قام عدد من الأساتذة في كلية الآداب مع طلبة الدراسات العليا فيها بزيارة إلى متحف قسطاكي الحمصي وبيته في حلب, وذلك بدعوة من حفيده قنصل إيطاليا في حلب السيد "جورج انطاكلي".
وقد اطلع الجميع على المكتبة الضخمة التي حوت مئات الكتب من أدب وسياسة واجتماع واقتصاد، واطلعوا كذلك على المخطوطات النادرة التي خلفها "قسطاكي الحمصي".
وتحولت هذه الزيارة إلى ما يشبه ورشة العمل فأخذ الحضور بتصفح الكتب والاطلاع على تلك المخطوطات النادرة وزيارة الأمكنة التي عاشها "الحمصي" في بيته وجلس فيها وكتب ما كتب من بحوث, وبدأ الحضور بأخذ الصور التذكارية مع ما خلفه "قسطاكي الحمصي", بينما بدأ بعض الحاضرين بتدوين ملاحظاتهم التوثيقية وتسجيلها على ورقة مستقلة للاستفادة منها لاحقا, وهذا ما فعله الأستاذ الدكتور "صلاح كزارة" أستاذ اللغويات في جامعة حلب الذي تحولت زيارته إلى هذا المتحف إلى زيارة بحث واطلاع وهو ما اشتهر عنه في أنه دائم البحث عن كل شيء في عالم الأدب والثقافة بل وحفظه وتوثيقه بدقة عالية, وهذا الأمر يشهد له به القاصي والداني من الجامعات السورية والعربية بل والأجنبية.
وعلى هامش هذه الزيارةeAleppo التقت الأستاذ الدكتور "صلاح كزارة" وسألته عن انطباعه فقال: "في هذه الزيارة لهذا البيت العريق ولهذه المكتبة أول ما وجدنا عبق التاريخ يطل علينا اليوم, فالآثار التي خلفها قسطاكي الحمصي أحد رواد النهضة الحديثة, هي آثار قيمة تنوعت بين كتب نادرة وبين مخطوطات يحتفظ بها, ومن أهمها الرسائل التي تبادلها مع الجنرال غورو يشكو فيها له من محاربته وأنه لم يسمح له بتأسيس أول حزب في سورية وهو الحزب السوري الحر, وقد قدم الحمصي أشياء كثيرة لوطنه, فهو أحد المتنورين المنورين في القرن التاسع عشر وحياته امتدت بين عامي (1858) وعام (1941) وفي هذه الفترة كانت حياته مليئة بالنشاط, وهو من الرواد الأوائل ويعد كتابه أول كتاب في النقد الأدبي, وهو كتاب منهل الوراد في علم الانتقاد الذي طبع عام (1907) في جزأين في القاهرة, ثم طبع الجزء الثالث في حلب عام (1935), ومعظم النقاد في العصر الحديث يجمعون على ريادة الحمصي في النقد, كما أنه تميز أيضا بالشعر وله ديوان مخطوط ما زال محفوظا في هذه المكتبة, يقع في ثلاثة مجلدات بالإضافة إلى الجزء الأول الذي نشر عام (1939) بعنوان:« مختارات من نظم قسطاكي الحمصي», كما أن له أناشيد من العهد القديم نشرت في الإسكندرية عام (1907) ثم أعادت نشرها مجلة كلمات في حلب عام (1973). فهذا الجانب من الشعر يعد قسطاكي رائدا فيه خاصة فيما سمي بشعر التفعيلة, ووجدت له في هذا الديوان قصائد موجهة إلى الشيخ إبراهيم اليازجي, فيها تنوع في القوافي والأوزان فيما سماه المرصع, وهو يعود إلى عام (1905), بينما حركات الريادة في شعر التفعلية ترقى إلى عام (1948) وكل يدعي السبق فيها مثل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة, لكن إذا نشر هذا المخطوط تبين للجميع أن الرائد الحقيقي هو قسطاكي الحمصي".