ويبقى الشعر تلك البوابة التي تعبر منها صدحات الأرواح وترنيم الحياة في كل أضدادها.. فمع الشاعر "صلاح الحسن" تترنم الكلمات بتكاثف الهمسات إلى فؤاد ذاك أو تلك التي تستقطب الهمسات.. وتكاثفت الهمسات اليوم في اللقاء الذي أجريناه في موقع eAeppo مع الشاعر "صلاح الحسن" يوم الخميس (7/8/2008)م فكان الحوار التالي:
** لا توجد هناك قصيدة أولى بالمعنى الدقيق، ولكن هناك قصائد أولى وهذه القصائد غالباً لا تنشر وتبقى طي دفاترها، أما إذا كنتَ قصدت أول قصيدة نشرتها فقد كانت موجهة إلى امرأة مجهولة كانت تعيش في خيال شاعرها، ولم تكن امرأة حقيقية.
** بماذا سيصف شاعر علاقته بالشعر، إنها علاقة عشق غير مشروط ومن طرف واحد يتفانى فيه العاشق بالمعشوق، ويستمرئ عذاباته وينتظره حتى وإن لم يأت، إنها علاقة الاسم بالمسمى، والوجه بالمرآة.
** لا يوجد شاعر حقيقي بدون خصوصية والشاعر الذي لا يملك خصوصية فهو يسمى شاعراً على سبيل المجاز، والتاريخ الأدبي لم يحتفل إلا بالشعراء الذين حققوا خصوصيتهم، كـ "امرئ القيس" و "طرفة بن العبد" و "نزار قباني و "السيّاب" و "محمود درويش"...
أما ركائزها فهي أن يكون للشاعر صوته الخاص وأسلوبه المختلفان عن الآخرين، وأن ينجح في التعبير عن تجربته هو ومعاناته التي تشكل ملامح رؤيته الفنية وموقفه.
** حصة الأسد.
** أنا لا أؤمن بالتقسيمات المدرسية للشعر كالرومانسية والواقعية... كذلك لا أؤمن بالتقسيمات الشكلية كقصيدة الشطرين أو التفعيلة أو النثر. لأن الشعر فن يستعصي على التصنيف، ولذلك إما أن يكون هناك شعر أولا يكون سواء أكان هذا الشعر رومانسياً، أو رمزياً، أو كان على نظام التفعيلة أو الشطرين.
وأنا أميل إلى الشعر الحقيقي وأسعى في كل ما أكتب إلى مقاربته.
** لا أستطيع أن أمارس دور الناقد هنا على شعري. لا شك أن للبيئة أثر كبير في تجربتي ولكن قد لا أستطيع تقييم هذا الأثر.
على كل حال.. لقد كان لطفولتي البعيدة التي قضيتها في قريتي جانباً هاماً في تجربتي وقد جسدت ذلك في قصائد عديدة مثل: (الجرح القديم، فصول الانتظار، جرح صغير، وصورة خريفية)، وفي آخر قصيدة لي لم تنشر بعد وهي بعنوان: (طريق الحليب). ولكن لا أرى في الريف المكان المثالي البري والحميم، المليء بالماء والخضرة والعصافير. إنه ريف الواقع لا ريف الأحلام؛ ريف فقير ومأزوم، متطرف في حبه، و في كرهه، وفي حقده وفي تسامحه.
** إن علاقتي مع الشعر ليست علاقة (براغماتية). ولذلك تأخذ شكل الأمنيات: أتمنى من خلال الشعر أن أكون أنا أنا.
** أرى أن مستقبل الشعر ينحصر في اتجاهين: الأول تغريبي محض يقع في دائرة التبعية العمياء للمنجز الشعري الغربي. والثاني يعيش على أمجاد الماضي وينضوي تحت عباءته، ويحاكيه ويجتره. وسيجد كل اتجاه منابر إعلامية وثقافية تكرسه وتلقي الضوء عليه؛ وأما الشعر المعاصر الذي ينطلق من موقف وسطي معتدل من الغرب والتراث على حد سواء فسوف يكون غريباً مغيباً، وطوبى للغرباء.
** أتمنى أن يعود الشعراء أولاً للشعر لكي يعود القراء إلى قراءة الشعر.
ونذكر أن الشاعر "صلاح الحسن" من مواليد (20/4/1977)م قرية "أبو كهف" التابعة لمدينة "منبج". إجازة في اللغة العربية وآدابها من "جامعة حلب". حاصل على الجائزة الأولى في مسابقة دار "سعاد الصباح" عن مجموعة (هي أمك الأخرى)، وقد صدرت المجموعة عن الدار في عام (2007)م، وعدة جوائز محلية أخرى..