انطلق الفنان "عبد القادر بساطة" من خلال تجربته الذاتية في الرسم ليكون اسماً مهماً في الحركة التشكيلية السورية.
الفنان والناقد التشكيلي "محمود مكي" تحدث لموقع eAleppo عن تجربة الفنان الراحل "عبد القادر بساطة" قائلاً: «تعلم الفنان المرحوم "عبد القادر بساطة" الرسم بتجربته الذاتية ثم تعرف على الفنانين الراحلين "إسماعيل حسني" و"وحيد استانبولي" وتتلمذ على يديهما فتعلم منهما أساليب الفن منطلقاً بموهبته نحو إنتاج اللوحة التشكيلية التي تملك مقومات الفن الأساسية، ورافق الفنان الراحل "لؤي كيالي" الذي ترك في أعماله أثراً كبيراً واضحاً وذلك من حيث الشكل وتصميم اللوحة واللون وانسيابه على أرضية اللوحة بنظافته وتأنقه وظلاله الخفيفة المتراكمة حول تلك الكتل.
تعتبر أعمال الفنان المرحوم "عبد القادر بساطة" بلا شك من الأعمال المميزة في التشكيل السوري ولكنه وللأسف لم يتابع فيما بعد اغناءها بتجارب أخرى وعناصر جديدة لأنه توقف فجأة عن العمل وإنتاج الفن، وفي لحظة عطائه المثمر توقف القلب الذي كان يحلم بالمستقبل المشرق وسكت كل شيء إلا صور أعماله التي تجوب الآفاق بين زهوره وسهوله وجباله وشجراته وغيومه السابحة في لج وصفاء ومن خلال روحه
أقام أول معرض له في صالة المتحف الوطني في العام 1970 حيث أفصح عن موهبته الفنية التي تحاول دخول معترك الساحة التشكيلية السورية بقوة ليصبح إنتاجه الفني غزيراً بعد ذلك لما لاقاه من تشجيع كبير من الوسط الثقافي وما حوله، وأقام معارضه التالية: الثاني في العام 1972 والثالث في العام 1973 لتبدأ تجربته الفنية بالتبلور بوضوح وينال الإعجاب من جديد مما دعاه إلى إقامة معرض في صالة الشعب بدمشق في العام 1977 وفيه بدأ حضوره الفني يتوسع في الوسط الثقافي وأصبح له مكانه الخاص في الحركة التشكيلية السورية وخاصةً عندما بدأ يشارك في المعارض الرسمية للدولة.
قام بتدريس مادة الرسم في بعض مدارس "حلب" ثم تفرغ للعمل الفني وإنتاج اللوحة الفنية بمقوماتها الأساسية وأصبح النقاد يتناولون تجربته الفنية الجديدة بالبحث والدراسة وأول من كتب عنه هو الفنان الراحل "إسماعيل حسني" الذي اعتبره من الفنانين الشباب الذين استطاعوا إثبات وجودهم الفني في الحركة التشكيلية السورية، كما كتب عنه الأستاذ "صلاح الدين محمد" الذي اعتبر تجربته الفنية تحمل الصدق والصفاء والبساطة والحب العفوي لأنه لم يلتزم بالأساليب الانتقائية أو المدرسية إنما اعتمد في أسلوبه على الفطرية والعفوية والبساطة المتناهية في الأداء واللون».
وأضاف "مكي": «إنّ أعمال الفنان "بساطة" تحمل في طياتها الكثير من المفاهيم الفنية الحديثة التي بدأت تسود العالم وهي غنية بالأحلام الحلوة والجميلة، تحدثنا عن تلك الحياة القابعة بين سلاسل الجبال المترامية على صفحة السماء الصافية والمتلاقية مع السهول البعيدة حيث يتمدد فيها كل شيء في لوحته النظيفة وينتشر الضباب الحالم ويكاد ينتهي بالتلاشي الأبدي عند الأفق البعيد عند البحر العميق معتمداً في لوحته على جعل عناصرها كتلاً متوزعة تترابط فيما بينها بشاعرية متناغمة وألوان بسيطة يسطع الجمال الحالم من خلالها كالنور الذي ينبثق من المجهول دون سابق إنذار ليحقق الحياة التي يحلم بها البسطاء.
