الرئيسية | اتصل بنا | اضف للمفضلة
 
tewitter facebook rss Fri May 17, 2024
 
       
 
   
   
 
 
 
 
 ليس لديك حساب-سجل هنا
  هل نسيت معلومات الدخول؟
 
 
الصفحة الرئيسية » ابدأ مشروعك »
دستور العائلة: وثيقة لا غنى عنها لكل شركة عائلية        

يعتبر التنبؤ المسبق بأسباب الخلاف والنزاع في الشركات العائلية ووضع الخطط والوسائل لتقليل احتمالات حدوثه، وكيفية استيعابه إذا كان لا مفر منه لتقليص آثاره السلبية على الشركات العائلية، أحد أهم وسائل إدارة المخاطر التي تضمن استمرار الشركات العائلية ونموها عبر الأجيال.
 وتتم هذه العملية بجلوس أفراد العائلة المالكة للشركة العائلية مع بعضهم البعض ومناقشة المسائل الخاصة بتنظيم العمل في الشركة والأسباب التي قد تؤدي للخلاف والفرقة بينهم، والتي تظهر بنتيجة اختلاف نظام الشركة (القائم على الاستحقاق والتنافس) عن نظام العائلة (القائم على المساواة والتراحم)، ومن ثم صياغة ما تم الاتفاق عليه في وثيقة تسمى بدستور العائلة.

