من وحي الطبيعة بكل بساطتها وتعقيداتها استمدت الفنانة التشكيلية "آريا عطي" صور ذكرياتها وجسدتها لوحات صامتة لكنها تنطق بالكثير بعنوان "بورتريهات ترابية" في صالة تشرين للفنون الجميلة. عن ذلك المعرض تحدثت الفنانة "آريا" لموقع eAleppo بالقول:
«35 لوحة تضمنها المعرض أظهرت فيها صور الأرض والرجل والمرأة والفتاة البسيطة، وكلها كانت عناوين لمجمل لوحاتي المعروضة، فوجه المزارع في إحدى اللوحات ظهر محملاً بالجهد الذي بذله في حقله وكانت امرأته قد اقتسمته بتجاعيد ظهرت على وجهها من زراعة وحصاد في آخر الموسم، وقد أسهبتُ في عرض تفاصيل الوجه من خلال نظرة العين وبروز الأنف، بالإضافة لذلك جسدت عناصر الذكاء من خلال صورة لإينشتاين والتي بدت بين لوحاتي».
القماش الخماسي هي الأرضية التي عملت عليها والإكريليكية والترابية هي ألوان لوحاتي لأن مادة الإكريليك تساهم في جفاف الألوان وتبرز ضربات اللوحات وبذلك عكست مبدأ الصراحة التي اعتمدتها في شخصيتي
الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها بدت واضحة على لوحاتها واثنتان منها كانت من صلب تجربتها الاجتماعية حيث أشارت إليها قائلة: «لقد تأثرت بالواقع الذي مررت به فكانت هناك لوحتين لتجربتي الاجتماعية حينما ظهرت من بين اللوحات فتاة في سن الثامنة وقد اعتنت بأخيها الصغير، وأما الباقي فلكل لوحة من ورائها قصة واقعية التقطها بصري واختزنتها ذاكرتي».
وعن الوقت الذي استغرقه التحضير للمعرض تقول: «استغرق العمل مني شهرين على التوالي، فأولى المراحل تكمن من خلال الإحساس الذي يلازمني وهي تلك الحالة التي تحدد مضمون لوحاتي، ولكن الشكل العام بدا حزيناً من خلال بروز الألوان القاتمة، فمراحل العمل تبدأ بتبني الفكرة المأخوذة من الواقع وبعدها أكوّن الحركات الملائمة للموضوع من ثم تأتي الألوان لتعبر ما في مضمونها وهذا عائد إلى طبيعة انفعالاتي».
واختتمت القول: «القماش الخماسي هي الأرضية التي عملت عليها والإكريليكية والترابية هي ألوان لوحاتي لأن مادة الإكريليك تساهم في جفاف الألوان وتبرز ضربات اللوحات وبذلك عكست مبدأ الصراحة التي اعتمدتها في شخصيتي».
جرأة لونية واضحة بدت على لوحاتها، تهدف من ورائها للوصول إلى القمة، كلمات تحدث بها الفنان التشكيلي "حنيف حمو" المدرس بمعهد التربية الفنية التشكيلية والذي تابع قائلاً: «رأيت فيها قوة لونية ورغبة بالوصول إلى القمة ما أثر على النوعية التي قدمتها في لوحاتها، واللون الانطباعي قد خيّم على عملها ولكنني رأيت بأنها قد انحرفت إلى التجريدي من خلال الأرضية التي عملت عليها فظهر وجوه لبشر وأخرى جسدتها في الخيول بأسلوب انطباعي تجريدي، فالتجريدي بشكل عام هو خلاصة المدراس الفنية وهو الناتج النهائي للفنون بأنواعها مابين الرومانس والتكعيبي والسريالي وغيره أيضاً».
واختتم قائلاً: «الصفة الغالبة هي البورتريه حينما ظهر شكل الإنسان كاملاً، فاللون القاتم اعطى لمسة حزينة ولكن قد مزجتها بالألوان المشرقة، واللافت بلوحاتها وجود الضربات اللونية التي استخدمتها قاصدة من ذلك اظهار الصورة بشكل قاسي وعنيف وهذا مما يدل على غليان نشأ في داخلها نتيجة حالة قد تأثرت بها».
الفنان التشكيلي "جبران هدايا" قال عن معرض الفنانة "آريا عطي": «شعرت من خلال رؤيتي للوحاتها بوجود شدة كامنة بداخلها استطاعت أن تسقط رغباتها الكامنة من خلال المدرسة التعبيرية فظهر فن لوني عجيب، حينما أقترب من اللوحات لا تبدو لي أية خطوط واضحة على أعمالها وحين الابتعاد تظهر كل الخطوط بوضوح وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن عجينة اللون حينما توضع بهذه الغزارة لا تلغي الشكل أبداً، كما أنها تحكمت بالضوء الذي خضع لرغباتها الداخلية، فكل بقعة ضوء تتراءى من خلفها ذاكرة قد احتشدت بوقائع اجتماعية».
وأضاف بالقول: «الأضواء ظهرت بشكل متوازن مع لمساتها بالفرشاة المنحية والملتوية وهذا كله أدى إلى وجود مناخ عمل صحي لديها، وأهم شيء بالنسبة لها هو الرجوع إلى الواقع بين الحين والآخر ليتثنى للذاكرة حمايتها من الغليان التي تشعر فيه من خلال بقع لونية أوقعتها على لوحاتها بسبب الاهتزازات والإنفعالات الموجودة عندها، صحيح ان الحزن قد غلب على لوحاتها ولكن كان الحب والنبل دافئين فيها، وهنا تكمن اهمية الفن للعمل على اظهار رغبة الفنان».
الفنان التشكيلي "سعد يكن" وصف لوحات الفنانة "آريا" بالعفوية والجريئة والتي اكتنزت بقوة الواقع والعنف الزائد واقتحام التكنيك وأضاف: «لوحاتها أدت إلى المباشرة التقنية ما يعمل على إضعاف لوحاتها، ولكنها تستطيع أن ترسم بأفق كبير بشرط التخلي عن الأسلوب المباشر في التعبير، لأن عزوفها عن التكنيك يعطيها وبمرور الوقت قوة أكثر للمواضيع القادمة».