للعلامة التجارية أهميةٌ كبيرةٌ لأيِّ مشروعٍ تجاريٍ أو خدمي، وتبذل الشركات عادةً جهوداً كبيرة وتدفع أموالاً طائلة من أجل الدعاية والتسويق لعلامتها التجارية، ومحاولة ترسيخ سمعتها ومكانتها في أذهان المستهلكين، ورفع قيمتها في سوق العلامات التجارية، مما ينعكس إيجابياً على مبيعاتها. ولا بد بالتالي من أن تبذل الشركات جهوداً كبيرة للمحافظة على ملكية علاماتها وعلى سمعتها ومكانتها في الأسواق.

ينقضي الحق في ملكية العلامة التجارية لأسبابٍ عديدة، بعضها مرتبط بعدم قابليتها للحماية أساساً، حيث يتم إلغائها من قبل مسجل العلامات التجارية أو بموجب حكمٍ قضائي، وأخرى مرتبطة برغبة مالك العلامة الصريحة في التخلي عنها كتركها أو شطبها أو بيعها للغير، غير أن هنالك أفعالاً أخرى عفوية أو مواقف سلبية قد يتخذها مالك العلامة التجارية، ويمكن أن ينجم عنها انقضاء حقه في ملكيتها، من دون أن يدري بما سيترتب على تصرفاته من نتائج.

ضرورة الاستعمال
إذا كان القانون في العديد من الدول لا يشترط استعمال العلامة التجارية من أجل اكتساب الحق في ملكيتها وتسجيلها، غير أن استعمال هذه العلامة شرط في معظم القوانين للمحافظة على الملكية. ومن الواجب أن يكون هذا الاستعمال تجارياً، بأن توضع العلامة على البضائع والمنتجات أو أغلفتها، فضلاً عن وضعها على الإعلانات، ولا يكفي وضعها على أوراق الشركة وفواتيرها فقط. ولا بد من استعمال العلامة التجارية على جميع البضائع أو الخدمات التي تم تسجيلها عليها، وإلا أدَّى عدم الاستعمال إلى الإلغاء الجزئي للتسجيل بالنسبة لتلك البضائع أو الخدمات التي لم تستخدم العلامة عليها.
الاستعمال الصحيح
كثيرةٌ هي أسماء المنتجات التي كانت في يومٍ من الأيام علاماتٍ تجارية مملوكة لشركاتٍ معينة، كعلامة كلينكس (Klinex) وترموس (Thermos) على سبيل المثال، ولكن الشهرة الكبيرة للعلامة وذيوع صيتها، جعلها في نظر المستهلكين مرتبطة بالمنتج أكثر من ارتباطها بالشركة المنتجة له، فأصبحوا يطلقون على نوع معين من المنتجات اسم العلامة ذاتها، وهذا يؤدي إلى فقدان الحق قانوناً في ملكيتها، إذ أنها توقفت عن أداء وظيفتها في تمييز منتجات شركة معينة عن تلك المقدمة من المنافسين. ولا بد بالتالي من الحذر، وعدم استعمال العلامة التجارية كفعل أو اسم، والتأكيد على استعمالها كصفة ملحقة دائماً بنوع المنتج، ووضعها بخطٍ مختلف أو بين قوسين عند الكتابة عنها في الصحف والمجلات، وكثيرةٌ هي الشركات التي تضع أدلة توزعها على العامة تبين فيها كيفية الاستعمال الصحيح لعلاماتها التجارية.
اكتشاف الاعتداءات
من الواجب على مالك العلامة مراقبة استخدام الآخرين لها، وفيما إذا قام أحدهم بالاعتداء عليها ومحاولة احتذائها وتقليدها، وإرسال الإنذارات وإقامة الدعاوى للمطالبة بالتوقف عن الاعتداء عليها، إذ أن من شأن إهمال مالك العلامة القيام بذلك لفترة زمنية طويلة، أن يؤدي إلى اعتباره متنازلاً عن ملكية علامته.
رقابة الجودة
يستطيع مالكو العلامات المشهورة والمتميزة الحصول على موارد مالية إضافية من خلال الترخيص للآخرين باستعمالها، ولا بد بالتالي أن يراقبوا مدى التزام أولئك المرخص لهم بالمحافظة على جودة البضائع والمنتجات التي تحمل العلامة، إذ قد يتهاون المرخص لهم بذلك، فينتجون بضائع ذات جودةٍ أقل، مما يعطل أحد أهم وظائف العلامة التجارية وهو ضمان جودة المنتج، مما قد يعرِّض مالك العلامة التجارية إلى معاقبته بمنعه من الادعاء بملكيته لها وحقه الحصري باستعمالها، جزاءً لتضليل المستهلكين وخداعهم الناجم عن تقصيره في الرقابة على جودة المنتجات التي تحملها.
تجديد التسجيل
ولا بد أخيراً من أن تنتبه الشركات المالكة لعدد من العلامات التجارية المسجلة في عدد من دول العالم، من ضرورة وضع جدول زمني يحدد بشكل دقيق المواعيد التي يجب فيها تجديد تسجيل كلِّ علامة وفي كلِّ دولة، إذ أن انقضاء مدة التسجيل يجعل العلامة متاحةٍ للجميع لكي يتقدموا بطلبات لتسجيلها، وقد يسبق آخرون مالك العلامة في تسجيلها، فيتعين عليه حينها التوقف عن استعمالها لحين الاستحصال على حكم قضائي باسترجاع حقه فيها، ولا يخفى على أحدٍ ما لذلك من ضرر للعلامة ومالكها.
تستغرق عملية بناء قيمة العلامة التجارية وسمعتها جهداً كبيراً وزمناً طويلاً ونفقات ضخمة، ومن الواجب بذل الحرص اللازم، إذ لا ينبغي أن يغامر مالكها بخسارة ذلك كله، ليخسر حقه في ملكية علامته التجارية

المصدر:   الدكتور عدنان برانبو، محامي ومستشار قانوني

www.entrepreneurslaw.com