صمم على بلوغ أسمى مراتب العمل الفني وخاض غماره المختلفة منذ نعومة أظفاره فكان له ما أراد إنه الفنان وعازف الكمان "عبد الحليم حريري".
بداية تحدث الأستاذ "عبد الحليم" عن نشأته التي ساهمت في ترسيخ علاقته بالفن قائلاً: «نحن عائلة فنية عريقة فإخوتي التسعة يعزفون الموسيقا منذ صغرهم وأخي "محمد" كان له الدور البارز في تعليمنا الموسيقا كي تكون رديفا للثقافة وكان له هدف في تغير انطباع عامة الناس الذين يعتبرون أن الموسيقا عمل مرتزقة فالناس البسطاء الذين لا يملكون عملاً هم وحدهم الذين يعملون بالموسيقا فكنا من المتفوقين في المدارس وفي المعاهد الموسيقية.
نحن سعداء بأن يكون الأستاذ "عبد الحليم حريري" نقيباً للفنانين "بحلب" لأنه فنان ويعرف السبل إلى تحسين واقع الفن في "حلب"، فبالنسبة لي قمت بإخراج مسرحية "كاسك يا وطن" وكان الأستاذ "عبد الحليم حريري" بمثابة الأب الروحي للعمل من خلال تعاونه معنا بشكل كبير ونلاحظ سعيه الدائم لتقديم كل شيء يخدم الفن في "حلب"
بدأت مشواري مع الموسيقا في سن الخامسة على يد أخي فدرست الموسيقا وأصول الغناء وفي عام "1968" دخلت إلى المعهد العربي للموسيقا وتخرجت فيه عام "1973" وفي عام "1974" كنت أصغر عضو في نقابة الفنانين بسورية قبلا وبعدا نظرا لموهبتي ودعما لها».
وعن عمله في المجال الموسيقي أضاف "حريري": «بدأت العمل في المجال الفني في سن الثامنة عشرة بعد حصولي على الشهادة الثانوية وعملت في المدارس والمعاهد الموسيقية. مدرّسا لآلتي الكمان والغيتار في "حلب" و"دمشق" وعندما أدركت أن العزف لا يكفي لأكون فنانا شاملا فلابد من دعمه بالعلم النظري، درست تاريخ الموسيقا العربية وأصول الإيقاع وعلم المقام وعملت كمحاضر في المدن السورية في المجال الموسيقي ونظرياته وتاريخه.
وفي عام "1988" حصلت على إجازة في الحقوق وكنت عضو مؤتمر في نقابة الفنانين واشتركت في وضع قوانينها وأنظمتها».
شارك الفنان "عبد الحليم حريري" في العديد من الحفلات والمهرجانات التي ضمت أشهر الفنانين على المستوى العربي، عن هذه المشاركات يحدثنا بالقول: «سافرت مع نجوم الغناء في العالم العربي أمثال "وديع الصافي" و"عبد الله رويشد" وشاركت في أشهر المهرجانات العربية والعالمية مثل مهرجان "موازين" في المغرب "وصلالة" في عمان و"موسيقات الشرق" في هون كونج.
وبعد فترة طويلة من ممارسة العمل الفني اتجهت إلى العمل في مهنتي المحاماة وعملت محاميا لمدة سبع سنوات وعدت بعدها إلى العمل الفني كنقيب للفنانين في "حلب" منذ بداية عام 2010».
** واقع الفن في "حلب" مأساوي بعد أن أصبحت المادة أساس كل إنتاج فني ونظرا لعدم وجود مؤسسات إنتاج فني في حلب خصوصاً وسورية عموماً وإن وجدت فهي لا تلبي متطلبات الواقع وأصبحت الموسيقا صناعة كأي صناعة موجودة في البلد والمستثمر فيها هو رابح بكل المقاييس وقد لاحظنا في السنوات العشرة الأخيرة أن شركات الإنتاج الفني والدرامي في "حلب" بدأت بالأفول بسبب العقلية التي حولت الفنان إلى جاني أموال.
