يتهافت الحلبيون بداية أول ثلاثاء من كل شهر إلى مديرية الثقافة بحلب لحضور حفل موسيقي للفنان "عبد القادر أصلي". ورغم أن "حلب" مشهورة منذ القدم بفنانيها الذي يقدمون القدود والموشحات الحلبية، إلا إنه لـ"عبد القادر الأصلي" مكانة خاصة لدى جمهوره الذي لم يقتصر على الحلبيين فقط، وإنما شمل أبناء المحافظات الأخرى ممن يقيمون في "حلب" الشهباء.
ويفسر العديد من الحلبيين سر إقبالهم على "الثلاثاء الأصلي"، نسبة إلى الفنان "عبد القادر أصلي" وكذلك كناية بالفن الأصيل الذي يقدمه، إلى توفر الجو الدافئ الذي يجمع في طياته كل مشاعر المحبة والألفة" والصوت الحنون والأصيل الذي يخبئ في ثناياه تاريخ القدود الحلبية" على حد تعبير "عمر عمقي"، من المواظبين على حضور حفل الفنان "عبد القادر". ويرى آخرون أن مجانية الحفلة تشكل سبب رئيسي لإقبال الناس إليها "تكاليف الحياة لا تسمح لنا بحضور حفلات مدفوعة، غير أن تميز الفنان أصلي ومجانية حفلته جعلتنا نعيد الثقة بالمسرح الغنائي الذي انطفأت شعلته لفترة طويلة" على حد تعبير "بريجيت رياشي"، من الحضور.
كأنه بات عادة متأصلة بنا نستذكرها أتوماتيكياً ونتهافت لنقوم بها، أي أقصد لسماع أغاني طربية نسيها التلفزيون والراديو
رغم أنه لم يمر على عمر "الثلاثاء الأصلي" سوى سنتين ونصف، إلا أنه استطاع الاحتفاظ بنسبة جماهرية كبيرة تنتظر قدومه كل شهر وتستذكره من دون إعلانات الجرائد والتلفزيون «كأنه بات عادة متأصلة بنا نستذكرها أتوماتيكياً ونتهافت لنقوم بها، أي أقصد لسماع أغاني طربية نسيها التلفزيون والراديو»، على حد تعبير "ديمه حج مصطفى"، الطالبة في قسم التاريخ.
وتعتبر معظم الأغاني الخاصة "بالثلاثاء الأصيل" أغاني طربية قديمة، أي تحتوي على القدود والموشحات والأدوار وكل ما له علاقة باللون الطربي القديم فتضيف: «أحياناً نسمع أغاني للشيخ زكريا ونور الهدى وصالح عبد الحي، ونتفاجأ بقدرة الفنان أصلي على نبشها من الذاكرة وتجديدها بصوته مع بقاء اللحن والكلمات ذاتها».
وعن كيفية اختيار الأغاني الخاصة "بالثلاثاء الأصيل" يقول الفنان "عبد القادر أصلي"، في حديث خاص بموقع eAleppo: «أحيان كثيرة أستعين بأصدقاء من مصر ودول عربية أخرى من أجل تزويدي بسيديات لفنانين طربيين قدماء كونه لا يتوفر لهم كاسيتات وسيديات هنا في سورية. أحياناً أقم بتأدية أغاني طربية حديثة لكن شرط أن تملك مقومات موسيقية جيدة من لحن وكلام ذو معنى».
بالإضافة إلى تقديم الطرب الأصيل في "الثلاثاء الأصلي"، يقوم الفنان "عبد القادر" بتقديم قصائد جديدة له منها مثلاً "كم شكى القلب اغترابا"، وفي هذا السياق يقول: «لقد وعدت جمهوري بإن أقدم له بداية كل شهر أغنية جديدة من ألحاني، كعربون شكر للجمهور ولكل من آمن بالثلاثاء الأصلي وواظب على حضوره». وعن فكرة "الثلاثاء الأصلي" يقول الفنان "عبد القادر": «كانت "حلب "تفتقر للمسرح الغنائي وقد بقيت لفترة طويلة بدون مسرح، إلى إن تم التنسيق مع الأستاذ كامل قطان بهدف إنعاش هذا المسرح من خلال "الثلاثاء الأصلي».
هذا ويؤدي الفنان أصلي عدداً من الفقرات الغنائية والموسيقية، تتضمن أغاني لكبار المطربين مثل: عبد الوهاب، وأم كلثوم، إضافةً إلى القدود الحلبية، والموشحات الأندلسية، والطرب الحلبي الأصيل، والأغاني المعبرة عن التراث الفلكلوري، والأغاني الوطنية والقومية لأشهر فناني هذه الأغنية أمثال مرسيل خليفة وجوليا بطرس وآخرين.
ومن الجدير ذكره أنّ الفنان "عبد القادر أصلي" من مواليد "حلب"، وهو عضو نقابة الفنانين، وجمعية العاديات، ونادي شباب العروبة والتمثيل العربي بحلب. ويعدّ أصلي من المطربين المهتمين بتأدية الأغاني التراثية. شارك في عدد من الفعاليات الثقافية منها: احتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، واحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، ومهرجان ربيع إدلب، ومهرجان بصرى، والدوحة عاصمة الثقافة العربية، إضافة إلى تأديته العديد من الحفلات في الأردن وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا وغيرها.