عندما تتحد رؤية الفنان وتتلاقى هواجسه الداخلية تكمن حالة إبداع، فلكل فنان رؤية جمالية خاصة في الطرح الذي يطرحه، فمن خلاله تتحد قواه الداخلية ليطلق رسالة يتناول فيها محور الفن الذي آمن به وبالحالة التي تأثر بها.
"تيسير قواف" فنان برؤى عاطفية، جسد المرأة وبعدة أشكال تناول فيها جسد المرأة وتكوينها الجمالي في المعرض الذي أقيم في صالة "قواف" السبت 23/10/2010، ضم المعرض /76/ لوحة، جسد ما يزيد على نصفها مجسمات نحتية وخشبيات إضافة إلى الرسم على حجر البازلت وتشكيل المقاعد والطاولات النحتية، حيث برز شكل المرأة في أغلب اللوحات فشكل عنصراً جمالياً عبّر فيه عن حالة إنساني.
إن تفعيل اللون البرونزي على الخشب هي فكرة جيدة وخصوصاً في حال تعتيقها وإعطاء الخشب حساسية عالية، والكثير من الفنانين أدخلوا هذه الميزة على الخشب ولكن الفنان "تيسير" قد تميز وتخصّص في هذا المجال
الفنّان "قواف" تحدث لـموقع eAleppo عن اللوحات المعروضة قائلاً: «إن اللوحات في مضمونها صبغت تكويناتها بالطابع التعبيري حينما ظهرت المرأة منتصبة على الخشب أو جالسة على أريكة، بحيث شكلت العنصر الرئيس في لوحاتي، حيث صورتها وكأنها شجرة وأظهرت بعضا من تفاصيلها كاليدين وغير ذلك، وقد اخترت عنصر المرأة لكونها تعتبر أم الدنيا في الحضارات التي مرت سابقاً حيث أخذت اللوحات عدداً من حالات الفرح والرقص والتناغم حينما تمايلت المرأة وبوضعيات تعبيرية».
وعن المدة الزمنية التي استغرقها التجهيز للمعرض أشار بالقول: «ثلاث أو أربع سنوات وبلوحات جديدة حيث طغى عليها الألوان الإكريليكية، إضافة إلى المنحوتات التي قدمتها فهي ترمز لشكل معين جسدت فيها حالة تشكيلية تكوينية، إلى جانب ذلك هناك ألوان خاصة استخدمتها بالخشب ومواد أخرى».
لكل فنان رسالة خاصة يهدف من خلالها لطرح فكرة عمله التي قدمها وعن هذا بيّن بالقول: «إن رسالتي تعبير عن جمال المرأة ولكنها مضبوطة بضوابط فنية كالتكوين والألوان وغيرها، فطرحها غريب في بعض الأحيان على عكس بقية الفنانين الذين تناولوا المرأة وبأشكال مختلفة، حيث إن الهدف الذي سعيت من ورائه هو هدف معنوي وليس ماديا عبرت فيه عن ذاتي لإيصال فكرة معينة عن مفهومي للمرأة».
تميز المعرض بغلبة اللون الرمادي على اللوحات وعن سبب كثافة هذا اللون أضاف: «يعود إلى تعاملي مع الخشبيات الشبيهة بلون بشرة الإنسان، مستخدماً معها ألوان مختلفة لكي تعطي ألواناً عديدة، حيث عمدت في الرسم إلى استخدام الفرشاة بدلاً من السكين لسهولة التعامل معها، وفي هذا المعرض مزجت بين الفن والتصميم وقد أخذت أشكالاً وأحجاماً مختلفة ما بين القطع الصغير والمتوسط الكبير بحيث تناسب جميع الأماكن التي سوف توضع فيها من المنزل».
لكل فنان طريقة في الرسم فإما أن يتخيل المشهد الذي يرسمه وتأخذه ريشته إلى آفاق أخرى أو يلتزم بما هو قد تأثر به، وعن خصوصيته في الرسم ختم "قوّاف" قائلاً: «إن الحالة التي أرسمها موجودة في الحقيقة ولكن حينما أرسم أبدأ بفكرة معينة ثم أدع ريشتي تنزلق وبيسر على اللوحة لكي تشكل في النهاية شكلاً فنياً غير الذي ارتضيته من قبل على عكس بقية الفنانين الذين يتقيدون بشكل معين قد تأثروا به وبشكل مسبق».
ومن بين النحاتين الفنان "بشار برازي" ممن أعجبوا بمنحوتات المعرض حيث أعجبته فكرة الخشبيات الملونة بلون البرونز وحول هذه الفكرة أشار: «إن تفعيل اللون البرونزي على الخشب هي فكرة جيدة وخصوصاً في حال تعتيقها وإعطاء الخشب حساسية عالية، والكثير من الفنانين أدخلوا هذه الميزة على الخشب ولكن الفنان "تيسير" قد تميز وتخصّص في هذا المجال».
وأضاف: «لقد قطع "قواف" أشواطاً كبيرة في مجال النحت، وكثّف عمله حينما جسّد شكل الكرسي والطاولة الخشبية في منحوتاته، بحيث أعطت إحساسا قديماً وبنفس الوقت شكّلت جمالية معينة، وهو مكسب لفن النحت في "حلب" وأعتبره من الفنانين المجتهدين، من ناحية البحث المتجدد».
وعن اللوحات وتركيزه على جمالية المرأة فيها ختم بالقول: «موضوع المرأة لا ينتهي أبداً بين الفنانين لأنها محور الحياة وتشكل عنصراً جمالياً وثنائياً لدى الفرد، فمن خلالها يتم الطرح لرؤية جمالية، حيث استخدم في اللوحات تقنية جديدة ورموز قديمة ترجع إلى أربعة آلاف عام لكي يحضرها إلى ذاكرتنا، وركز أيضاًَ على استخدم الألوان الرمادية والبيضاء والسوداء في معظم لوحاته لأنها تعطي وحياً من أوقات الليل والنهار».
الفنّان "جبران هدايا" عبر عن أعمال الفنان "قوّاف" بأنها تمتلك حساً فنيا مميزاً عن هذا قال: «هو متعدد المواهب وقد عمل وبشكل جيد في مجال التصوير الزيتي، مال فيه إلى الألوان الغامقة وخصوصاً اللون الرمادي لكونها ألوان حيادية دون أن تنتسب إلى الحارة أو الباردة، ولكن المميز في معرضه بأنه تتطرق إلى الخصوصية التي تعطيه شكلاً فريداً والتي تميزه عن بقية الفنانين من خلال تقديم عمل فني بصري تجريدي».
وعن فن الديكور الذي مزجه بلوحاته ختم رأيه بالقول: «لقد قام بتأطير لوحاته بطريقة فريدة وجعل مادتها من الحديد وابتعد كل البعد عن التكرارية في التأطير، كالتي نشهدها عند بقية الفنانين وهذا يدل بأن فن الديكور كان حاضراً في لوحاته ومن المفيد أيضا أن يكون هناك تغير في النموذج الذي ألفناه ما يعطي شكلاً فنياً جديداً».
الجدير بالذكر أن الفنان "تيسير قوّاف" من مواليد "حلب" 1953، عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين، أعماله مقتناة داخل وخارج سورية وهذا المعرض هو الثامن من بين المعارض الفردية التي قدمها حيث شارك في العديد من المعارض الجماعية وله العديد من اللوحات الزيتية والنحتية والتصميم الداخلي.