يوصي العديد من المستشارين رواد الأعمال بإنشاء روابط وعلاقات مع عدد من المحترفين، الذين يجب أن يكونوا على صلة دائمة بهم، نظراً لأهمية هؤلاء الأشخاص لنجاح مشاريع الرواد ومبادراتهم الجديدة. فالمحاسب والمستشار الضريبي والمحامي، يجب أن يكونوا جميعاً محيطين برائد الأعمال، وعلى مقربة منه لكي يتمكن من استشارتهم حين الحاجة.

فالعديد يعتمدون على أنفسهم عندما يتعلق الأمر بشؤونهم القانونية، حيث يعتبرون أنفسهم خبراء في صياغة العقود وفي إعطاء النصائح والمشورات القانونية، بل وفي المرافعة والحضور أمام القضاء وهيئات التحكيم في بعض الأحيان، غير عالمين أنهم بذلك يعرضون أنفسهم ومشاريعهم لمخاطر وتحديات كبيرة هم في غنى عنها، وأن اللجوء للمحامي المختص في ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمجال الذي يعملون فيه يوفر عليهم وقتاً ومالاً كثيراً، وأنه من المفضل أن يوفروا وقتهم وجهودهم للاهتمام بالجوانب الفنية والتجارية لمشاريعهم، وللبحث عن طرق لتعظيم دخل المشروع وإيراداته، وهي الأمور التي يعتبرون خبراء بها، في سبيل دعم هذه المشاريع في الوقت التي هي بأمس الحاجة لكل دقيقة من وقت صاحب المشروع.

أعلم أن الهدف من الاعتماد على الذات في الأمور القانونية هو توفير المصاريف بهدف إبقاء المشروع ضمن إطار الميزانية المحدودة لصاحب المشروع، ولا أنكر أن هذا التوفير وضبط النفقات أمر مطلوب ومحمود في الشركات جميعها بشكل عام، وفي المشاريع الصغيرة والمتوسطة الناشئة بشكل خاص، غير أن التوفير من خلال تجنب الاستشارة القانونية المتخصصة ليس بالتوفير الصحيح، إذ هو كمن يوفر في أساسات البناء، فيقلل من كمية الحديد المستخدمة في هذه الأساسات، والذي قد يؤدي في يوم ما إلى انهيار البناء كاملاً بمن فيه.
فالعديد من التجار مثلاُ يضمنون عقودهم بنداً بحل النزاعات عن طريق التحكيم، دون تحديد تفاصيل لكيفية تحديد المحكمين، وأمور أخرى تفصيلية خاصة بالتحكيم وضرورية لحسن سير العملية التحكيمية، فيجدون أنفسهم حين نشوء النزاع بحيرة عن كيفية السير بالتحكيم، فيضطرون للجوء إلى القضاء لكي يفصل في بعض المسائل الخاصة بالتحكيم، فيطول أمد النزاع أكثر بكثير مما لو كان الحل متروكاً للقضاء، إذ سيلجؤون للقضاء ومن ثم للتحكيم، وربما للقضاء مرة أخرى لإنفاذ الحكم التحكيمي.

(بالنسبة للتحكيم لابد أن نميز انه في حال تضمين العقود لشرط التحكيم في حال النزاع فلا بد مكن أن يكون هناك ما يدعى بصك التحكيم وهذا الصك يجب ان يحتوي على كافة الإجراءات وأسماء المحكمين ومكان ولغة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على النزاع وأمور أخرى ،أما في حال عدم وجود مثل هذا الصك فهنا لابد من الرجوع الى القضاء المختص لتحديد هذه الإجراءات) أو أحياناً يقوم بعض رواد الأعمال بإطلاق أسماء مبتكرة لشركاتهم، دون أن يقوموا بتضمين هذه الأسماء في عقود تأسيس هذه الشركات ودون تسجيل هذه الأسماء في السجل التجاري للشركات أو حتى باكتساب الحق بملكية العلامة التجارية عليها، ومن ثم يبرمون عقودهم بهذه الأسماء دون ذكر أسمائهم أو اسم الشركة الحقيقي القانوني، وعند نشوء النزاع وظهور الحاجة للجوء إلى القضاء، يجدون ومحاموهم صعوبة في إقامة الدعوى نظراً لعدم وجود أي شيء يثبت أن هذا التاجر أو شركته هو الطرف في العقد، فيطول أمد النزاع، ويبعد كثيراً أمل الوصول إلى الحق.(في حال وجود شركة بالمعنى القانوني فلا بد من ان تكون جميع المرسلات والتواقبع والمعاملات الاخرى باسم الشركة المسجل على السجل التجاري للشركة ).

ويقوم البعض أحياناً بالسير بأنفسهم بمعاملة تسجيل العلامة التجارية للمشروع، وكثيراً ما يختارون تسجيل العلامة على فئة مختلفة تماماً عن تلك التي يمارسون العمل التجاري ضمنها، فيفشل التسجيل القانوني في منحهم الحماية القانونية والحصرية المنشودة.(بالنسبة لتسجيل العلامات التجارية لايتم الا عن طريق الوكيل القانوني حصرا بحيث يمنع إن يقوم الشخص بمفرده تسجيل العلامات التجارية بمفرده)
إن استشارة القانوني المختص عند صياغة العقود وبدء العلاقة القانوينة، ولو بمسائل قد تبدو بديهية للوهلة الأولى، تجنب العديد من المفاجآت غير المتوقعة، التي تزيد من تعقيد وصعوبة حياة المشروع التجاري.
وأخيراً، لا بد من أن نذكر أن نجاح رائد الأعمال يكمن في استغلال الفرص وفي إدارة جميع الموارد المادية والبشرية بهدف إشباع الحاجة المكتشفة في السوق، ويحتاج نجاح المشروع إلى الاعتماد على مهارات واختصاصات أشخاص عديدين وموارد بشرية متعددة لتحقيق الهدف المنشود، إذ لا يمكن لرائد الأعمال أن يقوم بجميع الأعمال بنفسه، وإلا تحول إلى مهني أو حرفي يعتمد على نفسه فقط في أداء عمله، بخلاف صاحب الأعمال والذي يعتمد في نجاح عمله على قيامه بإدارة عمل الآخرين، لا القيام بالعمل بنفسه.

المصدر:   الدكتور عدنان برانبو، محامي ومستشار قانوني

www.entrepreneurslaw.com

المحامي: أنس منصور