«على هذا الكوكب أروع إنتاج صنعته يد البشر وأعظم إبداع خلقه الفكر، وبالرغم من صنوف القتل والحروب التي رافقت مسيرة الإنسان إلا أنّ الحب سيظل سيد كل موقف والفرح لغة الشعر بين المحبين كما وستظل الشمس تشرق على أرجاء المعمورة لترسل أشعتها ودفئها لكل الكون».
بهذه الجملة الجميلة والمعبّرة استقبل الدكتور والقاص "حسين أمين" موقع eAleppo في منزله بمدينة "حلب" بتاريخ 2/4/2009 بروحه الشابة وقلبه المليء بالحيوية والنشاط رغم تجاوزه الستين من العمر.
هذا العمل مهم للغاية للحفاظ على تراثنا وتاريخنا وفلكلورنا من الضياع فالملحمة الشعبية تتضمن جزءا مهماً وناصعاً من ماضينا المجيد
ثم قال الدكتور "حسين" متحدثاً عن بداياته الأدبية: «لقد كنت منذ طفولتي متعلقاً بالمطالعة في الكتب والمجلات المتوفرة كشخص ظمئ يبحث عن الماء في الصحارى ومع الزمن تمكنت من اختزان رصيد ثقافي مناسب أهّلني لدخول عالم الأدب بعد أن تقاطع مع موهبتي الفطرية، فبدأت طاقاتي الأدبية تتفجر على صفحات الجرائد والمجلات المحلية منها والعربية والبداية كانت من جريدة اتحاد الفلاحين في القطر وفي الملحق الثقافي لجريدة "تشرين" حيث لم تكن تصدر في الأسبوع إلا وكانت لي قصة منشورة على صفحاتها، كما نُشرت مجموعة من قصصي في مجلات النهضة الكويتية و"عمان" الأردنية، وفي السبعينيات من القرن الماضي فازت إحدى قصصي بالجائزة الأولى لمجلة "عمان" في "الأردن" وهي قصة (لحظات طالب في الثانوية)».
وتابع: «وسافرت إلى "السعودية" حيث أصبحت مديراً لدائرة زراعة مدينة "النبهانية" -منطقة "القصيم" وهناك قمت بتأليف كتاب تضمن دراسة حول الريف والمناطق الريفية في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية باعتباري طبيباً بيطرياً وكان عنوانه "مدينة الرص والريف"».
وعن هوية نتاجاته الأدبية قال: «بالنسبة لنتاجاتي القصصية يمكن تقسيمها إلى قسمين ففي البداية كنت أقوم بتأليف مجموعاتي القصصية بمعنى أنها كانت نتاج إبداعاتي الفكرية وقد كنت أركز فيها على الأعمال اليومية في الريف والعلاقات الاجتماعية السائدة والعادات والتقاليد الموجودة فيه وخاصة السلبية منها حيث كنت أنتقدها بأسلوب أدبي، وفي الفترة الثانية بدأت أميل إلى تدوين وجمع القصص الملحمية التراثية، وهي القصص التي تناقلتها الأجيال شفاهاً عن طريق الأغاني التي يؤديها المطربون الشعبيون دون أن تكون مدونة أو موثقة ولذلك تكون مهددة بخطر الضياع والاندثار بوفاة مغنيها الأصليين الذين كانوا يؤدونها بكلماتها الحقيقية وبمقاماتها الموسيقية الأصيلة».
وأضاف متحدثاً عن الصعوبات التي يلاقيها في عمله لتدوين الملاحم الشعبية: «لقد اخترت في بداية التسعينيات قصة ملحمية بعنوان "درويشي عبدي" لأقوم بجمعها وطبعها وقد تطلّب ذلك عملاً شاقاً ومضنياً حيث بحثت في الأرشيفات المختلفة عن كل من غناها فحصلت على /72/ كاسيت بأصوات عدد من المطربين ومن مناطق مختلفة وقمت بالاستماع إليها جميعها وغربلتها لحذف المقاطع الدخيلة والإبقاء على المشترك فيما بينها من حيث الكلمات والأداء واللحن للاعتماد عليها وتوثيقها، إضافةً إلى ذلك فإنّ هذا المشروع الأدبي المهم يحتاج إلى دقة فائقة وحكمة ودراية كي لا تثير الخلافات بين الطوائف والعشائر والعائلات التي يتم ذكرها في الملحمة الشعبية وكانت على خلاف أو قتال قديم فتأتي الملحمة بتجديدها».
وحول أهمية تدوين الملحمة الشعبية قال: «هذا العمل مهم للغاية للحفاظ على تراثنا وتاريخنا وفلكلورنا من الضياع فالملحمة الشعبية تتضمن جزءا مهماً وناصعاً من ماضينا المجيد».
يُذكر أنّ الدكتور "حسين أمين حسين" هو من مواليد /1948/ في قرية "عين البط" التابعة لمنطقة "عين العرب" وهو طبيب بيطري يمارس وظيفته إضافةً إلى كتاباته القصصية والأدبية، صدرت له حتى الآن الكتب التالية: "درويشي عبدي" -ملحمة من الأدب الشعبي -"بيروت" /2004/، "صالح نارسي" -ملحمة من الأدب الشعبي -دار الأقصى -"دمشق" /2008/، وكتاب "عين العرب" في مئة عام -حول تاريخ منطقة "عين العرب" -دار الأقصى-"دمشق" /2007/ وله العديد من الملاحم الشعبية تحت الطبع مثل "أوسمان آغا بينكة" و"غزال أحمد آغا مندي" و"بيرفانا جندي" و"حسين بك زلي"، كما أقام العديد من الأمسيات الأدبية في المراكز الثقافية في مدن "حلب" و"عين العرب" و"تل أبيض" و"منبج" وغيرها.