في إطار نشاطاته الثقافية للربع الأخير من العام /2009/ استضاف المركز الثقافي العربي بمدينة "جنديرس" الدكتور "عبد السلام الراغب" - كلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة "حلب"- الذي تحدث للحضور عن الإعجاز العلمي في "القرآن الكريم" وذلك عبر قراءاته لعدد من الآيات القرآنية والاعتماد على الدلالات اللغوية لمفرداتها للوصول إلى ما قاله بأنها إشارات إلى حقائق علمية وذلك قبل اكتشافها من قبل العلم الحديث بحوالي
/1500/ سنة.
موقع eSyria كان حاضراً في ثقافي "جنديرس" وسأل الدكتور "عبد السلام الراغب" حول الهدف من البحث الذي قدمه اليوم للحضور فأجاب:
وكذلك الآية<< والسماء بنيانه بأيد وإنا لموسعون>> التي تشير وتؤكد الحقيقة العلمية التي تقول بأنّ الكون في تمدد وتوسع مستمر وذلك بحسب النظريات الحديثة
«الهدف هو توجيه الناس إلى العقلانية والعلم لأنهما أساس كل نهضة في حياة الشعوب والأمم، فحين يتجه الناس للعقل والعقلانية والتفكّر بالكون والحياة واستخراج قوانين وتسخيرها في خدمة الإنسان يحدث بعث الروح العلمية والعقلانية في نفوسهم».
«الكثيرون يظنون أنّ القرآن بعيد عن العقل والعلم وهذا خطأ، وحين نثبت لهم أنّ القرآن أعطى للعقل مكانة وقيمة وبأنهما لا يتناقضان نكون بذلك قد استخدمنا المحرض والحفز الديني في بعث النهضة من جديد».
وحول المنهجية التي اعتمدها في إثبات الإعجاز العلمي للقرآن قال:
«الاعتماد على الدلالة اللغوية في المعاجم العربية ودلالة المفردة القرآنية على هذه الإشارات العلمية والمفروض دائماً -وهو الاتجاه السليم- أن ننطلق من القرآن الكريم إلى العلم وليس العكس، فالقرآن نزل بلغة العرب والمعيار في الحكم على دلالة الكلمة يكون عند العرب وفي معاجمهم اللغوية، فإن كانت الكلمة تشير إلى الحقيقة العلمية فهذا هو الإعجاز وإن كانت الكلمة المستخدمة في القرآن والمعاجم لا تشير إلى ذلك فعلينا عدم تحميل القرآن ما ليس فيه».
وأضاف متحدثاً عن بعض الآيات وإشاراتها العلمية حيث قال:
«الآية الكريمة التي تقول <<ولو فتحنا عليهم باباً من السماء، فظلوا فيه يعرجون، لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون>> فيها إشارات إلى حقائق علمية، فكلمة الباب في اللغة تعني الدخول إلى مكان ما وبالتالي الصعود للسماء لا يتم إلا عبر أبواب ومداخل وهذه الحقيقة أثبتها العلم الحديث حيث لا يمكن لرواد الفضاء الصعود للفضاء إلا عبر مداخل معينة يتم تحديدها بناء على دراسات علمية، وأيضاً يشير إلى وجود خطوط ومسارات محددة تمر عبرها الطائرات وأي خروج عنها قد يسبب المخاطر لها، وفي الجملة القرآنية << فظلوا فيه يعرجون>> إشارات أخرى لحقائق علمية، فالعرج هو المشية المنحنية والصعود للفضاء لا يتم بشكل مستقيم وإنما بشكل منحنٍ كما تعرفون، أما كلمة << فظلوا>> فهي توحي باتساع الكون وعدم وجود حدود له، أما << سكرت أبصارنا>> فهو إشارة إلى الظلام الذي يشبه غمض العيون عند الخروج من الغلاف الجوي».
«وكذلك الآية<< والسماء بنيانه بأيد وإنا لموسعون>> التي تشير وتؤكد الحقيقة العلمية التي تقول بأنّ الكون في تمدد وتوسع مستمر وذلك بحسب النظريات الحديثة».
وتابع: «هناك حقيقة علمية تقول بضرورة عدم الانتقال من مكان مظلم إلى مكان مضاء بشكل فجائي إنما بشكل تدريجي وهذه الحقيقة أشار إليها القرآن في الآية التالية<< الليل نسلخ منه النهار>> فسلخ الشاة يتم بشكل تدريجي كما هو معروف لإظهار ما بعد الجلد وكذلك يكون التدرج في حركة الضياء الذي لا يتم فجأة وإنما بشكل متدرج بدءاً من الفجر وحتى الشروق حيث يأخذ وقتاً».
«وتقول الآية التالية << يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور>> الخسف يعني الإنزال للأسفل وتمور يعني الغليان والاضطراب وهي إشارة إلى أنّ الأرض تتألف من عدة طبقات وفي باطن قشرتها طبقة متلهبة مؤلفة من الحمم، علماً أنّ الإنسان القديم لم يكتشف سوى الطبقة المبردة التي يعيش عليها وتتراوح سماكتها بين /20 -30/ كم».
«وفيما يتعلق بالجنين في بطن أمه -والكلام ما زال له-فقد صوّر لنا القرآن مراحل نموه بشكل دقيق وذلك قبل اختراع الصور الإشعاعية وغيرها وبعد /1500/ سنة جاء العلم الحديث ليكتشف أطوار الجنين، فالقرآن يصف تلك المراحل بالقول << ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً>> ففي البداية كان الجنين علقة ثم تحول إلى مضغة وأخيراً << كسونا العظام لحماً>> و << ثم أنشأناه>> وذلك بعد اكتمال أعضائه واستقامة عموده الفقري وتخلصه من الانحناءات».
وختم الدكتور "عبد السلام الراغب" حديثه بالقول:
«لقد اكتفينا بذكر بعض الآيات في هذه المحاضرة لأنه لا يمكننا الإحاطة بجميع الآيات التي تشير إلى الحقائق العلمية في جلسة واحدة فهي تحتاج إلى محاضرات ووقت طويل، ولكن السؤال الذي قد يطرحه أي إنسان هو من أين للقرآن ورسوله الأمي بهذه المعرفة العلمية؟ خاصّة وأنها لم تكن معروفة في الحضارات السابقة للإسلام مثل "اليونان" و"الرومان" وحتى العرب أنفسهم، والجواب -برأيي-هو أنّ هذه المعرفة العلمية والإشارة للحقائق العلمية دليل على أنه كتاب غير بشري وإنما منزّل من عند الله سبحانه وتعالى».
في المركز الثقافي أيضاً سألنا بعض الحاضرين عن رأيهم بما قدمه الدكتور "الراغب" في بحثه اليوم، فأجاب الأستاذ "محمد نور خليل" -مدير مدرسة "عمر المختار" في مدينة "جنديرس" فقد قال: «المحاضرة كانت قيّمة وتأتي قيمتها من خلال دعوتها وتوجيهها إلى إعمال العقل والتدبر لأن العقل سبيل العلم الذي تحتاجه أمتنا للحاق بركب الحضارة المتسارع، وهي أيضاً دعوة إلى ربط القول بالفعل لأننا نملك الكثير من النظريات بما يكفي الكون ولكن ما نحتاجه هو العمل وترجمة القول إلى الفعل».