«يتميز الشعر العربي المعاصر بظاهرة اللجوء إلى بعض الرموز البطولية المستمدة من التاريخ (من دين أو تراث شعبي أو أساطير) يستعين بها الشاعر في التعبير عن معاناته لواقع لا يرتضيه، مستوحياً منها ما يعينه على تحديد رؤيته لحياة أفضل، أو إثارة مشاعر معينة تقترن بالرموز المستحضرة لا سيما في السياق السياسي، ومنذ نهاية القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا اعتاد الشاعر العربي المعاصر على ربط "صلاح الدين" "بالقدس" حيث افتتن الشاعر العربي المعاصر بالقائد "صلاح الدين" وأعتبره من أهم الرموز البطولية، وللبطل "صلاح الدين الأيوبي" أهمية تاريخية كبيرة وخاصة بعد وجود ما يسمى بدولة "إسرائيل" "بفلسطين"، وما أكثر البحوث والمحاضرات في هذا المنحى، وليس من الغريب أن يكتسب مثل هذا البطل خلوده على يد الأدباء سواء في العصر القديم أو الحديث والأمثلة على ذلك كثيرة.
فمن ذلك قول الشاعر العربي الكبير "أحمد شوقي" مشيرا إلى كلمات "غليوم" الثاني
تمحور جل ما ورد في المحاضرة حول مدينة "القدس" وشخصية "صلاح الدين الأيوبي"، وقد طاف الباحث على العديد من الرموز الشعرية المحلية والعربية منتخباً بعض نماذجها التي قيلت في مدينة "القدس"، ولكن كنا نتمنى عليه لو أسرف قليلاً في دراسة النصوص المنتخبة فنياً وذلك بتناول بنائها الجمالي ومعمارها التشكيلي
ما نسينا وقوفه "بصلاح الدين" والعالمون في نسيان
كلمات قد زادت القبر طيباً
فوق طيب العظام والأكفان.
أما الشاعر الدمشقي الكبير "نزار قباني" فقد قال:
البطولات موقف مسرحي
ووجوه الممثلين طلاء
و"فلسطين" بيتهم كمزاد
كل شار يزيد حيث يشاء
يا "فلسطين" لا تنادي عليهم
قد تساوى الأحياء والأموات.
وقد أكثر شعراء "حلب" حديثا من التطرق لموضوع "القدس" خاصة بعد تتويجها عاصمة للثقافة العربية والإسلامية لهذا العام، من ذلك قول الشاعر "كامل اسكيف":
"القدس" ملحمة التاريخ رافضة/ذل القيود فأهل القيد أشرار
"ياقدس" ألبابنا من صحوها وقدٌ/وأمرنا غالب والله قهــــــار
وقال أيضا:
لن تسرق "القدس" والأحلام واعية/على قرار انضمام "القدس" والحرم
لقد كان ولا يزال وسيكون من الطبيعي أن يستعيد الشعراء ذكرى الأبطال والمعارك والقلاع من مدن صمدت في كل زمان ومكان في وجه المعتدين،لأنهم الصوت الناطق باسم شعوبهم، الصوت الحر دائماً الذي يفجر طاقاتهم ويدفعهم للصمود والتضحية في سبيل حرية أوطانهم، وما "صلاح الدين" إلا واحد من الأبطال الذين خلدهم التاريخ على لسان المؤرخين والأدباء، أما "القدس" هذه المدينة المقدسة أولى القبلتين ومعراج رسولنا الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) فستظل عاصمة للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين طالما نحن على وجه المعمورة».
كان هذا بعضاً مما ذكر في البحث التي ألقاه الأديب "محمد الزينو السلوم" في النادي العربي الفلسطيني بـ"حلب"، والتي تمحورت حول "القدس" و"صلاح الدين" لدى الشعراء المعاصرين.
على هامش الندوة التقينا الأديب "محمد الزينو السلوم"الذي حدثنا عن هذا اللقاء قائلاً: «كان من المفترض أن تتناول المحاضرة موضوع "القدس" و"صلاح الدين" في الشعر القديم والمعاصر، لكنني وجدت أنه موضوع طويل ومتشعب فاقتصرت على الموضوع في الشعر المعاصر، طبعاً هذا اللقاء جاء بمناسبة تتويج "القدس" عاصمة للثقافة العربية والإسلامية، ويفترض على جميع الأدباء والشعراء تناول هذا الموضوع والتصدي لهذه الهجمة الصهيونية الشرسة على "القدس" وعلى "فلسطين" وعلى العرب جميعهم».
والتقينا الأديب "محمود علي السعيد" الذي حدثنا عن هذه المحاضرة قائلاً: «تمحور جل ما ورد في المحاضرة حول مدينة "القدس" وشخصية "صلاح الدين الأيوبي"، وقد طاف الباحث على العديد من الرموز الشعرية المحلية والعربية منتخباً بعض نماذجها التي قيلت في مدينة "القدس"، ولكن كنا نتمنى عليه لو أسرف قليلاً في دراسة النصوص المنتخبة فنياً وذلك بتناول بنائها الجمالي ومعمارها التشكيلي».
وعن هذا البحث قال الأديب والناقد "فواز حجو": «ما تفضل به المحاضر يثير الكثير من الجدل والنقاش، والموضوع واسع ومتشعب والإحاطة به من الأمور الصعبة، كنت أود أن يكون في نهاية المحاضرة بعض النتائج التي نستخلصها من المحاضرة بعد عرض الشعر الذي يتحدث عن "القدس" و"صلاح الدين"، وهو أمر لن يطيل المحاضرة كثيراً، وكنت أتمنى أن يكون هناك شيء من التعليق على كل شاعر لكي لا تكون المحاضرة عبارة عن سرد، وأيضاً كنت أتمنى العودة إلى الأناشيد التي تتحدث عن هذا الموضوع، وهناك أيضاً أدب الأطفال فكما أن الصهيونية توجه أطفالها وتبثهم الحقد الأسود يجب علينا أيضاً أن نوجه أطفالنا لما يحاك ضد أمتنا العربية من تحديات ومخاطر».
كان اللقاء في الساعة السابعة والنصف من مساء الأحد24/5/2009م،وحضرها عدد من الكتاب والنقاد والأدباء والمهتمين بالحركة الأدبية، قدم لها الشاعر والكاتب "محمود علي السعيد".