بعد تناوله لمدينة "حلب" وهندستها المعمارية في أولى معارضه الفنية اتجه الفنان التشكيلي "نزار الحطاب" لمعالجة الهم الاجتماعي من خلال تقديمه لوجه المرأة الذي أختزل فيه العديد من القضايا الاجتماعية التي تحاكي البعد الإنساني للعديد من فئات المجتمع، متخذا من العفوية الفنية منهجا لتقديم حالته الإنسانية بإبداع تشكيلي..
وللتعرف أكثر على التجربة التشكيلية للفنان "نزار الحطاب" التقينا به في eSyria في حوار فني كانت باكورته بحديث البدايات، فقال عنها:
يتميز الفنان التشكيلي "نزار الحطاب" بنشاطه وتفانيه في العمل التشكيلي وهو يسعى من ذلك لنشر أعماله الفنية بين أواسط الجمهور، وأن يحتل مكانا في الساحة التشكيلية، كما يحاول أن يكون لنفسه منهجا فنيا خاصا به يميزه عن غيره من الفنانين. أنا من الذين تستوقفهم أعمال "نزار الحطاب" التي يرسمها بأسلوب جميل وألوان مميزة، فالمرأة عنده تميل للقدسية والتجليل، والمرأة في لوحاته لها روحانية وشفافية خاصة قد تنبع من العلاقات الجيدة التي تربطه بالمرأة وهو يراها بزوايا غير عادية، وهنا أستذكر أنني في بداياتي تناولت المرأة في لوحاتي ولم أتناول الرجل لأني أراه شخصية عادية. وهنا تناول "نزار حطاب" للمرأة قد ينم عن الرؤية الخاصة له عن المرأة وقدسيتها. إلا أن العديد من الفنانين تناولوا المرأة في لوحاتهم، وتناول "نزار" للمرأة لا يعطيه تفردا فنيا عن سواه من الفنانين، وهو بذالك لا يأتي بجديد كليا مع العلم أن له إبداع خاص في ذلك إلا أنه لا يقدم الجديد الذي يتفرد به. أما بالنسبة للألوان التي يستخدمها "نزار" فهي أيضا تنطلق من القدسية للمرأة هذا ما يجعلها أقرب لألوان الأيقونة، واللون عنده مميز وجميل ويجذب المشاهد إلى لوحاته..
** أولى بذور تعلقي بالفن كانت من خلال والدي الذي كان مهتما بالفن والخط العربي، لتتعمق تلك الذكريات في مدارس أبناء الشهداء بعد أن استشهد والدي في احداث الثمانينيات.
خلال وجودي في المدرسة زاد اهتمامي بالفن ودروس التربية الفنية حتى إني كنت أقصد المرسم مع بعض الزملاء لتقليد لوحات الفنانين العالميين، ومما زاد في تعلقي بالفن وجود مجموعة من الأساتذة المهتمين الذين لم يبخلوا علينا بخبراتهم ونصائحهم، بالإضافة إلى التشجيع والاهتمام الذي كنا نجده في مدارس أبناء الشهداء من مكافآت ومعارض وتكريمات..
هذا كله دفعني لدراسة الفن التشكيلي في "لبنان" لمدة ثلاث سنوات ثم عدت لأدرّس الفن في مدارس أبناء الشهداء لمدة 10 سنوات، فقدمت أول معارضي عام 1990م وكان يتحدث عن الهندسة المعمارية في "حلب"..
** لا بد لأي فنان أن يتأثر ببداياته بفنانين كبار، وكان تأثري بالفنان "نذير نبعة"، والفنان "فاتح المدرس". ومن ثم اتجهت –كسائر الفنانين- لأكون ضمن طبيعة خاصة بي أحاول من خلالها أن أجد لي من خلالها حيزا في الساحة التشكيلية.
فكانت البيئة الحلبية الحاضر الأول في أعمالي التشكيلية، فقدمت "حلب" بلقطات بانوراميه بما تحمله من جمال في هندستها المعمارية وتآخيها وأصالتها، فاقتنيت تلك اللوحات في العديد من العواصم العربية والعالمية.
