شكلت لوحة الفنانة الفرنسية "بريجيت باردو" أولى الخطوات التي بدأها في حياته الفنية العملية، لكن شارع "بارون" كان العامل الأكبر له في تحفيز هواية الإعلانات السينمائية عندما بدأها في مرسم الفنان "جاك عيسى".
"محمد مرّاش" فنان ذو ريشة سينمائية استطاع أن ينمي موهبة الرسم عن طريق مشاهدته لإعلانات الأفلام حينما كان يفر من مدرسته يوم الاثنين ويقضي العديد من الساعات ليتابع أحداث الألوان السينمائية، موقع eAleppo زار الفنان "محمد مرّاش" في مرسمه بمحلة "العبارة" ليسترجع ذاكرته الفنية أثناء الحركة السينمائية فيقول: «كنت أعتقد وأنا في الصغر أن الرسم شيء مهم وكبير في حياة الإنسان عندما كنت أرقب لوحات وجوه ممثلي الأفلام السينمائية وهي معلقة أمام دور السينما».
كنت أعتقد وأنا في الصغر أن الرسم شيء مهم وكبير في حياة الإنسان عندما كنت أرقب لوحات وجوه ممثلي الأفلام السينمائية وهي معلقة أمام دور السينما
وأضاف: «فقبل الدخول إلى عالم الألوان كنت قد عملت في مهنة الموبيليا لكنني لم أرض بها لكوني لم أجد فيها الفن الذي يرضي خصوصيتي إلى جانب كونها حرفة يستطيع أي شخص أن يعمل بها، على حين أن الرسم يحتاج لموهبة معينة ينبع منها حس جمالي».
رغم أن والده وفي بداية طريقه الفني قد عارض دخوله ذلك المجال لكونه لم يقتنع بعالم الألوان، إلا أن الشاب "مرّاش" ظل مثابراً في عمله حتى استسلم والده لذلك الواقع وبدأت ريشته الفنية وحول هذا تحدث "مرّاش": «أولى تجاربي الشخصية كانت من خلال تحضير الألوان ومزجها على لوح من الزنك ومحاولة استخراج من الألوان الثلاثة الأساسية ألوان أخرى تلك هي مدرسة يجب على كل فنان أن يتقنها فيما لو أراد الدخول إلى عالم الرسم، وبدأت حينها برسم العديد من وجوه الفنانين وظللت متابعاً حتى دخلت عالم الفن وتدربت عند أشهر رسامي الإعلانات ومنها بدأت تجربتي المهنية».
بداية الانطلاق ...
بدأت أحلام الفتى "مرّاش" تكبر وتكبر مع ريشته الفنية لكنه لم يرض عن عمله في بدايته حينما كان يرسم بمفرده وحول ذلك يقول "مرّاش": «كان يشكل الاثنين لي من كل أسبوع رحلة فنية أقضي فيها ساعات عندما أقطعها من منزلي بالسبع بحرات إلى عاصمة السينما الحلبية بمنطقة شارع بارون لكي أطلع فيها على تجارب الفنانين عند بداية عرض الأفلام السينمائية في ذلك اليوم، لكن فترة عملي بمرسم الفنان "جاك عيسى" في بداية الستينيات شكلت لحظة محورية عندما استطعت في الأسبوع الأول من تلوين صورة فيلم أمريكي من خلال عشرين لوناً كنت قد استخرجتها من ستة ألوان فقط».
"بريجيت باردو" أولى اللوحات التي رسمتها كاملة...
وتوالى عمل "مرّاش" يوماً بعد يوم في مرسم الإعلانات السينمائية إلى أن تعاقد الفنان "جاك" مع عائلة "أنتيبا" على رسم كافة الإعلانات السينمائية التي كان يحضرها "أنتيبا" معه من هوليود وحول تلك المرحلة تحدث "مرّاش" قائلاً: «أثناء وجودي بمرسم الفنان "جاك" كان عملي محصوراً على تقسيم اللوحات إلى مربعة الشكل ومزج الألوان وبعد فترة سمح لي "جاك" من إتمام لوحاته إلى أن تمكنت في أحد الأيام من رسم صورة كاملة للممثلة الفرنسية "بريجيت باردو" عندها شعرت بأنني وضعت قدمي على أول الطريق الفني، وبدات أرسم اللوحات كاملة لمدة عشر سنوات، وعند حلول سبعينيات القرن المنصرم بدأ الاهتمام يقل بدور العرض السينمائي في "حلب" فقرّرت حينها المغادرة إلى بلاد الخليج للعمل في مجال الرسم ضمن عقود موسمية ورسمت في إحدى السنوات أمير دولة قطر في إحدى المناسبات القومية وكنت أستغل الإجازات السنوية في زيارة مرسم الفنان "جاك" ومساعدته إلى أن فرضت المؤسسة العامة للسينما تراخيص مزاولة مهنة رسم الإعلانات السينمائية عندها توقفت عن رسم الإعلانات السينمائية تماماً».
بداية مرحلة جديدة ...
كانت مرحلة الإعلانات السينمائية والكلام لـ "مرّاش" «عبارة عن بداية يتعلم الفنان فيها تشكيل اللون ومزجه لكن البداية الحقيقية تكمن في رسم الوجوه البشرية ويمكن أن تعتبر بداية الانطلاق في الرسم الاحترافي حيث اتخذت لنفسي مرسماً في أواسط الثمانينيات وبعد توقف عمل السينما تماماً وتحديداً عند دخول التسعينيات توجهت إلى مزاولة رسم اللوحات التشكيلية حتى يومنا هذا».
وختم برأيه قائلاً: «يمكن تقسيم العمل الفني إلى ثلاث مراحل أولها مرحلة الرسم السينمائي ومن ثم تأتي مرحلة تقليد اللوحات العالمية لكونها تمثل فترة يتدرب فيها الفنان على أهم المدارس العالمية ومن ثم تأتي المرحلة الإبداعية التي نعاني حالياً من قلة الرسامين فيها».
ومن الفنانين الذين عاصروه بعد فترة الثمانينيات "برهان عيسى" تحدث برأيه عن الفنان "مرّاش" قائلاً: «بما أن "مرّاش" قد بدأ عمله عند الفنان "جاك" فإنه تمتع بموهبة فنية استطاع أن يُقنع بها الفنان "جاك" في بدايات عمله لكون "جاك" كان يعتبر من أشهر رسامي الإعلانات السينمائية في ذلك الوقت، ومن مرسمه استطاع أن يكوّن "مرّاش" لنفسه حجرة فنية انطلق بها حينما سافر للعديد من البلدان ومازال حتى الآن يمارس مهنته على الرغم من تقدمه من العمر، وهذا ناتج عن الخبرة المتقدمة التي تمتع بها الفنان "مرّاش"».
يذكر ان الفنان "محمد مراش" من مواليد حلب عام 1946.