منذ نعومة أظفاره تشكلت لدى الفنان "محمد قره دامور" موهبة فنية جعلته يدخل عالم الفن ويضع ريشته على أول الطريق ويبحر في عالم امتزجت فيه الألوان مع عالمه الاجتماعي فبادر للمزج بين أحلامه وواقعه لينتج منهما نتاجاً فنياً يدخل الناس إلى صميم واقعه.
eAleppo حاور الفنان "محمد قره دامور" ليكشف عن صميم تجربته الفنية وكيف تحولت إلى عشق يدور بين كنفات مرسمه ليظهر من خلاله خطوطاً قد آمن بها ولتعبر عن ثقافة ماضية تراكمت بين أفكاره.
** بدأت أتحسس الفن حينما كنت بالمرحلة الابتدائية عندما حاكيت عبر رسوماتي أعمالاً فنية عالمية مثل "الكعبة" والطفل الباكي، وكان مدرّس المادة الفنية له الأثر الكبير في حياتي حينما اغنى تجربتي الفنية من إرشادات وضعتني على أول الطرق الفنية، في عام 1979 بدأت ميولي تتجه نحو الخطوط العربية الفنية وكان الأستاذ "إبراهيم الرفاعي" قد قدم لي الكثير من الدروس الفنية عندما كنت طالباً في مركز الفنون التطبيقية لكي أكمل بعدها الثانوية وادخل عالم النحاس لأصنع لوحات نحاسية وأختاما وكليشهات، لكنها لم تشكل لي عائقاً في طريق تحصيلي العلمي بالمعهد الهندسي، ومن بعد انتهائي من خدمة العلم بدأ طريقي الفني بشكله التطبيقي وقدمت اعمالاً تخطيت فيها الرسم على الزجاج لكي أرسم على خلف الزجاج، وبعد مسيرة عمل فني قدمت أول معرض تعبيري فردي مال نحو التجريد في مديرية الثقافة عام /2006/.
** هي هوايتي المفضلة ولكنني عندما أتقنت أسس الرسم أحببت أن أطبقها على تلك الهواية وإلى جانب ذلك تأثرت بالفنان "سعيد طه" من خلال أعماله الفنية فاتجهت ميولي بكاملها نحو فن الحروفيات وقدمت العديد من المشاركات الجماعية في هذا المجال وقد بلغت 25 معرضا جماعيا اضافة للمعارض الخارجية في مدينة دبي عام 2007 ، 2010.
** إلى حد صقل الموهبة فقط لكنه لايصنع فناناً فالكثير من الموهوبين كانوا متفوقين أكثر من الأكاديميين أنفسهم لأن الموهبة هي أساس الفن لكونها المحرك الأساسي في العملية الفنية وعن طريقها يطلع الناس على أفكار الفنان وأحساسيه.
** من خلال تقنية اللون والفراغ يتم مزج الحرف العربي الكلاسيكي باللوحة التشكيلية فأحافظ فيها على شكل وقواعد الحرف وتأقلمه مع اللوحة لكن هناك بضعة تجاوزات تحدث مع الخط الديواني كالانحناءات والالتواءات فتساعد على اظهار جمالية اللوحة الفنية، فحينما استخدم خطي "الرقعة" و"الثلث" يضعفا جمالية اللوحة، لكن خطي الفارسي والديواني لهما من الجمالية الخاصة على اللوحة، وبرأيي أن الخط الديواني من أنسب الخطوط التي اعتمدت عليها إلى جانب اعتمادي على اللون الخفيف الغرافيكي والسماكات المعينة لإظهار الحرف وتباينه ما أعطى الشكل صورة خاصة.
** حينما لجات إلى التجريد الحروفي كان هناك العديد من العبارات التي احتوت على مضمون معين لكن صريح العبارة استخدمتها في الآية القرآنية وفي الحديث الشريف وتستخدم أيضاً في قصائد الشعر، وبرأيي فإن مدرسة المزج التجريدي هي الأنسب في فن الحروفيات لأنها تحتوي على تداخلات تجعل من الحرف شكلاً مميزاً عن باقي الأجزاء والذي يعتبر المكون الرئيسي في اللوحة.
** في معظمها تأتي نتيجة لتراكمات وخبرة واطلاع الفنان على تجارب الآخرين ومن واقعه الاجتماعي الذي يعيش فيه وهذا لا يأتي بين ليلة وأخرى فجهد الفنان وهاجسه يلعبان دوراً كبيراً في عملية تحديد مضمون اللوحة ذاتها، والبعض الآخر ليس من الواقع لأن الخط العربي هو حضارة وثقافة استقيه من التراث نفسه ومن تطور الخط الفارسي إلى الأندلسي تلك المرحلة تشكل مضموناً جيداً في اغناء لوحاتي الفنية.
** إن اللونين "البني" و"الكيوي" لهما حس غرافيكي يجعلاني أستخدمهما كثيراً في أغلب لوحاتي ما يعطيني التنوع في رسوماتي لأنهما مستمدان من ألوان الطبيعة ذاتها فأستشعر من خلالهما الحيوية والنشاط إلى جانب استخدامي للألوان أخرى وهذا ما يجب على الفنان أن يقوم به بين الحين والآخر لكيلا يصل الفنان إلى الرتابة والملل فلابد من التجديد والتنويع في عمله.
** حينما تحضر الفكرة يكون العمل قد انجز نصفه لكن بعض الأحيان تتولد الفكرة من خلال أساس اللوحة ذاتها الذي عملت على إنشائها ومن ثم اتابع عمل اللوحة ولكنني في بعض الأحيان أرجع إلى أساس اللوحة لكي أعدّل فيها وبما يناسب تكوين اللوحة ذاتها، وهذا تابع للفنان نفسه ولتقنيته الخاصة التي يعمل بها.
** لضرورة الاستمرارية في العمل فإنني احتاج دوماً إلى التغيير ولكن ثمة عوامل معينة ألجأ فيها إلى التكرار فاحياناً أُدخِل اللون مباشرة وأحياناً أُدخِل السماكة أولاً وعلى حسب الحالة التي أمر فيها لكن ما يهمني في النهاية هو الوصول إلى الغاية المرجوة منها فمثلاً وفي بعض اللوحات أهتم بالتجديد اللوني من خلال ادخال اللون الذهبي وبشكل خفيف ومنفرد عن باقي الألوان السابقة واحياناً اركز فيها على الأحرف التي تأخذ انحناءات معينة مثل حرفي "ح"،"م".
** ثمة عوامل عديدة ساهمت في ركودها ومن بينها العوامل الاقتصادية التي شغلت العديد من الفنانين في المتابعة الحثيثة للفن والبعض الآخر عزوف الناس عن الاهتمام بهذا الفن لعدم قدرتهم على اقتناء اللوحات لكن ما يترتب على الفنان المتابعة ولو بالجهد اليسير لكي يستمر في العطاء في ادنى درجاته ورغم العوامل الاقتصادية التي نمر فيها إلا أنني ما ازال في مرسمي اتابع حركة الفن فيه.
والجدير بالذكر أن الفنان "محمد قره دامور" من مواليد حلب 1964 درس الخط العربي بمركز الفنون التطبيقية عام 1979 له العديد من المعارض ومن ضمنها عام 2006 بمناسبة حلب عاصمة الثقافة الإسلامية ومعرض فردي بعنوان "حروف عربية" 2008 بصالة الخانجي- حلب، ومعرض مشترك باللوحة الصغيرة، 2006 – 2007 - 2008 صالة الخانجي حلب.