أحيا الشاعر "سليمان الحكمية" أمسية شعرية على مسرح مديرية الثقافة بـ"حلب"، بتاريخ 20/10/2008، وعرض الشاعر خلال الأمسية مجموعة من القصائد الشعرية من الشعر الحديث التي تناولت مختلف الجوانب الإنسانية والوجدانية والعاطفية والوجودية، بمرافقة الموسيقا التي أداها العازف الفنان "مصباح غنامي".
eSyria حضر الأمسية والتقى الشاعر "سليمان الحكمية" الذي حدثنا عن انطباعه فقال: «الشعر لم يعد منبرياً بعد أن عزف الشعراء عن مواضيعه التي كانت في السابق تهز المشاعر لمجرد اللهج بها، وبالتالي لم يعد الشعر جماهيرياً كما كان، ربما هذا أحد أسباب نخبوية الحضور في هذه الأمسية، فالحضور كان من الطبقة الأكاديمية والمبدعة والمتابعة، وهو حضور يدعونا للفخر لكننا نحنُّ إلى رؤية تلك الجماهير الغفيرة التي كانت تنفعل وتتفاعل مع الإلقاء الشعري وتحفظ من شعر الشاعر وتردده وهي خارجة من الأمسيات أو المهرجانات، مع أن الشعر اليوم صار أكثر غنىً وربما أكثر شعرية لسبب قدرته على تناول موضوعات جديدة وبالتالي قدرته على حمل مضامين جديدة أكثر عمقاً وأكثر اتساعاً».
قصائد "سليمان" ليست قصائد منبرية، إنها أحوج ما تكون إلى القراءة الهامسة، القراءة المتأملة، القراءة التي تملأ الفراغات وما بين السطور، والإلقاء ليس سوى مغامرة للتواصل مع الجمهور، مغامرة تتوخى إيقاظ الحواس والذاكرة والمخزون الثقافي بعيداً عن التصفيق المجاني وانتزاع الإعجاب المباشر
وعن المواضيع التي تناولها في قصائده، أضاف: «حملت القصائد التي ألقيتها الهم الإنساني العام، طرحت الكثير من الأسئلة الوجودية من خلال جرعات مكثفة من التأمل والتفلسف ومن خلال معالجات صوفية أيضاً، كما طرحت الهم الوطني والقومي بلغة ورموز شعرية بعيدة عن المباشرة والخطابية، وحاولت توصيل الفكرة مع الحفاظ على جمالية الصورة ومتانة اللغة وقوة الرمز والشعرية لكي يبقى الشعر شعراً وقادراً على حمل الفكرة مع الحفاظ على جماليته وبهائه».
كما التقينا الروائي والناقد "نذير جعفر" ليعطينا رأيه في شعر "الحكمية" فقال: «في شعره شفافية آسرة، تبوح بأسرار الكون، وتتساءل ببراءة الأطفال، وتجيب بحكمة الفلاسفة، إنه شاعر الفطرة والتأمل والأسئلة، شاعر يمزج بين اللحظة الراهنة والأبد، بين التفاصيل الصغيرة والرؤيا، بين الذات والعالم، تنم قصائد الشاعر "سليمان الحكمية" عن فطرية عجيبة في استلهامها للطبيعة، كما تنم عن معرفة عميقة باللغة والديانات والأساطير والشعر العربي والعالمي، وهو عبر تناصه مع تجارب الآخرين يحاول أن يمتلك صوته المتفرد الخاص به الذي لا يشبه أحداً سواه، يشتق مفردات تكاد تخصه وحده، مثل: مجهروا الكائنات الدقيقة، بستر السماسرة بغبطة وبرود دم الأقحوان، كما يبتكر صوراً لم يسبقه أحد إليها، مثل: اغمزي كجرعة التخدير».
وأضاف: «قصائد "سليمان" ليست قصائد منبرية، إنها أحوج ما تكون إلى القراءة الهامسة، القراءة المتأملة، القراءة التي تملأ الفراغات وما بين السطور، والإلقاء ليس سوى مغامرة للتواصل مع الجمهور، مغامرة تتوخى إيقاظ الحواس والذاكرة والمخزون الثقافي بعيداً عن التصفيق المجاني وانتزاع الإعجاب المباشر».
وكان قد صدر عن دار "ناجي نعمان" للنشر في لبنان عام 2005 مجموعة شعرية جديدة للشاعر "سليمان الحكمية" بعنوان (عندما في الأعالي) تميزت بالعمق الفكري والخيال الخصب، كما نال الجائزة العالمية الرفيعة للشعر في المهرجان الشعري الذي أقامته الأكاديمية الدولية في رومانيا في مدينة "كورتيا دي آرجيس" ما بين 16-22 من تموز الماضي، وهو باحث مهتم بتاريخ الأديان المقارن وعضو باتحاد الصحفيين في سورية.