صدر عن دار "نون" للطباعة والنشر والتوزيع صدر مؤخراً كتاب جديد بعنوان ("عفرين" في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن العشرين) للأستاذ "جمعة عبد القادر" يتضمن مشاهداته وذكريات طفولته القصيرة التي قضاها في مدينة "عفرين".
ولإلقاء المزيد من الضوء على ما يحتويه الكتاب من ذكريات تعتبر توثيقاً لفترة معينة من تاريخ هذه المدينة التقى موقع eAleppo بالأستاذ "جمعة" في منزله بمدينة "حلب" وذلك بتاريخ25/2/2009، وطلبنا منه بدايةً أن يعطينا فكرة عن شخصه فقال:
ما زلت أتذكر طفولتي بكل حذافيرها حينما كنت أسبح في النهر مع رفاقي، والأبنية الرسمية الأولى فيها من السراي الحكومي والسجن والمخفر والمقاهي والكازيات
«اسمي "جمعة محمد عبدالقادر" من مواليد "عفرين" في العام /1942/ أحمل إجازة في الآداب قسم اللغة العربية –جامعة "دمشق" منذ العام /1967/ أما لماذا سموني "جمعة"؟؟ فلأنّني وُلدت يوم الجمعة». علّق ضاحكا
وعن إصداراته قال: «كتابي حول ذكرياتي في "عفرين" هو الأول لي، ويوجد تحت الطبع مجموعة قصصية بعنوان (العروس والكلب) ومجموعة شعرية بعنوان (يا ساحرة) إضافةً إلى العديد من القصائد والقصص التي نشرتها في الدوريات المحلية والعربية مثل مجلة "الطليعة السورية" و"دراسات اشتراكية" و"الحوار" و"جريدة البيان الكويتية"».
وتابع متحدثاً عن كتابه الجديد:
«الكتاب يتألف من /160/ صفحة من القطع المتوسط مرفقاً بمجموعة من الصور التوثيقية لمدينة "عفرين" في بداياتها حيث قضيت فيها أجمل أيام طفولتي، وهو عبارة عن سيرة ذاتية ممتزجة بسيرة هذه المدينة الساحرة التي تتضمن ذكرياتي ومشاهداتي وانطباعاتي مع التأكيد على الجانب التاريخي فيها بشكل عام».
وأضاف: «في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات كانت مدينة "عفرين" قرية صغيرة حديثة النشوء وكانت الحياة فيها في غاية البساطة والمحبة بين جميع ساكنيها، ودرست في أول ابتدائية تم تأسيها في المدينة حتى الصف الرابع، قبل أن ننتقل إلى مدينة "القنيطرة"».
«ما زلت أتذكر طفولتي بكل حذافيرها حينما كنت أسبح في النهر مع رفاقي، والأبنية الرسمية الأولى فيها من السراي الحكومي والسجن والمخفر والمقاهي والكازيات».
وتابع متذكراً بعض الصور الطريفة عن الحياة في المدينة: «قبل دخول المدينة في الجهة اليسرى كانت توجد أول كازية في "عفرين" اسمها كازية "الدهني" وباعتبارها كانت تفتقد للكهرباء كباقي المدينة فقد كان العامل فيها يقوم بملء خزان وقود السيارات بواسطة تنك معدني ومن خلال القُمع، أما الطواحين فقد كانت تعمل على قوة المياه الجارية وعندما بُنيت فيها أول طاحونة تعمل بواسطة محرك بالوقود سماها الناس بطاحونة النار، وكان ذلك نقلة حضارية كبيرة، كما اعتبر تغذية المدينة بالكهرباء الإنجاز الحضاري الثاني، وتتالت الإنجازات من صندوق السمع (الحاكي) إلى الراديو الأول والسينما الأولى والجرارات وغيرها».
وعن الفرق بين تلك الأيام وأيامنا قال: «لقد تغيرت الحياة كلية نحو الأفضل ومن جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فمثلاً في تلك الأيام لم يكن في "عفرين" كلها (إلا نادراً) من يستطيع قراءة أو كتابة رسالة، أما اليوم والحمد لله تعتبر منطقة "عفرين" من أكثر المناطق في القطر بعدد مثقفيها وشهاداتها العلمية».
«ومن الأمثلة الأخرى التي تعبّر على التطور الكبير الذي حققته المدينة خلال تاريخها أنّه قديماً كانت هناك اعتقادات كبيرة بالخرافات والطلاسم في المجال المعالجات الطبية التي كانت تؤدي في الكثير من الأحوال إلى الوفاة وخصوصاً الأطفال فنحن كنا /11/ فرداً في الأسرة بقي منا على قيد الحياة /4/ فقط، أما اليوم فيوجد في "عفرين" المئات من الأطباء والصيادلة وأربع مشافي ومستوصف، وبالنسبة للحياة الاجتماعية فقد كانت هناك عادات وتقاليد بالية منتشرة في المنطقة تراجعت اليوم أمام التطور العلمي والتعليمي للمنطقة مثل عادة الثأر بين الناس وقتل الصبايا بمجرد وقوعها في الحب!! وانتشار عادة اللعب بالقمار وشرب الخمر وغيرها».
وأخيراً سألناه عن حياته في "القنيطرة" فقال:
«حصلت فيها على الشهادة الابتدائية /1954/ والإعدادية /1958/ والثانوية /1961/، وبعد الثانوية تعينت معلماً وكيلاً في قرية "مسعدة" السورية في "الجولان" لمدة سنتين، وقد سافرنا إلى "القنيطرة" أصلاً لأنّ شقيقي كان متطوعاً في الجيش برتبة رقيب فذهبنا مرة لزيارته ولكننا لم نرجع مفضّلين الاستقرار معه».
وأضاف: «خلال دراستي في "القنيطرة" تعرفت على الكثير من الأصدقاء الذين تربطني بهم الصداقة الحميمة حتى اليوم ومنهم الدكتور "فهد كم نقش" مراسل الفضائية السورية في "موسكو" حيث درسنا مع بعضنا منذ الصف السادس وحتى الجامعة، والأستاذ الكاتب "وليد معماري" والأستاذ "عطية سوح" رئيس تحرير مجلة دراسات اشتراكية، كما مازلت أتذكر بكل احترام أساتذتي "محمد سعيد رمضان البوطي" لمادة الديانة /1957/ والأستاذ "دريد لحام" (فنان حالياً) لمادتي الفيزياء والكيمياء، فإليهم جميعاً عبر موقع eAleppo كل المحبة والتقدير والاحترام».