تجربة النحات الحلبي "عبد الرحمن مؤقت" هي إحدى التجارب الإبداعية الهامة والغنية على الساحة الفنية السورية.
الفنان التشكيلي والناقد الفني "محمود مكي" يقول حول هذه التجربة لموقع eAleppo: «لقد دخل الفنان "عبد الرحمن مؤقت" إلى الساحة النحتية السورية المعاصرة بقوة موهبته وذلك بما كان يملكه من قدرات فنية هائلة امتاز بها منذ اللحظات الأولى من حياته الفنية حيث استطاع بتجربته أن يملأ الفراغ الكبير الذي تركه كل من الفنانين "فتحي محمد قباوة" و"وحيد استانبولي" لأنّ أعماله النحتية التي قدمها في البداية كانت متميزة على مستويات واسعة لمفاهيم جديدة للنحت المعاصر في العالم وكانت أعماله النحتية الأولى تعبر بجدارة عن تطور النحت السوري المعاصر نحو الحداثة والمعاصرة في الفن التشكيلي السوري.
لقد تعرّف "عبد الرحمن مؤقت" في العاصمة الايطالية "روما" على أبرز معالم الفن، قديمه وحديثه، وشاهد معظم الاتجاهات السائدة في فن النحت ولم يتردد في دراسة النحت العاري في أكاديمية "روما" حيث أنتج بضعة أعمال صقلت مواهبه وأرضت نفسه
ولد الفنان "عبد الرحمن مؤقت" في مدينة "حلب" في العام 1946 وبدأ دراسة الفن دراسة حرة في العام 1960 على يد الفنان "وحيد استانبولي"، وتطور بجهوده الشخصية وكذلك من خلال اطلاعاته الفنية المتنوعة، بعدها سافر إلى "إيطاليا" بغية دراسة فن النحت في عاصمتها "روما".
في العام 1965 بدأ بالمشاركة في المعارض الرسمية، حيث أقام معرضه الفردي الأول في العام 1969 فدخل بذلك معترك الساحة التشكيلية السورية، وفي معرضه الثاني الذي أقامه في العام 1971 في صالة المتحف الوطني بمدينة "حلب" بدأت شخصيته الفنية تبرز كأحد الفنانين الشباب الواعدين، وفي نهاية السبعينيات بدأ بإقامة أهم معارضه الفردية من مادة الحجر وبأحجام كبيرة وذلك في ساحة "حديقة السبيل" بحلب في الهواء الطلق واعتُبر ذلك المعرض أول معرض يُقام خارج صالات العرض المغلقة في "سورية"، واعتُبرت تجربته في حينها من التجارب النحتية الهامة في داخل الحركة التشكيلية السورية المعاصرة باعتباره أول فنان سوري حاول تطويع الحجر بأحجام كبيرة».
ويضيف "مكي": «تُعتبر فترة السبعينيات من أهم الفترات الزمنية في حياته الفنية فقد أنتج فيها عدداً كبيراً من أعماله النحتية وأصبح لا يكاد يترك فيها مناسبة إلا ويشارك بأعماله وتجاربه الجديدة وكان من أوائل الذين استخدموا الرخام بأنواعه الأبيض والأسود في إنتاج أعماله النحتية حتى إنه نال الجائزة الأولى لنصب الشهداء الذي أقامه في "ساحة سعد الله الجابري" بحلب وبالحجر الحلبي المعروف عالمياً.
تعد تجربته الفنية من المنظور النقدي غنية بعناصرها الفنية وإيجابية وملتزمة بالمفاهيم التشكيلية المعاصرة في العالم كما يُعد من الفنانين الأوائل في سورية الذين أطلقوا العنان للنحت السوري من قيوده الكلاسيكية والتقليدية والتسجيلية وانفلات منحوتاته من هذه القيود الصارمة على الرغم من أنه ما يزال مضمونه الأساسي في أكثر أعماله الجسد الإنساني الذي حمّله بالنزعات الإنسانية التي استطاع بمهارة إظهارها بقوة من داخل الكتلة التي يعالجها بكل حب ومرونة ورهافة إحساسه الفني بسبب خطوطها المنحنية التي تنساب فيما بينها بسهولة وبحرية مطلقة ورشاقة مقرونة بثقة كاملة بالأداء الفني مع حيوية ومهارة هائلة في الصنعة يرافقها طموح كبير نحو المستقبل المشرق للوصول إلى الرؤية الفنية والجمالية الخاصة به.
هو يتراوح في مجمل تجاربه الفنية بين الواقعية الجديدة والتعبيرية التي انتقل بها بسرعة نحو أقصى درجات التجريدية وكأنه يؤكد مقدرته الفنية وفهمه الواسع لقضايا الفن المعاصر وقد ظهر تميزه الفني واضحاً في الحركة التشكيلية السورية المعاصرة عندما أقام آخر معارضه الفردية في صالة تجليات بدمشق في العام 2010.
إنّ تجربة النحات "عبد الرحمن مؤقت" من أولى التجارب الفنية التي أطلق صاحبها العنان للنحت السوري من قيوده الكلاسيكية والتقليدية والتسجيلية وانفلات منحوتاته من القيود الصارمة».
أما الدكتور "محمد جمال طحان"* فيقول: «"عبد الرحمن مؤقت" هو الفنان الذي لم يدرس النحت في أكاديمية فنية بل تلقى مبادئ هذا الفن حين كان طالباً في دار المعلمين بحلب فأظهر نشاطاً متميزاً بين أقرانه من خلال شغفه بهذا الفن وعكوفه على ممارسته بدأب مستمر ما أكسبه خبرة ذاتية جعلته مؤهلاً لإنتاج عدد من المنحوتات الجصية والحجرية ذات الطابع العفوي الذي لا يخضع فيها الفنان إلى المفاهيم التقليدية والمدرسية في الفن.
لقد جاءت معارضه المتوالية لتعكس قلقه في البحث عن الصيغ الجديدة للنحت وامتلاكه اللغة النحتية المتفردة حتى صارت تتقوس بين التجريد المستند إلى ملامح بشرية وبين التعبير الشخصي الذي تكتنفه معالجة تجريدية».
ويختم: «لقد تعرّف "عبد الرحمن مؤقت" في العاصمة الايطالية "روما" على أبرز معالم الفن، قديمه وحديثه، وشاهد معظم الاتجاهات السائدة في فن النحت ولم يتردد في دراسة النحت العاري في أكاديمية "روما" حيث أنتج بضعة أعمال صقلت مواهبه وأرضت نفسه».