في الواقع، ونظراً لكون هذه المسائل تتضمن أموراً عاطفية حساسة، فإن الكثير من الشركات تتجنب مناقشتها مسبقاً، وتترك أمر معالجتها لحين حصول الخلاف، مما يعني حله بسرعة وبتوتر كبير نظراً لكون الحل يعالج مسألة قائماً، بخلاف ما إذا كانت عملية وضع القاعدة تتعامل مع افتراضات ممكنة الحصول مستقبلاً، مما يزيد من احتمالات الفشل بحل النزاع نظراً لحساسية الطرح وتأثيره على مصالح بعض أفراد العائلة المتنازعين، فضلاً عن اختلاف الحلول للنزاع الواحد باختلاف الأطراف ووقت إثارة النزاع، مما يعزز مشاعر الفرقة والخلاف والتمييز ضمن الشركة العائلية، مع الآثار الانعكاسية السلبية لهذه المشاعر على العمل.
ما هو الدستور؟
دستور العائلة هو وثيقة تتضمن مجموعة من الأسس والقيم والقواعد والضوابط التي يتفق أفراد العائلة عليها بعد أن قاموا بصياغتها بأنفسهم، بالاستعانة بخبراء مختصين، ويتعهدون باحترامها والعمل بها وتنفيذها.
وللدستور بعد كبير يتجاوز مجرد وضع قواعد للالتزام بين أفراد العائلة، فهو يساعد على توفير قاسم مشترك من القيم والمبادئ بين أفراد العائلة تضبط علاقاتهم وتصرفاتهم فيما بينهم داخل نطاق العائلة والشركة العائلية. بل هو يتجاوز ذلك ليعمل على ضبط سلوكهم ونواياهم الشخصية ويضمن تغليبهم مصلحة العائلة والشركة على المصالح الشخصية.
ويوفر الدستور إطاراً مرجعياً متفق على احترامه للرجوع إليه عند رسم السياسات واتخاذ القرارات الاستراتيجية ذات التأثير العميق على مستقبل العائلة والشركة العائلية. كما أنه مصدر مشترك تستقى منه ثقافة وقيم وتصورات أبناء العائلة بما يحقق الانسجام فيما بين العائلة، وذلك بغرس مجموعة من القيم والعادات والتقاليد لدى أبناء العائلة تساعد على استقرار الشركة العائلية ونموها، وتساهم في منع الصراع والنزاع ومعالجته بيسر عند حدوثه، ومن هذه القيم: الاعتزاز بالانتساب للعائلة، الافتخار باستمداد القوة من العائلة، الاستمتاع بالود والألفة بين أفراد العائلة، الأمان من خلال الانتماء والارتباط، الانتفاع بالمشاركة والتعاون الكامل، التفاهم العائلي وحل الخلافات عائلياً.
ما الذي يتضمنه الدستور؟
لا يتعامل الدستور فقط مع قواعد العمل في الشركة، وإنما يعالج أيضاً أهداف العائلة ونظرتها للشركة وقيم أفرادها في التعامل مع بعضهم وفي ممارسة العمل. فهو يحدد الأهداف، من حيث اتفاق العائلة على استمرار الشركة، أو بيعها بعد عدد معين من السنين، أو رغبتهم بطرحها للاكتتاب العام. كما أنه يؤسس قنوات للتواصل، كوضع الهيكليات التي تسمح بالحوار بين أفراد العائلة، وتسمح باتخاذ القرارات بعقلانية بما يحافظ على مصالح الشركة ووحدة العائلة.
ومن اللازم أن يعالج الدستور أيضاً كيفية حل الخلافات والمنازعات في وجهات النظر. وأخيراً لا بد من تضمين الدستور قواعد العمل في الشركة، وخاصة فيما يتعلق بـ:
حوكمة الشركة: تشكيل مجلس الإدارة ودوره ووظائفه. حوكمة العائلة: توظيف أفراد العائلة، التعويضات والأجور، قيادة الشركة، خلافة الإدارة، وتعليم أفراد العائلة. وحوكمة الملكية: من يستحق ملكية حصة في الشركة، التنازل عن الحصص وانتقالها، التصويت، وتوزيع الأرباح.
يختلف دستور العائلة عن النظام الأساسي للشركات وعقود تأسيسها، وهما الوثيقتان القانونيتان المطلوبتان لتأسيس الشركات التجارية، إذ هو يتضمن قواعد أكثر اتساعاً وشمولاً، فهو ينظم مسائل تعتبر ذات طبيعة سرية لا ترغب العائلة أن يطلع الغير عليها، كما أنها يعالج قضايا حساسة عاطفية لا يمكن النص عليها في الأنظمة الرسمية.
آلية وضع الدستور:
ليست عملية وضع دستور العائلة بالعملية السهلة أبداً، فهي تتطلب عملاً مكثفاً يستغرق وقتاً طويلاً ونقاشات لمسائل ذات طبيعة شديدة الحساسية. وغالباً ما تتضمن عملية الصياغة عائقاً يتمثل في صعوبة التوصل إلى اتفاق جزئي على المسائل التي تنتهي عملية مناقشتها، إذ كثيراً ما يأبى أفراد العائلة إلا الاتفاق على جميع المسائل في وقت واحد، إذ أن الخلاف على أي نقطة قد يجنب التوافق على المسائل الأخرى.
وتتطلب العملية عادةً وجود خبراء مختصين للعمل مع الشركات العائلية، وليست مهمتهم وضع الدستور نيابةً عن أفراد العائلة، وإنما تسهيل مهمة التواصل وإدارة عملية وضع الدستور، لضمان نزع التوتر من النقاشات، والقيام بها بأسلوب منطقي وعلمي، بهدف التوصل إلى دستور سليم يحقق أهداف العائلة والشركة.
ليس الهدف من دستور العائلة فقط وضع قواعد مكتوبة، وإنما مجرد جلوس أفراد العائلة مع بعضها البعض والنقاش والاتفاق على المسائل الخاصة بالعائلة والشركة، مما يعني أن قيام الشركات العائلية بأخذ دساتير جاهزة من شركات أخرى ومحاولة تطبيقها في شركاتهم لن يؤدي الفوائد والمنافع المتوخاة من دستور العائلة.
ومن الواجب التعامل مع دستور العائلة على أنه وثيقة حية مرنة يمكن تعديل محتواها بتغير الظروف، وبتغير وجهات نظر ورؤى أفراد العائلة. ومن الممكن وضع آلية لإعادة دراسة الدستور ومناقشة قواعده بشكل دوري، كل أربع أو خمس سنوات مثلاً.
تتطلب عملية وضع دستور العائلة التزاماً ووعياً من أفراد العائلة، ورغبة في الحوار أملاً في التوصل لأرضية وحل مشترك حول قواعد حساسة ذات أهمية جوهرية للعائلة والشركة. غير أن لهذه الجهود المبذولة ما يبررها إذ للدستور أثر حيوي هام ينعكس إيجابياً على جو العمل في الشركة وعلى العلاقات في العائلة

 

المصدر:   الدكتور عدنان برانبو، محامي ومستشار قانوني

www.entrepreneurslaw.com




عودة للرئيسية
 
 
 
 
 
eSyria من نحن اتصل بنا اتفاقية استخدام الموقع جميع الحقوق محفوظة © 2011