شهدت صالة "الأسد" للفنون الجميلة في "حلب" افتتاح أول معرض خاص تقيمه الفنانة التشكيلية "منى إخلاصي"، وذلك خلال مشاركتها في احتفالات "الأيام الفرنكفونية" بـ"حلب" والتي تمتد حتى السابع والعشرين من الشهر الحالي آذار 2011.
واختارت الفنانة "منى إخلاصي" عرض تجربتها الخاصة مع الطبيعة ولكن بطريقة تجريدية هذه المرة، مستفيدة من دراستها الأكاديمية في هذه المجال تحديداً، لذلك حاولت استقراء العديد من الصور داخل الصورة الواحدة، واستخلاص العديد من الألوان داخل اللون الواحد، مشكلة في ذلك رؤى خاصة بها تروي كل منها حكايتها الخاصة.
وصلتني أخبار إيجابية جداً عما قدمته الفنانة "منى إخلاصي" وأعجبت به كثيراً، وبما أن الفرانكفونية هي حوار لكل ما يجري في "فرنسا" و"سورية" أردنا أن تكون الفكرة إيجابية أن نقدم المعرض هذا باعتباره يمثل وجهاً حديثاً للإبداع، ولا يوجد فيه أي نوع من التكرار والتقليدي المتبع، وأهم شيء تم طرحه هو تقديمه لفكرة جديدة، واعتقد أن الفنانة استطاعت تقديم ذلك بجدارة، وجعلتني أفكر بهؤلاء المشاهير في العالم الذين يقدمون هذه الانواع من الفنون، لذلك أنظر بعين التفاؤل لمستقبل هذا الفن لديها، ويمكن أن يصل إلى العالمية فيما بعد إن استطاعت أن تحافظ على أدواتها التي هي بالأساس الإبداع
موقع "حلب" التقى الفنانة "منى إخلاصي" وسألها عن تجربتها الفنية وما الفكرة التي أرادت إيصالها للناس عبر فنّها، فقالت: «فكرة المعرض بالأساس تقوم على الرؤية التجريدية للطبيعة، وقد اعتمدت في ذلك على طريقة "الزووم" في حالتيه "التقريب والتبعيد"، لذلك يمكنك مشاهدة كل صورة عبر هذين المفهومين فيبدو حينها الاختلاف واضحاً، فشجرة السرو مثلاً تبدو وهي خضراء للوهلة الأولى لكنك إذا حدت بها بتمعن فيمكنك أن تشاهد ألواناً أخرى إضافية كاللون الفضي مثلاً، وإذا قمت بتحليل هذه الألوان لشجرة السرو فيمكنك أن تشاهد مجموعة كبيرة من الألوان التي ستخرج من لون واحد وليكن الأخضر مثلا، وطائفة كبيرة من الألوان تندرج تحت طائلة اللون الأزرق، وإلى غير ذلك، وهذا لا يكون إلا بعد إجراء تحليل كيميائي دقيق للألوان، وبهذه الطريقة استطعت أن أحول الشيء الواقعي إلى شيء تجريدي، ولوحاتي تحمل في كل منها حكاية واسما خاصا بها دون الأخرى، وقد تركت ذلك مبهماً ولم أفصح عنه حتى أترك المجال مفتوحاً أم المشاهد لينسج الحكاية والاسم المناسب للوحة حسب طريقة تلقيه للوحة وما يجري داخلها دون أي تأثير خارجي».
** «خلال دراستي في كلية الفنون الجميلة حالفني الحظ أني التقيت بالفنانة الإيطالية "جوليا نابليوني" وهي مدرسة بعدة جامعات عالمية وعربية، وكان اهتمامها منصبا على فن الحفر والرسم، وكانت مدة إقامتها في "سورية" حوالى ست سنوات، فدرست معها لمدة أربع سنوات، وعملت معها لمدة سنتين، خلال هذه الفترة كنت دائماً أطرح عليها أفكاري ومشاريعي وكعادتها تقوم بمساعدتي وتقويم أفكاري، لذلك كان لها الفضل الأكبر عليّ، وخلال الفترة السابقة شاركت بعدة معارض مشتركة مع مجموعة من الفنانين، وهذه تجربتي الأولى هنا، وأنا أنتظر بشغف لأعرف ردود فعل الزوار على المعرض، فأنا مازلت في أول الطريق، وطموحي أن أسير على طريق وليس الوصول إلى نهايته، لأن نهاية الطريق هي موت الفنان بالتأكيد، لأنه حينها لم يبق شيئاً عنده ليقدمه للناس».
