقية لتصبح مديرة قسم المبيعات.
• في عام 1996 بدأت “دونغ” بإدخال إجراءات استهدفت إدخال المرونة على مبيعات الشركة عبر معالجة المشاكل مع الوكلاء والطلب منهم بتسديد ما بذمتهم مقدما مع رفضها إجراء أي خصومات في الأسعار أثناءؤ مواسم انخفاض الطلب.
• في عام 1999 حصلت على ميدالية عيد العمال القومي من مجلس الوزراء.
• في عام 2001 أصبحت مدير عام للشركة.
• في عام 2003 بث التلفزوين الصيني فيما وثائقيا اعتمد على تجربتها في العمل.
• في نوفمبر 2003 جرت تسمية “دونغ” ضمن قائمة ضمت النساء العشرة الأكثر تأثيرا في الصين.
• في 2003 أصبحت ممثلة في الكونفرنس الشعبي الوطني، وهو الجهاز التشريعي للصين.
 
المصدر: الرأي  نيوز




عودة للرئيسية
 
 
 
 
 
eSyria من نحن اتصل بنا اتفاقية استخدام الموقع جميع الحقوق محفوظة © 2011