«التصوير الفني لا يكون بمجرد الضغط على أزرار الكاميرا فتلك الآلة الجامدة مهما كنت متطوّرة تحتاج إلى من يبث فيها الروح الفنية، ويقوم بتلك المهمة الفنان الذي له الدور الأساسي في الحصول على تشكيل جمالي فني يثير مشاعر المتلقي لأنّه يملك رؤية فنية خاصّة يمزج من خلالها بين أحاسيسه والواقع عبر سلسلة من أعمال مدروسة الهدف والتنفيذ للوصول إلى أعماق المشاهد».
هذا ما قاله الفنان الضوئي "عبدو ليلاف" وذلك في معرض رده على سؤال من موقع eSyria يتعلق بالفرق بين المصوّر والفنان، وتابع متحدثاً عن بدايات تعلقه بهذا النوع من الفن: «حينها كنت في السادسة عشر من عمري حيث مررت أمام إحدى محلات التصوير في مدينة "عفرين" فشدتني صورة كانت معلقة على واجهتها الزجاجية، هي صورة الشيخ "علي" أحد الشيوخ الإيزيديين في منطقة "عفرين"، حينها فكرت في نفسي أنّ لهذه المهنة فائدة عظيمة حيث توثق للشخصيات حتى بعد وفاتها، هذه الفكرة جعلتني أتعلّق بالتصوير الضوئي كمهنة في البداية».
الفنان يحتاج إلى كل دعم ومساعدة وخاصّةً من المهتمين بالفن وذلك من خلال رعاية المعارض الفنية وشراء اللوحات، ولكن أقوله وبكل أسف أنّ مجتمعنا ما زال بعيداً عن هذا الموضوع وذلك يخلق ضغطاً مادياً كبيراً على الفنان
«بعد تلك الحادثة التي أسست لحياتي الفنية طلبت من الأستاذ والفنان الضوئي السوري المشهور "يوسف حسين" صاحب استوديو /23/ في مدينة "عفرين" أن أعمل عنده فوافق على طلبي وعملت معه لمدة سبع سنوات استفدت خلالها كثيراً من خبرته الفنية الواسعة وتوجيهاته المتعلقة بفن التصوير الضوئي وفي تلك الفترة بدأت تظهر لدي الميول الفنية والتي تتعلق بالتقاط الصور من خلال بث مشاعري وأحاسيسي فيها، وما زلت أتذكر أول صورة التقطتها لمدينة "عفرين" ليلاً وهي ما زالت محفوظة في أرشيفي وكيف أنّ الفنان والناقد الشهير "صلاح الدين محمد" حينما زار الفنان "يوسف حسين" في "عفرين" ورأى تلك الصورة ضرب على كتفي مبدياً إعجابه بها وقد منحتني تلك اللحظات دفعاً معنوياً كبيراً لمتابعة العمل في مهنة التصوير الضوئي بشكل فني».
«وفي المرحلة التالية -والكلام ما زال له-فتحت محلاً للتصوير في ناحية "المعبطلي" وقد شكلت تلك المرحلة انعطافاً كبيراً في حياتي الفنية حيث تعرّفت على الصحفي "إبراهيم إبراهيم" وهو من نفس المدينة فعرفني على الوسط الفني في مدينة "حلب" ومنهم الفنان المشهور "نديم آدو" الذي دعمني كثيراً في مجال إقامة المعارض الفنية حيث كان يقيّم لوحاتي ويفرز تلك التي تستحق أن تُعرض في الصالات».
«لقد شاركت في إقامة العديد من المعارض الفنية في "سورية" وخارجها وهي: معرضين في صالة "الأسد" -"حلب" /1998-2000/، معرض في المنتدى الثقافي العراقي -"دمشق" /2001/، معرض في معهد الفنون التطبيقية -"حلب" /2002/، المشاركة في مهرجان المصوّرين الصحفيين في "هولندة" ولدورتين /2003- 2004/، المشاركة في مهرجان الثقافة والتراث -"دمشق" /2004/، المشاركة في مهرجان "عمان" العربي الرابع -"الأردن" /2005/، معرض الجبل الأول في المركز الثقافي العربي في مدينة "جنديرس" /2005/، معرض في المركز الثقافي العربي في "الرقة" /2006/، معرض في نادي التصوير الضوئي في صالة "تشرين" -"حلب" /2007/، وأخيراً معرض في المركز الثقافي العربي في مدينة "عفرين" في العام /2008/».
وتابع الفنان "ليلاف" متحدثاً عن المواضيع التي يركّز عليها في أعماله الفنية: «المواضيع التي تثيرني في أغلبها هي مواضيع إنسانية واجتماعية مثل شقاء المرأة الريفية وقساوة الزمن على الرجال، كما أجوب في ريفنا الجميل بحثاً عن اللقطة الجميلة التي توثّق لفلكور منطقة "عفرين" وتراثها، لأنني أعتقد أنّ حماية التراث الشعبي من الضياع والاندثار هي إحدى المهمات الأساسية للفنان الضوئي».
كما قال: «الفنان الضوئي يركّز أثناء التقاط الصورة على معايير محددة ومحسوبة مثل الظل والبعد والإضاءة والزاوية والتوقيت ونجاحه في ذلك يعني نجاح اللقطة الفنية، بينما المصوّر العادي يصوّر في بعض الأحيان صورة معينة تكون رائعة وناجحة بكل المقاييس الفنية ولكن ذلك يتم بطريقة الصدفة لأنه قد لا يعي القيمة الفنية لما التقطته عدسته، بمعنى أنّ الفنان يلتقط الصورة بأحاسيسه بينما المصوّر فيلتقطها بعينه والفرق شاسع بين الحالتين».
وحول طموحاته الفنية قال: «أطمح إلى التوسّع أكثر في المجال الفني فأمنيتي هي العمل على دمج الفن التشكيلي ضمن الصورة الفوتوغرافية بحيث تكون ريشتي هي الكاميرا، كما أتمنى من المهتمين بالفن والثقافة في منطقة "عفرين" إيلاء الفن اهتماماً أكبر لأنّ ذلك سيساهم في دفع الفنان معنوياً نحو التقدم والتطور في عمله».
وختم بالقول: «يُعتبر المورد المادي مهماً للغاية بالنسبة للفنان الضوئي لأنّه يحتاج إلى كاميرا ذات تقنيات عالية وإلى مال يساعده على البحث في الريف عن اللقطات الفنية التي توثّق وتؤرشف التراث والفلكلور الشعبي والمناظر الطبيعية والآثار التي تساهم في الترويج السياحي للمنطقة والبلد عموماً، وأنا شخصياً أموّل عملي في التصوير الضوئي وإقامة معارضي الفنية من خلال عملي في محل التصوير الذي أملكه».
«الفنان يحتاج إلى كل دعم ومساعدة وخاصّةً من المهتمين بالفن وذلك من خلال رعاية المعارض الفنية وشراء اللوحات، ولكن أقوله وبكل أسف أنّ مجتمعنا ما زال بعيداً عن هذا الموضوع وذلك يخلق ضغطاً مادياً كبيراً على الفنان».
يُذكر أنّ الفنان الضوئي "عبدو ليلاف" هو من مواليد "عفرين" في العام /1973/ وعضو في نادي التصوير الضوئي في "سورية" منذ العام /1997/ يطلق عليه أهل منطقة "عفرين" اسماً فنياً هو "عبدو ليلاف" بينما اسمه الحقيقي هو "عبد الرحمن محمد".