«يبقى النقد العامل الأساسي في إطلاق حكم قيمة لأي عمل إبداعي يقدمه كاتب معروف أو غير معروف، لأنه يقوم على دراسة البعد الإنساني والثقافي والفكري والتاريخي والاجتماعي، بمنهجية، وهو يقدم للمجتمع خدمة معرفية بمعرفة المضمر النسقي لثقافة المبدع، كما في الدراسة النقدية التي قدمتها الدكتورة "فوزية زوباري" على مسرح التربية في "السويداء"».
وتابع القاص "نبيل حاتم" لموقع eٍSyria بتاريخ 7/9/2009 قائلاً: «لقد عملت الدكتور "فوزية زوباري" على إلقاء جانب نقدي بدراسة المكان المغلق والمفتوح في رواية أديبنا "وليد اخلاصي"، واتخذت رواية "زهرة الصندل" نموذجاً لدراستها التطبيقية النقدية، معرفةً على أثر المكان في نقل ثقافة الإبداع الأدبي لديه».
لقد عملت الدكتور "فوزية زوباري" على إلقاء جانب نقدي بدراسة المكان المغلق والمفتوح في رواية أديبنا "وليد اخلاصي"، واتخذت رواية "زهرة الصندل" نموذجاً لدراستها التطبيقية النقدية، معرفةً على أثر المكان في نقل ثقافة الإبداع الأدبي لديه
الدكتور " فوزية زوباري" أوضحت لموقع eٍSyria قائلةً: «تعود أهمية المكان في الكتابة الروائية إلى جملة من العوامل، فهو من طرف يضمن التماسك البنيوي للنص من حيث الجملة النقدية التي ينسجها مع قوى النص، إضافة إلى كونه يشكل باباً للولوج إلى لمّ النص الروائي قصد تحليله والوصول إلى مجالاته المتعددة، وربما للولوج إلى أعماق الذات الكاتبة تبعاً لحساسيتها في الرواية، ولاسيما أن المكان هو الحيز الذي يحتضن عمليات التفاعل بين الأنا والعالم، و"زهرة الصندل"، رواية "وليد إخلاصي" يمكن أن تشكل نموذجاً تطبيقياً لما سنذهب إليه في تحديد الأمكنة الروائية، التي ستكون الفضاء الذي ستتحرك فيه الشخصيات الروائية، إذ لا وجود للمكان بعيداً عن الشخصيات التي تعيش فيه. وهذه العلاقة القائمة على تبادل التأثير والتأثر تجعل حلاً مهماً يحفز في الآخر تأثيرات تختلف سطحاً أو عمقاً، لكنها تشمل المستويات المختلفة ولاسيما النفسية والاجتماعية، ومجرد الحديث عن مكان ما فان البرهة أو الفترة الزمنية تكون مرافقة له، وهنا أيضاً يتداخل الزمان بالمكان، ليغدو التفاعل بين الحدود الثلاثة، المكان، الشخصيات، الزمن هو الذي يمنح الخطاب الروائي بنيته».
وتابعت د. "زوباري" الحديث بالقول: «يتسم المكان في العمل الروائي بالتعددية، بحيث لم يعد المكان الفني مكاناً مغلقا وإنما يصير مكانا مفتوحاً على أمكنة أخرى تتواصل وتتفاعل مع أشخاص آخرين ينتمون إلى أمكنة مختلفة. من هذه الزواية سندخل إلى المكان الروائي في زهرة الصندل الذي يتمتع بحضور كثيف للأمكنة البؤر، تلك التي تدفع إلى واجهة الرؤية والاهتمام على حساب الأمكنة الأخرى. وبحضور أقل ثقلاً لأماكن أخرى ونحن في تحديدنا لهذه الأمكنة سننتقل من العام إلى الخاص، ومن الكل إلى الجزء، على سبيل المثال "حلب" وهي مدينة الأديب "وليد اخلاصي" و"الأنصارية" علامة تجعل المكان علامة إرشادية دالة تتميز بها عن الأمكنة الأخرى المكونة لفضاء الرواية، وتغدو بؤرة مكانية تستقطب اهتمام القارئ على حساب الأمكنة الأخرى، والأنصارية في "زهرة الصندل" هي النسخة الروائية لتلك الدار الكبيرة التي كانت لجد "إخلاصي" لوالدته والمسماة بالمنصورية، والتي سكنت فعلاً من قبل أكثر من عائلة، وكانت قبور ثلاثة تتوسط دارها كما يصرح الروائي، ثم يأتي دور التخييل ليتمم رسم الصورة لتغدو أنصارية "زهر الصندل"، أو أنصارية الجدة "وهوب" وذريتها، يتساءل الضابط الذي دخل الأنصارية للتفتيش عن سلاح الأنصارية: ما هي الأنصارية؟.. هي تلك الدار الكبيرة في داخليتها الحوش أو الدار، والبركة بمائها وزهورها، والغرف المحيطة المسكونة والمهجورة، والقاعة الكبرى، والخزائن، والمكتبية، والقبور الثلاثة في صحن الدار القبلية ببابها الغربي المطل على الشارع، والسقيفة السرية، وتنغلق هذه الدار الكبيرة المسماة الأنصارية على مجموعة من السمات منها "القدم، والتطور، والقداسة، والأمان، والدفء والطمأنينة والتآخي، والأمان المادي"، والمكان نفسه يفاجئ المتلقي في قراءة أخرى ببنيته المفتوحة على أفق شاسع من التحول والتغيير نحو المستقبل وذلك من خلال الحلم المستقبلي، والحلم القومي، والتحول والتغيير، والتجدد والشباب الذي ساهم في النهاية بترميم الأنصارية وختم دم الحياة والشباب في شرايينه».
ويبقى النقد حامل الدلالة المعرفية لإيضاح ما يحمل الأديب من فكر وثقافة، متخذاً من أحكامه ميزة في ربط الأحداث وفنيتها بروابط إبداعية منسجمة مع المسلك العام للإبداع.