كل ذلك عبر عنه الفنان المرحوم "عبد القادر بساطة" بأسلوب جديد يمزج فيه بين المدرسة السريالية والمدرسة التجريدية من خلال الواقع الحالم بالمستقبل المشرق ويظهر ذلك بوضوح في خلفية اللوحة التي تشعرنا بالحياة الحلوة والحلم الجميل الذي يكاد يتحقق».
وختم: «تعتبر أعمال الفنان المرحوم "عبد القادر بساطة" بلا شك من الأعمال المميزة في التشكيل السوري ولكنه وللأسف لم يتابع فيما بعد اغناءها بتجارب أخرى وعناصر جديدة لأنه توقف فجأة عن العمل وإنتاج الفن، وفي لحظة عطائه المثمر توقف القلب الذي كان يحلم بالمستقبل المشرق وسكت كل شيء إلا صور أعماله التي تجوب الآفاق بين زهوره وسهوله وجباله وشجراته وغيومه السابحة في لج وصفاء ومن خلال روحه».
وحول تجربة الفنان "بساطة" أيضاً يقول رئيس لجنة المعارض والثقافة في اتحاد الفنانين التشكيليين بحلب الفنان التشكيلي "إبراهيم داوود": «كان الفنان الراحل "بساطة" أحد أكثر المبدعين ألقاً في جيل التشكيليين الشباب الذي كان يرسخ حضوره في أواخر ستينيات القرن الماضي ويظهر في إنتاجه ملامح شخصية خاصة تدل على ظهور فنان متميز مرهف الإحساس والمشاعر يتمتع برؤية لم تصقلها دراسة أكاديمية ولكنه نجح في التعويض عن ذلك بتجربة دؤوبة حصل من خلالها على ما مكنه من السيطرة بحرفية عالية على التعامل مع موضوعاته بشفافية شكلية ولونية آسرة.
أقام الراحل "بساطة" عدة معارض فردية نال فيها إعجاب الجمهور إعجاباً جعله يقيم معرضه الرابع في دمشق في العام 1977 حيث نال إعجاب النقاد الذين راحوا يكتبون عن تجربته الفنية وبدأ جمهوره يتوسع في الوسط الثقافي السوري وخاصة عندما راح يشارك بجد وبشكل مستمر في أكثر المعارض الرسمية للدولة ما دعاه إلى تدريس مادة الرسم في مدارس "حلب" ثم التفرغ الكامل لإنتاج اللوحة الفنية التي راح المقتنون يشترونها نظراً لامتلاكها مقومات الجمالية الفنية في إبداعات خيالية تنساب خطوطها بنعومة رهيفة ويختار لها ألواناً بشفافية الحلم وكان يحرص في تشكيلها على خلوها من أي تعقيد وتناقض مع قسوة الواقع المهيمن على الحقيقة ولا بد أن يكون من ينجح في تحقيق ذلك فناناً حقيقياً مبدعاً.
إن أعمال "بساطة" لها طابعها الفني الخاص الذي يحمل بين طياته الكثير من المتعة الجمالية والروحية بمفاهيم فنية حديثة تدور ما بين مفاهيم الواقعية الجديدة والسريالية والتجريدية الموضوعية».
يُذكر أنّ الفنان "عبد القادر بساطة" من مواليد "حلب" في العام 1951 مارس الرسم من خلال تجاربه الخاصة منذ العام 1963 أقام خمسة معارض فردية في القطر ومعرضاً مشتركاً مع الفنان والناقد "صلاح الدين محمد" في العام 1973 وكان عضواً في اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية والاتحاد العام للفنانين العرب، توفي في "حلب" في 12/6/2011.