بعد سلسلة من المعارض الفنية الجماعية داخل "سورية" وخارجها يقدم الفنان التشكيلي الشاب "عبد اللطيف الجيمو" معرضه الفردي الأول الذي افتتح في صالة "كلمات" للفنون الجميلة بحلب مساء الأحد 20 آذار 2011م.
تشكل البيئة الريفية وعناصرها ومفرداتها الحاضن الأول لجملة اللوحات التي يقدمها الفنان "عبد اللطيف الجيمو" من خلال هذا المعرض، فحاول من خلال لوحاته استذكار حالة الطفولة وما يحيط بها من أفكار وأحلام الطفولة ويومياتها التي عاشها في مدينة "جرابلس" الريفية التي تتربع على ضفاف نهر الفرات.
الفنان التشكيلي الذي يستطيع رسم اللوحة الكبيرة لا بد أن تكون لديه شجاعة للوقوف أمام اللوحة الكبيرة، الكبيرة تسمح له باستخدام ألوان حتى لو خرجت عن مايراه، لكن الصغيرة بحاجة إلى دقة وتركيز اكثر، ورأيته شجاعا في هذه اللوحات. ومن جهة اخرى بعض الأشخاص ليس لديهم استيعاب المساحة الكبيرة فاللوحة الصغيرة تتيح لهم تذوق الفن
فجعل الفنان "الجيمو" من اللون الأحمر الدافئ الذي ينقل له كل تلك الذكريات ويمزجها بإبداعه الفني لتتحول إلى عمل تشكيلي يوازن بين ذكريات الفنان وتطلعاته الابداعية.
وفي لقاء لموقع eAlepoo مع الفنان "الجيمو" تحدث عن معرضه قائلاً: «يضم معرض اليوم قرابة 20 لوحة فنية أغلبها من الحجم الكبير وبعضها من الأحجام الصغيرة، وهذا هو معرضي الفردي الأول الذي يأتي بعد سلسلة من المعارض الجماعية التي قدمتها مع فنانين آخرين، ودائما المعرض الأول لأي فنان يحمله مسؤولية كبيرة لأن الفنان سيحاول من خلاله ان يقدم نفسه بالشكل الصحيح باحثا عن تفرده الفني الذي يميزه عن غيره. فكنت كثير الحذر في التحضير للمعرض من خلال اختيار اللوحات».
يشكل هذا المعرض مساحة للبوح النفسي عن أحلام الطفولة وذكرياته التي لا يستطيع أي إنسان الانعزال عنها أو نسيانه وخصوصا وهو في عمر الشباب الذي لم يبتعد عنها زمنيا، وهذا ما جعله الفنان منطلقا لتقديم لوحاته، فقال عن ذلك: «عشت طفولتي وسنين عمري الأولى في مدينة جرابلس المتربعة على ضفاف "نهر الفرات" أما آخر سبع سنوات فعشتها في "دمشق" وفيها رسمت هذا اللوحات. من يعيش طفولته على ضفاف الفرات لا بد ان يكون على لقاء يومي بهذا النهر الجميل والذي كنا نسبح فيه ونذهب لاصطياد السمك ونحن نلعب ونمرح. اما في البيت فهناك البساطة الريفية والبسط الحمراء. كل هذه المفردات تجتمع في ذاكرتي وتمتزج مع أحلامي وتطلعاتي، فكانت العنصر الأبرز في هذه اللوحات».
تغلب على الأعمال المعروضة الأحجام الكبيرة التي تحمل مساحات لونية لا بأس بها، وبالمقابل تتواجد بعض اللوحات الصغيرة، وهذا ما يشكل انتقال حجميا في مساحة اللوحات ما يتطلب تركيزا ومنهجا خاصا في استخدام الألوان، وحين سألنا الفنان "الجيمو" عن هذا الانتقال في الأحجام، قال: «يعود ذلك إلى الحرية التي أريدها، فأحيانا يشعر الفنان انه بحاجة إلى مساحة أكبر للتعبير عن الزخم وثقافة المفردات، فيلجأ إلى اللوحة الكبير التي يجد فيها تلك المساحة من الحرية في استخدام اللون.
أما اللوحة الصغيرة فهي التي تشعرني بالمتعة أكثر وهي بحاجة إلى التدقيق والتركيز. إذاً فالحاجة للحرية هي التي تدفعني لاختيار حجم اللوحة».
وعن المساحات الكبيرة التي يشغلها اللون الأحمر في لوحاته قال الفنان "الجيمو": «دائما ما تتحول الذكريات إلى ما يشبه الأحلام، وتلك الاحلام لا تحتفظ بألوانها وتفصيلاتها الحقيقية، فيكون هناك العديد من الرموز التي ترمز لتلك الحالات، وهنا الرمز لتلك الذاكرة هو اللون الأحمر الذي يتصف بالقوة والجمالية، وهو كما الإنسان الريفي القوي والخشن والطيب بنفس الوقت. فاستخدامي لهذا اللون هو رمز للموائمة بين تلك الحالات».
ومن جهة أخرى تحدث لنا الفنان "عبد القادر الخليل" عن المعرض الذي رأى فيه تجربا تستحق التقدير من خلال عظمة اللون والجرأة التي انطلق منها الفنان، فقال: «ما رأيته جديا ومتطورا في هذا المعرض هو عظمة اللون، من خلال استخدام اللون الأحمر مع اللون الأسود بغزارة، مع انخفاض تدريجي مع البرتقالي، ونلاحظ السيطرة الواضحة للون الحمر على اغلب اللوحات، وحتى اللوحات التي لا تحمل هذين اللونين يستعمل فيها اللون الرمادي وهو مشتق من اللون الأسود.
ومن ناحية أخرى تكمن شجاعة الفنان من ان لوحاته تعبيرية، وفي اللوحة التعبيرية كل فنان يعبر عن نفسه، وما أشير إليه هو ما رأيته ان كمشاهد، فنلاحظ ان اللون الأسود يظهر بوضوح حتى في باطن اللوحة فتراه احيانا يخرج من تحت اللون الاحمر وهذا يرتبط بحالات نفسية لدى الفنان، فتجده دائما في صراع بين التفاؤل والتشاؤم.
ضمن اللوحة تجد صراع نفسي محتدم، لان الفنان في كل دقيقة تتغير حالته النفسية، وهو بصراع دائم بينه وبين نفسه، ولا يستطيع تحديد اللون إلا بعد رسمه على اللوحة التي ستأخذ احساسات عديدة منها ما يشير اليها الفنان ومنها يتركه للناظر. وفي لوحات الفنان "عبد اللطيف الجيمو" لا باس في استعمال نقاط تعبيرية مثل السمك».
وعن التفاوت في حجم اللوحات قال الفنان "الخليل": «الفنان التشكيلي الذي يستطيع رسم اللوحة الكبيرة لا بد أن تكون لديه شجاعة للوقوف أمام اللوحة الكبيرة، الكبيرة تسمح له باستخدام ألوان حتى لو خرجت عن مايراه، لكن الصغيرة بحاجة إلى دقة وتركيز اكثر، ورأيته شجاعا في هذه اللوحات. ومن جهة اخرى بعض الأشخاص ليس لديهم استيعاب المساحة الكبيرة فاللوحة الصغيرة تتيح لهم تذوق الفن».
بقي أن نذكر ان الفنان "عبد الطيف الجيمو" من مواليد "جرابلس" 1983 خريج كلية الفنون الجميلة عام 2009، لديه العديد من المعارض المشتركة في "سورية" وبعض الدول الأجنبية.