يعتمد مسرح الطفل على بساطة الأسلوب في إيصال الفكرة للمتلقي الذي هو في الغالب ما دون عمر يعول عليه فهم الأفكار البناءة، لذلك يحاول الكاتب المسرحي "نادر العقاد" تدوير الأفكار مهما كانت وتبسيطها ليضمن وصولها إلى ذهن الطفل بكل بساطة.
فالنصوص الثلاثين للكاتب "نادر العقاد" مستوحاة ومقتبسة من الواقع والمجتمع المحيط به لتكون بناءة بالقدر المراد منها، وهنا يقول السيد "نادر" خلال لقاء موقع eSyria به بتاريخ "20/3/2011" في احد نشاطات فرقته المسرحية في مركز ثقافي "بانياس":
إن الأعمال المسرحية للأستاذ "نادر" أعمال هادفة ومهمة، ويكتمل توصيفها بنجاحها على خشبة المسرح، فهي تنطلق من واقع الطفل الذي لا يجرأ كائن من كان على العبث به أو التطفل عليه لاجتزاء بعض مراحله، لأنه حساس جداً ومرهف، لكن السيد "نادر" تمكن من هذا بكل براعة
«لقد حاولت من خلال كتاباتي النصية لمسرح الأطفال الاقتباس من الواقع والتذخر من أفكاره الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، إضافة إلى ما يجول في خاطر من أفكار قد تكون رؤى لخيالات أرغب في رؤيتها على أرض الواقع في أبناء مجتمعي السليم، وهذا ما يدفعني للاهتمام باللبنة الأساسية في هذا المجتمع وهو الطفل بذاكرته العطشى القادرة على الإلمام بكل ما يوحى إليها، لتعتمده في بناء كيانها وشخصيتها المستقلة القادرة على البناء والعطاء ومحاكاة الواقع بمختلف جوانبه وظروفه».
نصوص السيد "نادر العقاد" عبارة عن تمازج بين الواقع والخيال، مشكلة نوع من الإثراء لذهنية الطفل خلال مراحل تلقيها للأفكار: «فالخيال الواسع الخاص بي غني بالمخزون الثقافي المجتمعي الذي أدركته عبر سنواتي الخمسين، وهي تحتاج إلى القدرة لتفعيلها على المساحات البيضاء، وهذه القدرة هي الواقع وما ينتج عنه من علاقات وأفكار يجب ألا تكون مطروقة مسبقاً على تلك المساحات البيضاء، فتكون أكثر جذباً ومتعة بالنسبة للطفل، طبعاً هذا لا يتحقق إلا من خلال السعي والبحث الدائم والمستمر عن القدرة التي هي الواقع برأيي بجوانبه الخفية».
لذلك كان لابد من ترجمة مخزون هذه الصفحات البيضاء على أرض الواقع وإنشاء فرقة مسرحية تهتم بالطفل، فكانت فرقة "الحكواتي" المسرحية، وعنها يقول: «مشاهدنا المسرحي اليوم ليس ملتزما بالمسرح وعروضه لأنه لم يواكب مسرح الطفل ولم ينشأ عليه خلال مراحل عمره الصغيرة، ما خلق بينهما هوة كبيرة في وقتنا الراهن، وهذا ما دفعني منذ حوالي /10/ سنوات للعمل على جمهور المستقبل المسرحي، من خلال فرقتي المسرحية الخاصة بالطفل والتي تحمل اسم "الحكواتي"».
إن إنشاء الفرقة المسرحية جعله في سعي دائم نحو التطلع إلى المزيد من النجاحات التي من الممكن أن تسجل في ذاتيته الخاصة بين مجتمع الفنانين المسرحيين، وهذا كان برأيه من خلال:
«أحاول دائماً خلق التميز للفرقة من خلال الجدية في التعامل مع كتابة النصوص الهادفة التي تقدمها، والتي نحاول من خلالها تبني أفكار جديدة تكون من صلب المجتمع المحيط، إضافة إلى الأزياء المبتكرة التي أصنع لها كروكي خاصاً على أوراقي خلال كتابة النص المسرحي، بحيث تكون مناسبة للفكرة المسرحية بشكل عام، ومنطبقة على الشخصيات المسرحية، والتي أقدمها بعد ذلك للمصمم المختص الذي نتعامل معه من زمن بعيد، أضف إلى ذلك جدية التعامل مع تسجيل أشرطة الكاسيت، وعمليات المونتاج المكلفة جداً، والتي نحالو أن تكون في أفضل الاستوديوهات».
أما المراقبة الجيدة من قبل السيد "نادر" فلها فضلها في ابتكار ما يهم الأطفال أيضاً، وذلك بحسب قوله: «إن من أهم مقومات النص الجيد تفاعل جمهور الأطفال مع الفكرة خلال العرض، وكيف يمكن أن يتقبلون هذه الفكرة خلال العرض، وهذا يدفعني إلى مراقبة مستمرة لهذا الجمهور، لتتكون لدي فكرة عمل جديد، اعتبره مهم جداً ليحن عرضه على الخشبة، ورؤية مدى تفاعل الأطفال معه، فهو من صلب واقعهم واهتماماتهم، وخرج منهم في لحظة عفوية لا يمكن أن يعبر الطفل عنها إلا خلال حدث ما، أو بتصرف ما بعيداً عن الكلمات، وهنا تظهر قدرة الكاتب لمسرح الأطفال على الالتقاط».
ويتابع: «إذاً الالتقاط هو مقوم جيد من مقومات العمل المسرحي يضاف إليه الديكور الجديد والألبسة المناسبة للفكرة والأغاني الممتعة التي يجب أن يدرك منتقيها ارتباطها بروح الطفل، إضافة إلى الحوار البسيط والمرادفات السهلة التناول والخالية من التعقيد اللغوي، لأن الرؤية الجديدة ضمن العرض ككل تولد انتباه خاص عند الطفل تبقيه مشدوداً لما يراه أمامه ومدرك له».
وفي لقاء مع الآنسة "أمينة حنان" الكاتبة الأدبية، والعاملة في فرقة "الحكواتي" قالت: «إن معايشة الأستاذ "نادر" للطفل من خلال مراحل تعليمه له، ومراحل متابعته لأنشطة منظمة طلائع البعث، جعلته يعيش في حياة خاصة أشبه بحياة الطفل الصغير المحتاج إلى كل شيء ليطور أفكاره وينميها، وهذه مرحلة أعتقد أن من الطبيعي المرور بها من قبل أي شخص، لتبقى الفائدة منها بحسب الثقافة والاهتمام الشخصي للفرد».
أما الآنسة "هيا حنان" فقالت: «إن الأعمال المسرحية للأستاذ "نادر" أعمال هادفة ومهمة، ويكتمل توصيفها بنجاحها على خشبة المسرح، فهي تنطلق من واقع الطفل الذي لا يجرأ كائن من كان على العبث به أو التطفل عليه لاجتزاء بعض مراحله، لأنه حساس جداً ومرهف، لكن السيد "نادر" تمكن من هذا بكل براعة».
يشار إلى أن "إمبراطور الأحلام" و"حكاية وادي طيبون" و"فلة وعبود" هي من أهم النصوص التي كتبها الكاتب المسرحي "نادر العقاد" خريج كلية الأدب العربي، الذي ولد في "حلب" عام /1948/، وعمل في مسرح الطلائع ومن ثم في مسرح الشبيبة.