ومن ثم اتجهت إلى الهم الإنساني من خلال الوطن والأم، وبهذا كانت المرأة محورا للعديد من الأعمال التي جسدتُ فيها العديد من القضايا والحالات الإنسانية التي ارتبطت ببعض من جزئيات حياتي التي عشتها في طفولة احترمت فيها عاطفة الابوة وأنا في سني عمري الاولى، هذا ما دفعني لتصوير الطفولة والحنان والتمسك بالأرض والوطن.
** من المعروف أن وجه الإنسان يستطيع أن يختزل كل ما يعتري الإنسان من حالات وجدانية، فمن خلال الوجه وتعابيره تستطيع الدخول إلى عوالم الإنسان الداخلية والخوض بتفصيلاتها، ومن هنا تأتي الرمزية التي سألتَ عنها. فمن خلال هذه الوجه أقدمُ العديد من الحالات الإنسانية الوجدانية، وقد تتعدد تلك الحالات وتختلف وتتضاد في اللوحة الواحدة لأن الإنسان لا يمكن أن يبقى بتعابير واحدة طوال حياته أو حتى في اليوم الواحد، فترى في العديد من لوحاتي عشرات الوجوه بتعابير مختلفة تتجمع في لوحة واحدة.
أما وجود وجه المرأة فهو اختزال لغيره من الوجوه، ففيه التأمل والحنان والحزن والفرح ومختلف الحالات التي أعالجها بعفوية فنية بعيدا عن التحضير والتصنع.
** طبعا في الموضوع.. أهم شيء في العمل التشكيلي هو طرح مواضيع تهم الإنسان والمجتمع، ومن ثم يأتي التكنيك والتقنية والخط واللون، دون الموضوع لا يمكن لباقي العناصر أن تقدم عملا تشكيليا يلامس هموم واهتمامات المتلقي، وعند توافر الموضوع لا ضير عندي في استخدام أي شيء يساهم في تقديم الموضوع وطرحه بشكله الأفضل. وعموما أنا فنان عفوي أقدم عملي الفني بكل عفوية، أضفي ما في داخلي دون تحضير أو تخطيط مسبق، وبذلك أظن أني أقدّم هم الناس والمجتمع برؤيتي الفنية.
** الفنان بكل لحظة له جو من الإيحاءات، وبالتالي لا بد للون أن يستمد من حالة الفنان النفسية وإيحاءاته الفنية المتعددة التي تتناغم والموضوع الذي يطرحه العمل التشكيلي، فانا مثلا حينما استمع إلى "فيروز" صباحا أكون أقرب إلى الألوان الهادئة الباردة التي أسميها ألوان الصباح كالأزرق ومشتقاته. وفي حالات أخرى تكون الألوان الحارة والعاطفة الجياشة هي المصدر لتشعبات الألوان، وبالتأكيد هذا لا يتنافى مع المنهج الفني في تموضع اللون.
الفنان يتخرج في المعهد أو الكلية كرسام، لكن المرحلة العملية هي التي ترتقي به ليكون فنانا تشكيليا أي مبدعا. وهنا تكمن البصمة الخاصة بالفنان التي أشبهها بأبجدية خاصة لا بد لكل فنان أن يمتلكها.
** الحالة الفنية في "سورية" متقدمة متطورة، ولدينا العديد من الفنانين الذين وصلوا العالمية، هذا ما يدلل على أنّ الحراك الفني بخير، وهذا لا يعني أنه ليس بحاجة إلى مزيد من التطوير والدعم وخصوصا من الاتحادات التشكيلية التي تنكفئ أحيانا على الأمور الإدارية وتُقصر في مجال الإبداع الفني. فإذا أردنا التطور والاستمرار والتقدم لا بد أن ننفتح في تفكيرنا ونبتعد عن الشخصنة في العمل الفني.
