يقوم نموذج عمل العديد من المشاريع التجارية على توزيع منتجات شركات أخرى، فهي لا تصنع منتجاً وإنما تقوم بتوزيع المنتجات المصنَّعة من قبل الغير إلى تجار التجزئة ومنهم إلى المستهلكين في الأسواق، سواءٌ أكانت هذه المنتجات مصنعة محلياً أو كانت أجنبية مستوردة.
ويتم تنظيم العلاقة بين المنتج والموزع من خلال عقد توزيع، يتم عادةً صياغته من قبل المنتج، حيث يكون في الغالب عقداً قياسياً يوقعه مع جميع الموزعين لمنتجاته في جميع الأقاليم، مع حق الموزع في التفاوض على بعض الشروط العقدية ليتم تعديلها بما يتناسب مع ظروفه ومصالحه.

ويمكن أن يكون عقد التوزيع حصرياً أو غير حصري. وعقد التوزيع الحصري يعطي الموزع الحق الوحيد في توزيع وبيع المنتجات في إقليم محدد، سواءٌ أكان هذا الإقليم منطقة جغرافية أو اقتصادية (الشرق الأوسط أو دول الخليج العربي أو الاتحاد الأوروبي مثلاً) أو دولة من الدول، أو حتى مدينة واحدة فقط ضمن دولة. ففي مثل هذا العقد يمتنع على المنتج أن يقوم ببيع المنتجات إلى أي موزع آخر، بخلاف عقد التوزيع غير الحصري، والذي يكون فيه المنتج حراً في البيع لأكثر من موزع.
غير أن عقد التوزيع الحصري أكبر تكلفة، نظراً لأنه يمنع المنتج من البيع في السوق بنفسه أو من خلال الآخرين إلا من خلال الموزع، فيجعله ذلك يسعى لإلزام الموزع بتحقيق مبيعات سنوية أو شهرية لا تقل عن رقم معين.
وعقد التوزيع يحقق منافع وفوائد لكل من المنتج والموزع، فالمنتج يمكنه زيادة مبيعاته من خلال توزيع منتجاته في أقاليم ودول أخرى قد لا يكون باستطاعته بنفسه البيع والتوزيع فيها. كما ويستفيد المنتج أيضاً من خبرة الموزع لكونه أعلم بالسوق المحلية وثقافة المستهلكين فيها. أما الموزع فيستطيع تحقيق مبيعات وحصة سوقية في وقت مبكر، مستفيداً من شهرة العلامة التجارية التي تحملها المنتجات.
ويسعى المنتج عادةً لإلزام الموزع بعدد من الالتزامات تجاهه خلال فترة العقد وأحياناً ما بعدها، ومن أهم هذه الالتزامات:
--الامتناع عن توزيع أو تصنيع منتجات منافسة للمنتجات المتفق على توزيعها.
--بذل كامل جهده للترويج للمنتجات وبيعها في الإقليم.
--تعيين موظفين أكفاء لتحقيق رقم المبيعات المتفق عليه.
--القيام بالإعلان عن المنتجات في وسائل الإعلان.
--الالتزام بالقوانين والأنظمة النافذة.
-- أما الموزع فيجب أن يسعى للتفاوض والحصول على عددٍ من الالتزامات من المنتج، ومن أهمها:
--تأمين وصول المنتجات إلى الموزع خلال الفترة الزمنية المتفق عليها من تاريخ تثبيت الطلب.
--الحصول على مساعدة المنتج في الإعلان عن المنتج والترويج له، وتأمين مواد إعلانية ودعائية.
--الحق في تمديد العقد عند انتهاء مدته نظراً لكون الموزع قد بذل جهداً ووقتاً ومالاً في سبيل ترويج المنتج والعلامة التجارية التي يحملها في السوق، فإذا تم إنهاء العقد خلال فترة زمنية قصيرة، فإن ذلك لن يسمح له باسترداد المال المستثمر في الترويج، ويجعل المنتج والموزع الجديد يستفيدان من ذلك دون مقابل.
--السعي للحصول على المنتج من خلال شروط دفع وتمويل ميسرة، حيث تبدأ العلاقة بين المنتج والموزع عادةً بأن يقوم الموزع بدفع ثمن المنتجات مسبقاً، ومن ثم مع سريان العلاقة ونشوء الثقة، يمكن للموزع أن يحصل من المنتج على ميزة تسديد ثمن البضاعة خلال فترة معينة من تاريخ استلامها، كشهر أو ستين يوم مثلاً.
التزام المنتج بتوريد منتجات صالحة ومطابقة للمواصفات المتفق عليها، والتزامه بتعويض الموزع في حال تضرر المستهلكين أو تعرض الموزع للملاحقة القانونية بنتيجة مخالفة المنتجات للمواصفات.
تحديد سعر المنتجات، والسعي لتثبيت هذا السعر وعدم حق المنتج في زيادته خلال فترة العقد.
ليست عقود توزيع المنتجات طريقاً مضموناً للنجاح والثراء دائماً، فهي تحتاج إلى تحضيرات وترتيبات تجعلها في بعض الأحيان شديدة الخطورة والتكلفة، إذ هي تتطلب بحثاً مكثفاً للتأكد من جودة المنتجات ووجود طلب عليها في الإقليم الذي سيتم التوزيع فيه، وإلا أدى عقد التوزيع إلى التزام الموزع بالشراء من المنتج، ومن ثم عجزه عن بيع المنتجات وتصريفها في الأسواق، مما يعرضه لخسارة مالية، فضلاً عن إمكانية تعرض لملاحقة قانونية وتشويه لسمعته في السوق إذا ما قام بتوزيع منتجات فاسدة ومضرة وذات جودة رديئة

المصدر:   الدكتور عدنان برانبو، محامي ومستشار قانوني

www.entrepreneurslaw.com