تُعتبر مدينة "عين العرب" الواقعة على ضفاف نهر "الفرات" حديثة العهد والنشوء قياساً بعمر غيرها من المدن السورية، لها تفاصيلها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخاصة التي تتميز بها والتي سطرها عبر الزمن أناسها الطيبون ومازالوا.. وقد رصد الأستاذ "حسين أمين حسين" في كتابه "عين العرب في مئة عام" الصادر عن دار "الأقصى للطباعة والنشر" في /160/ صفحة من القطع المتوسط جزءا كبيراً من عمر هذه المدينة وتفاصيلها.
بتاريخ 5/4/2009 أجرى مراسل موقع eAleppo في مدينة "حلب" لقاءً مع مؤلف الكتاب وذلك بهدف التعرّف على مضمون الكتاب والغاية من تأليفه ومن خلاله التعرف على مدينة "عين العرب" من جوانبها المختلفة، وفيما يلي نص اللقاء:
جاءت هذه التسمية على اسم أحد أحفاد "نوح" عليه السلام وهو" سروج" ابن "رعو" ابن "فالح" ابن "عابر"... وهو سهل خصب ومستوي على مد النظر قاطعاً الحدود السورية التركية
** «لقد أحببت أن تظهر مدينتي بثوبها الزاهي ليعرفها ويتعرف عليها من يجهلها، وها أنا أقدم للقارئ الكريم ما استطعت جمعه محاولاً تجسيد ما قيل بأنّ كل سر جاوز الاثنين شاع وكل ما لم تكتبه على القرطاس ضاع، لذا أردت صون ما عرفته عن المدينة وجمعته في هذا الكتاب لحفظه من الضياع».
** «في الحقيقة لا توجد مصادر كتابية مدوّنة عن منطقة "عين العرب" باعتبارها حديثة النشوء ولذلك فقد اعتمدت على المعلومات التي تركّز على تاريخ نشأة المدينة من أفواه المسنين مثل حج "محمد عبدي" الذي توفي في العام /1998/ عن عمر ناهز /118/ عاماً وهو من قرية "جوم علي" وغيره من المعمّرين في المنطقة».
** «توجد في المدينة كهوف قديمة وقد اُستعملت منذ القدم كمساكن ولكل كهف اسم يخصه والبناء الحالي مبني عليها بدءا من مقر اتحاد الفلاحين وحتى الطريق العام "عين العرب" –"جرابلس"، أما المدينة الحديثة الحالية فيعود تاريخ بنائها إلى العام /1892/ وكانت عبارة عن ثلاثة منازل والى جانبها مطحنتين ويأتي حي الأرمن في مقدمة الأحياء التي بُنيت فيها».
* حول اسم المدينة؟
** «للمدينة تسميات عديدة وهي بحسب تسلسل زمانها "كاني" وهي أقدم تسمية للمدينة وهي بالكردية تعني النبع أو العين، والتسمية الثانية هي "كوباني" وقد عممت على المدينة خلال فترة نفوذ عشيرة الملليين، كما أطلق العثمانيون عليها اسم "مرشد بنار" كجزء من حملات تتريك الأسماء المحلية، وأثناء بناء السكة الحديدية فيها من قبل شركة ألمانية في العام /1911/ أُطلق عليها اسم "كومباني" واصلها الكلمة الانكليزية (company)، وأخيراً سميت بـ "عين العرب" بسبب وجود عيون ماء فيها حيث ينزل عليها البدو والرحل سنوياً».
** «جاءت هذه التسمية على اسم أحد أحفاد "نوح" عليه السلام وهو" سروج" ابن "رعو" ابن "فالح" ابن "عابر"... وهو سهل خصب ومستوي على مد النظر قاطعاً الحدود السورية التركية».
** «عاشت في المدينة فئات سكانية مختلفة من الأرمن والأكراد والعرب عشرات السنين في وئام وسلام وكانت توجد فيها ثلاث كنائس للطوائف الأرمنية لا تزال بعض آثارها وأطلالها موجودة إلى اليوم، إضافةً إلى عدد من المساجد الإسلامية حيث كانت أصوات المؤذنين تختلط بأصوات أجراس النواقيس في المناسبات والأعياد».
* ووضعها التعليمي؟
** «التعليم بمعناه اليوم لم يكن معروفاً في "عين العرب" حيث كان الناس يتعلمون في الحلقات التي كان يعقدها الخوجة لتعليم القرآن وختمه وبعض الأحاديث النبوية، وعند وصول رسالة ما كان صاحبها يجوب البيوت بحثاً عن ما يعرف قراءتها، وبعد توسع المدينة وازدياد عدد سكانها فقد تطورت الحياة التعليمية كثيراً، فاليوم يوجد في "عين العرب" تعليم ثانوي بفرعيه الأدبي والثانوي إضافة إلى المهني والشرعي والزراعي والصناعي وبالتالي خطت المدينة خطوات سريعة للحاق بركب الحضارة في جميع المجالات».
«وبالنسبة لتعليم المرأة ففيما مضى لم تكن الفتاة تتعلم قراءة القرآن عند الشيخ فقد كانت محرومة بحكم العادات والتقاليد العشائرية بينما اليوم تراها ترافق الرجل جنباً إلى جنب حتى التعليم الجامعي».
** «تختلف الحالة الصحية فيها اختلافاً جذرياً عن غيرها من المدن والمناطق حيث تعاني من تخلف طبي وصحي واضح فحتى اليوم ليس فيها مشفى حكومي واحد رغم أن عدد سكانها بمدينتها وقراها وريفها يزيد عن مليون نسمة وليس فيها سوى بعض النقاط الطبية أو مستوصفات، ففي المدينة يوجد مستوصف إضافةًُ إلى نقاط طبية في نواحي "الشيوخ" و"صرين" وبعض النقاط الطبية الموزعة في الريف وقد يداوم فيها أحد الأطباء يوماً أو يومين في الأسبوع».
«اجتماعياً تتحكم العشائرية وترسباتها من عادات وتقاليد قد تكون سلبية في الكثير من الأحيان، ومن مساوئ المدينة في هذا الإطار أنه إذا ما أخطا شخص فإنّ أبناء عائلته أو عشيرته سيدفعون الثمن بحكم عادة الثأر، ومن العادات الأخرى السلبية في حالات الزواج ففي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي لم يكن باستطاعة العريس رؤية عروسه حتى يوم الزفاف، ولكن اليوم ومع زيادة التعليم والوعي فإنّ هذه العادات الاجتماعية في طريقها إلى الزوال».
* كلمة أخيرة؟
** «"عين العرب" رواية الشمس والوجود تنام على خط الحدود الشمالية بين "سورية" و"تركية" ظلت وستظل وفية أمينة لوطنها ووطنيتها وترمي عن نفسها ثوب الجهل والتخلف على أمل القضاء على العادات العشائرية التي لا زالت من رواسب الماضي من تاريخ المدينة».
يُذكر أنّ مدينة "عين العرب" تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة "حلب" بنحو /155/ كم ويزيد عدد سكانها عن خمسين ألف نسمة وتتبعها /370/ قرية ومزرعة.