وهنا أحب أن أشير إلى أن الإبداع الفني ليس حكرا على الفنانين الأكاديميين، فهناك الكثير من القامات التشكيلية ليسوا من خريجي الفنون ومع ذلك أبدعوا ووصلوا إلى العالمية، وبالتالي يجب التركيز على الحالة الإبداعية أكثر من غيرها.
** خلال مسيرتي الفنية قدمت أكثر من 22 معرضا فرديا والعديد من المعارض الجماعية ولم أفكر يوما بان أرسم لأبيع اللوحة. أنا أرسم لأرضي غريزة داخلية، ولأقدم أعمالاً تتحدث عن طبيعتنا ومجتمعنا السوري، فلا يهمني أن أقدم أعمالاً تجريدية لا تمتُ لقيمنا وحياتنا وبيئتنا بشيء، ما يهمني هو تقديم كل ما هو سوري. ليلاحظ كل من يرى لوحاتي أنّها من وحي الطبيعة السورية.
** مشروعي الفني الدائم هو الإنسان، كل ما يهم الإنسان يهمني وكل حالة إنسانية يمكن أن توحي إليّ بعمل تشكيلي. وبالمحصلة الفنان كغيره من الناس عبارة عن كتلة من الأحاسيس والمشاعر، يقدم تلك الأحاسيس عبر عمله الفني الذي يحمل بصمته الخاصة. وفنيا أحضر الآن لتقديم معرضا بعنوان "لا للإرهاب" أجسد فيه المرحلة التي يمر بها وطننا الحبيب من أعمال تخريب وفوضى. ومشروعي الآخر هو مجموعة من الأعمال باللون الواحد سأقدمها قريبا إن شاء الله.
الفنانة التشكيلية "سميرة بخاش" من المتتبعين لأعمال الفنان "نزار الحطاب"، فتتحدث لنا عن رأيها الفني بما يقدمه "نزار الحطاب" من أعمال تشكيلية قائلةً: «يتميز الفنان التشكيلي "نزار الحطاب" بنشاطه وتفانيه في العمل التشكيلي وهو يسعى من ذلك لنشر أعماله الفنية بين أواسط الجمهور، وأن يحتل مكانا في الساحة التشكيلية، كما يحاول أن يكون لنفسه منهجا فنيا خاصا به يميزه عن غيره من الفنانين.
أنا من الذين تستوقفهم أعمال "نزار الحطاب" التي يرسمها بأسلوب جميل وألوان مميزة، فالمرأة عنده تميل للقدسية والتجليل، والمرأة في لوحاته لها روحانية وشفافية خاصة قد تنبع من العلاقات الجيدة التي تربطه بالمرأة وهو يراها بزوايا غير عادية، وهنا أستذكر أنني في بداياتي تناولت المرأة في لوحاتي ولم أتناول الرجل لأني أراه شخصية عادية. وهنا تناول "نزار حطاب" للمرأة قد ينم عن الرؤية الخاصة له عن المرأة وقدسيتها. إلا أن العديد من الفنانين تناولوا المرأة في لوحاتهم، وتناول "نزار" للمرأة لا يعطيه تفردا فنيا عن سواه من الفنانين، وهو بذالك لا يأتي بجديد كليا مع العلم أن له إبداع خاص في ذلك إلا أنه لا يقدم الجديد الذي يتفرد به.
أما بالنسبة للألوان التي يستخدمها "نزار" فهي أيضا تنطلق من القدسية للمرأة هذا ما يجعلها أقرب لألوان الأيقونة، واللون عنده مميز وجميل ويجذب المشاهد إلى لوحاته..».
بقي أن نذكر أن الفنان "نزار الحطاب" من مواليد حلب 1969م، درس الفن التشكيلي في "لبنان" وقدم اول معارضه التشكيلية في العام 1990، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين فرع "حلب" له ما يزيد على /22/ معرضا تشكيليا فرديا والعديد من المعارض الجماعية.