كما التقينا السيدة "مريام إنطاكي" الكاتبة باللغة الفرنسية والمهتمة بأسبوع الفرانكفونية خلال مسيرته التي تجاوزت السنوات العشر، فقالت: «وصلتني أخبار إيجابية جداً عما قدمته الفنانة "منى إخلاصي" وأعجبت به كثيراً، وبما أن الفرانكفونية هي حوار لكل ما يجري في "فرنسا" و"سورية" أردنا أن تكون الفكرة إيجابية أن نقدم المعرض هذا باعتباره يمثل وجهاً حديثاً للإبداع، ولا يوجد فيه أي نوع من التكرار والتقليدي المتبع، وأهم شيء تم طرحه هو تقديمه لفكرة جديدة، واعتقد أن الفنانة استطاعت تقديم ذلك بجدارة، وجعلتني أفكر بهؤلاء المشاهير في العالم الذين يقدمون هذه الانواع من الفنون، لذلك أنظر بعين التفاؤل لمستقبل هذا الفن لديها، ويمكن أن يصل إلى العالمية فيما بعد إن استطاعت أن تحافظ على أدواتها التي هي بالأساس الإبداع».
الأستاذ "أحمد ناصيف" رئيس فرع "حلب" لاتحاد الفنانين التشكيليين حدثنا عن رؤيته الفنية عن المعرض فقال: «استخدمت الفنانة "منى" الألوان بتقنيات عالية وبأسلوب أكاديمي مدروس، وابتعدت عن الأسلوب العشوائي، إضافة إلى استخدامها للطبقات اللونية المتعددة لتظهر اللوحة، وبدا واضحاً الدخول إلى عمق الطبيعة لتستطيع أن تقدم لوحة تحمل في مضمونها مجموعة لوحات متعددة ومنصهرة في قالب واحد، وطوعت في ذلك تحويل الأشياء الموجود في الطبيعة إلى خطوط ومنمنمات أو مربعات، أو أشكال هندسية تحولت معها فاستخدمت الدائرة والخطوط الهندسية، ونظرت إلى أبعد ما هو موجود الطبيعة بحس مرهف، فأرادت التعبير عن الطبيعة برسم لوحة وليس عن طريق اللغة فنقلت الكلام عن طريق لوحاتها، وهذا يدخل في أسلوب الفن التعبيري، وما ميز لوحاتها اليوم هو التقنية العالية في استخدام هذا الأسلوب والرؤية الدقيقة للأشياء، وبُعد بصري ولوني حساس يدرك تفاصيل الأمور التي لا يمكن لأي شخص آخر أن يكتشف ما بداخل هذا الشيء بسهولة».
من جهته يعتبر الدكتور "مازن الجابري" أحد الذين تابعوا تطور حركة الفن التشكيلي لزوجته الفنانة "منى إخلاصي"، لذلك أردنا أن نتعرف على رأيه بالمعرض، وبفن زوجته فأجاب: «أهم ما يميز أسلوب الفنانة "منى" هو اعتمادها على أسس أكاديمية بحتة، فكل تقنيات الرسم هي حسب الأصول والقواعد، ولا يوجد أي شيء اعتباطياً، والمعرض لم يقدم أي عمل من طبقة لون واحدة فقط، بل هو عبارة عن ألوان متعددة ومدروسة خطط لها مسبقا، والمعرض يدور في فلك الطبيعة التي أرادت الدخول إلى أجزائها عن طريق القرب الزائد، أو من خلال نظرة بعيدة ولكن بتصرف دون أن تنقل الطبيعة كما هي، ورغم توافقي مع بعض أعمالها واختلافي عن بعضها الآخر إلا أن هناك أشياء كثيرة أحببتها واستطاعت أن تولد في داخلي شعوراً بالمتعة حين مشاهدتي لها، ما قدمته اليوم يمكن أن يقدم للمشاهد العام ويستطيع تقبله بسهولة، ومن يملك أرضية بسيطة عن الفن التشكيلي يمكنه إدراك تفاصيل أكثر عن اللوحة وما فيها، لكونها اعتمدت على أسلوب التجريد الذي إذا لم يفسر في بعض جوانبه فقدت اللوحة جزءاً من متعتها».