** مجالات الموسيقا في "حلب" قليلة ومقتصرة على الحفلات الشعبية، والعمل الثقافي غير مدعوم ماديا ولبدء نشاط فني موسيقي عال فلابد من جهد شخصي لتكوين عمل فني عالي المستوى وهذا يحتاج إلى رعاية مادية كبيرة وهذا الشيء مفقود تماما في "حلب" وإن ذلك لا يتحقق إلا إذا دُعمت مؤسسات الدولة والقائمون عليها بالنشاطات الفنية على أن يكون لها مضمون وغاية وليس فقط لإقامة نشاط معين طالما أن الموسيقا مرآة الشعوب وإن العالم العربي الفني حاليا في عصر الانحطاط بعد أن تدنى المستوى الموسيقي.
** الناس حاليا أكثر ما يفكرون به هو الترويح عن النفس عند سماع الموسيقا الصاخبة مهما كان مضمونها وإن ذلك يتجلى في مقارنة كلمات أغاني اليوم مع أغاني الزمن الجميل في خمسينيات القرن الماضي وأعزو أسباب الأزمة الحالية إلى ملحني الأغاني وكتاب الكلمات الذين لا يفقهون شيئا ويجهلون أصول الموسيقا وعلم اللغة.
وقد ربط "الحريري" النهضة الفنية بنهضة عامة في الوطن العربي في المجالات كافة وقد ركز على أهمية المادة في تغذية ودعم أي نشاط فني لأن الموسيقا ناتجة عن رقي المجتمع وتطوره فقد نشأت السيمفونيات العظيمة في العصور الوسطى في أوروبا أمثال "بتهوفن" فقد احتضن الفن في تلك الفترة ورعاه الإقطاعيون والرأسماليون هذا الشيء حاليا مفقود تماما في الوطن العربي بشكل عام عن الشباب للأسف، في هذه الفترة يتعلمون الموسيقا لجني الأموال وليس لتقديم فن راق فإن رقي الفنان في كونه هاو للموسيقا وليس محترفا بها. وإن بعض الشباب يأخذون الموسيقا كنمط من "الفنتازيا".
** إن الحل الجذري هو التعليم الموسيقي الأكاديمي فإن المناهج في المعاهد الموسيقية العامة والخاصة يوجد فيها خلل وضعف وليس من الضروري أن كل من يدخل معهد موسيقي يجب أن يخرج فناناً فلابد من تخرج بعض الفنانين والباقي متذوقون للفن وجمهور للفنانين وإن الفنان الحقيقي هو من يفرض شخصيته الفنية ويقدم شيئاً جديداً ويكون له كيان فني يميزه من باقي الفنانين.
** "حلب" تحولت إلى متحف فني وإننا نجتر الفن القديم ونعيش على أنقاض الأسلاف من أعلام الموسيقا في حلب ولا ننتج شيئاً جديداً، ويقتصر دورنا على إعادة نشر ما لحنه وكتبه العظماء الذين مروا على حلب في عصرها الذهبي.
الفنان المسرحي "مضر رمضان" تحدث عن علاقته بالفنان "عبد الحليم حريري" بالقول: «نحن سعداء بأن يكون الأستاذ "عبد الحليم حريري" نقيباً للفنانين "بحلب" لأنه فنان ويعرف السبل إلى تحسين واقع الفن في "حلب"، فبالنسبة لي قمت بإخراج مسرحية "كاسك يا وطن" وكان الأستاذ "عبد الحليم حريري" بمثابة الأب الروحي للعمل من خلال تعاونه معنا بشكل كبير ونلاحظ سعيه الدائم لتقديم كل شيء يخدم الفن في "حلب"».
يذكر أن الفنان "عبد الحليم حريري" من مواليد حلب في "1960"وهو أب لثلاثة أولاد يعشقون الموسيقا ويدرسونها.