أشرف- خلال مسيرة طويلة- على تدريب العديد من الفرق الموسيقية النسائية التي أقيمت بمدرسة معاوية في "حلب"، وشارك أيضاً في المسرح العسكري في "دمشق"، "بهجت حسان" تجربة فنية رائدة نالت إعجاب واستحسان العديد من النقاد والجماهير.
كما عرف عن الفنان الراحل "بهجت حسان" تدريسه لـ"علم الموشحات ورقص السماح" ليمتد نشاطه الفني إلى "لبنان" وشكل أيضاً فرق موسيقية مختلفة، موقع eAleppo كشف النقاب عن موهبة الفنان "حسان" والأسس التي ارتكز عليها في بدايته الفنيه عندما التقى عدد من الفنانين والمهتمين بالحركة الفنية والثقافية، والبداية كانت مع الأستاذ "مسعود خياطة" مدير الفرقة التراثية الفنية بـ "حلب" الذي قال:
اسمه الحقيقي "بهجت كعدان" وقد عرف بـ "بهجت حسان" وكان ممن ساهم في نهضة التراث الفني الحلبي
«اسمه الحقيقي "بهجت كعدان" وقد عرف بـ "بهجت حسان" وكان ممن ساهم في نهضة التراث الفني الحلبي».
وأضاف: «ولد "حسان" عام 1924 في حي "الدلالين" وهو من أحد أحياء "حلب" وتعرف على الشيخ "عمر البطش" من خلال سهرات كانت تقيمها عائلة "معدنا" في كل أسبوع وكعادة أهل "حلب" عامة؛ فأحبه ولازمه وتتلمذ عليه حتى آخر حياته وحفظ كافة ألحانه».
تفتقت قريحته الغنائية والكلام لـ "خياطة": «فلحّن الكثير حتى بلغت ألحانه حوالي المئتين، منها الموشحات والأغاني الشعبية وأكثرها مسجل في إذاعتي "حلب" و"دمشق"، ففي بداية الأربعينيات أقام في "دمشق" وعمل بتدريس الموسيقا وتعليم الموشحات ورقص السماح، غنى ألحانه العديد من المطربين ومنهم المطرب "مصطفى ماهر" و "محمد خيري" و"صباح فخري"».
وحول تطوير العمل الموسيقي قال "خياطة": «شكل "حسان" عدة فرق للغناء ورقص السماح منها فرقة "دوحة الأدب" وادخل العنصر النسائي على رقص السماح وكانت له إبداعات تشكيلية ولم يسبق إليها أحد، وكان من أحد مؤسسي نقابة الفنانين في "سورية" وعين رئيساً لفرع "حلب" في السبعينيات حيث كلف بالإشراف على فرقة المسرح العسكري بـ "دمشق" ومنح عدداً من الأوسمة من أهمها الوسام الذهبي لنقابة الفنانين عام 1985».
وختم "خياطة" قائلاً: «من تلاميذه "محمد مهندس"، "أحمد صوا"، "فاتح أبو زيد"، "محمد دبلوني"، "محمد أنيس"، "عمر ضباع"، وغيرهم».
وحول مسيرته الفنية تحدث مؤرخ "حلب" المعاصر "عامر رشيد مبيض" حول الأعمال التي قدمها فيقول: «يعتبر الفنان "بهجت" من الفنانين الباقين الذين شارك في تلحين الموشحات وفن رقص السماح، على مدى نحو نصف قرن من الزمان، وقد أسعده الحظ مذ كان فتى بالتعرف على شيخ الموشحات في "حلب" الأستاذ "عمر البطش"، فتتلمذ على يديه ونهل من علومه الفنية الكثير.
وحينما دعي "البطش" للتدريس في المعهد الموسيقي الشرقي بدمشق سنة 1947 صحب معه تلميذه الذي أحبه إلى هناك وساعده على الانتساب إلى المعهد، حيث أكمل علومه الموسيقية على أيدي أعلام أساتذة الفن فيه من أمثال "مجدي العقيلي" و"يحيى السعودي" و"فؤاد محفوظ" و"عبد الوهاب السيفي" و"سعيد فرحات".
وفي مطلع الخمسينيات من القرن العشرين وبعد رحيل أستاذه "البطش" أسس فرقة غنائية باسم "عمر البطش" للموشحات والقدود بمصاحبة رقص السماح، وقد قدمت عروضها في "سورية" و"بولونيا" خلال مهرجان وارسو سنة 1955م».
وعن أعمال الفنان "حسان" قال "مبيض": «كانت حياته تتسم بالعمل الدوؤب المتواصل، فكان لا يتوقف عن تدريس الموشحات ورقص السماح وتشكيل الفرق المختلفة، والتي كانت تكلل أعمالها ونشاطاتها بالنجاح سواء في "سورية" أو خارجها، حتى امتد نشاطه وفنه إلى "لبنان" حيث درّب هناك بعض الفرق التي نالت الإعجاب والاستحسان من النقاد والجماهير على السواء.
وفي ثمانينات القرن العشرين انضم إلى المسرح العسكري في "دمشق" وعمل مع زميله الفنان "مطيع المصري" على تأسيس فرقة كبيرة تقدم الأعمال التراثية، ولاسيما الموشحات ورقص السماح والأغاني الفلكلورية في إطار حديث وأسلوب جديد مما جعل الفرقة محور اهتمام في داخل القطر وخارجه، إذ قدمت بعض عروضها في دولة "المجر"، وفي مسرح وزارة الثقافة السورية التي كان يشرف عليها».
ولعل من أبرز أعماله المتميزة التي مازال الحلبيون يذكرونها إلى الآن قالها "مبيض": «إشرافه على فرقة بنات ثانوية معاوية بـ "حلب" وتدريبها، وتقديم وصلة موشحات من مقام البياتي، بمصاحبة رقص السماح، حيث كانت أعماله وألحانه تتمتع بجودة الحفظ ودقة الرواية ولاسيما في موشحات "البطش" التي ظهر أثرها في كتاب "كنوزنا" للدكتور "فؤاد رجائي" والفنان "نديم الدرويش" حتى إن الدكتور "رجائي" كلف الفنان "بهجت حسان" بتلحين بعض الموشحات من مقامات معينة وإيقاعات محددة لإتمام بعض الوصلات المدونة في الكتاب وله في هذا الكتاب نحو خمس عشرة موشحة».
وختم "مبيض" قائلاً: «أما سائر موشحاته وأعماله فيحفظ بعضها المطربون والمنشدون وظل بعضها حبيس أوراقه ومدوناته الخاصة، ومن خلال عمله المتواصل في تدريب الفرق على رقص السماح ابتكر أسلوب جديد في تدوين الحركات والنقلات المتعقلة بهذا الرقص ويروي أنه ألف كتاباً في هذا الشأن.
ويذكر أن كلا من "بهجت حسان" و"حسن بصال" كانا يتفننان بعد "عمر البطش" بالتشكيلات في الصفوف وما أشبه ذلك، مما يعد إبداعا في هذا الميدان، وفي أواخر حياته عاد إلى "حلب" ملتزماً ببيته في شارع السجن ليعلّم فيه إلى أن توفي عام 1995».