يوجد في منطقة "عفرين" العديد من المزارات الدينية المباركة التي يقصدها الناس من المناطق المجاورة للتبرك وأملاً في شفاء أمراضهم وعللهم، ومزار "شيخموس" أحد هذه المزارات.
للحديث عن هذا المزار سألنا الفنان "عبد الرحمن محمد" وهو صاحب محل تصوير ضوئي في ناحية "راجو"، فأجاب في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 نيسان 2014: «يقع مزار "سلطان شيخموس" في "سهل ميدانا" وتحديداً إلى الجنوب من قرية "كاوندا" التابعة لناحية "راجو" ووسط المقبرة هناك، تحيط بالزيارة مجموعة من أشجار البلوط.
يوجد على باب زيارة "شيخموس" نص كتابي باللغة العثمانية يعود إلى العام 1300هـ - 1882م، يذكر هذا النص الكتابي صاحب المزار بأنه "شيخموس عنزلي"
في الموقع أيضاً مجموعة من الأعمدة الحجرية الضخمة المنتشرة على مساحة حوالي 2 هكتار من الأرض، تشبه هذه الأعمدة الأثرية الأبنية الموجودة في "جبل شيروان" الأثرية، الذي يؤلف القسم الجنوبي من "جبل ليلون"، وهي تعود إلى العهود الرومانية والبيزنطية.
الزيارة موجودة وسط قرى ميدانيات وعددها سبع قرى كما هو معروف، وتحظى هذه الزيارة باحترام الناس فهي مباركة لديهم ولها حضور اجتماعي – ديني كبير في حياتهم إلى درجة أن سكان المنطقة المجاورة لها يسمون مواليدهم باسم صاحب المزار والمدفون فيه، واسمه "شيخموس"».
وتابع السيد "عبد الرحمن" حديثه: «يوجد على باب زيارة "شيخموس" نص كتابي باللغة العثمانية يعود إلى العام 1300هـ - 1882م، يذكر هذا النص الكتابي صاحب المزار بأنه "شيخموس عنزلي"».
وختاماً قال: «كباقي المزارات المنتشرة في المنطقة فإن السكان يزورون المزار أيام الجمعة من كل أسبوع والأعياد الدينية لتقديم الذبائح بجواره آملين أن يساعدهم صاحب المقام المدفون فيه في الشفاء من أمراضهم وعللهم».
حول قصة المزار والحكاية الشعبية التي تتداولها ألسنة الناس في المنطقة تحدث الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تاريخ وتراث منطقة "عفرين" بالقول: «يروي القرويون في المنطقة أن "شيخموس" وهو صاحب المقام كان من نواحي مدينة "شيخ الحديد"، وكان يعمل راعياً للأغنام في منطقته وقد اُتهم باطلاً بارتكاب الزنى في قريته، فحُكم عليه بالقتل، وقبل تنفيذ الحكم به أوصى أن يتم دفنه في "سهل ميدانيات".
وقد تم تنفيذ وصيته بعد تنفيذ الحكم به بأن حمله أربعة رجال من قرية "شيخ الحديد" إلى ذلك السهل وبعد وصولهم إلى الموقع قاموا بوضع نعشه أسفل سفح الجبل في "سهل ميدانيات"، في تلك اللحظات تدحرجت صخرة من أعلى قمة الجبل ودارت حول النعش ثم توقفت بجوارها، فقام هؤلاء الرجال بدفن الجثة في ذلك الموقع».
وأضاف متابعاً حكاية المزار الشعبية: «بعد أن دفنوا الجثة عاد هؤلاء الرجال إلى قريتهم "شيخ الحديد"، وفي الطريق مسخهم الله إلى خنازير وقد كان ذلك بالقرب من قرية "قره بابا" التابعة لناحية "راجو"، ولا يزال هناك في المنطقة ممر يطلق عليه الناس اسم "ممر الخنازير" تذكيراً بتلك الحادثة.
يعتقد القرويون وسكان المنطقة المجاورة للمزار أنه كانت تظهر بين الفترة والأخرى كرامات بجوار القبر؛ لذلك قام الأهالي هناك ببناء مقام على القبر وذلك منذ أكثر من قرن ونصف القرن، وبذلك قاموا بتكريم المتوفى في قبره، الذي اتهم بالزنى باطلاً وقتل من دون ذنب اقترفته يداه».
وتابع: «وفي حديث متعلق بالمزار أيضاً أود أن أذكر بأن للإيزيديين سناجق أو رايات ترمز كل واحدة منها إلى ملاك، وأعظم هذه السناجق ما يسمى بسنجق "العنزل"، و"العنزلي" –"أنزلي"، "أزلي" أو "شيخ إبراهيم العنزلي" هو أحد مشايخ الإيزيديين من الفئة القاتانية إلى جانب "شيخو بكر"، وربما لقب "شيخموس" بالعنزلي لكونه من مشايخ الفئة القاتانية الإيزيدية من مشايخ "شيخ إبراهيم العنزلي" وكان متصوفاً ومتعبداً هناك ثم مات ودفن في نفس المكان؛ فاتخذه الناس مزاراً يتبركون به».