بتاريخ 12/11/2009 أُقيمت في صالة المحاضرات في مديرية الثقافة بمدينة "حلب" أمسية نقدية حول المجموعة القصصية (حالات سرية) للقاص الدكتور "محمد جمال طحان" شارك فيها كل من الدكتورة "شهلا العجيلي" والأستاذ "عدنان كزارة" وأدارها وشارك فيها الأستاذ "محمد الوهب" وقد حضر الأمسية عدد من النقاد والأدباء من بينهم الدكتور "طحان".
بعد أن قدّم المشاركون إضاءاتهم النقدية للمجموعة القصصية فُتح باب النقاش والمداخلات للحاضرين الذي أغنوا الأمسية وجمّلوها أكثر بملاحظاتهم وآرائهم القيّمة.
هومثقف وأديب وكان جريئاً عندما أعطى قراءات لهذه المجموعة القصصية أكثر من النقاد أنفسهم
مراسل موقع eSyria كان حاضراً في الأمسية وبعد انتهائها أجرى بعض اللقاءات القصيرة مع الحضور سألهم فيها عن رأيهم بالمجموعة والبداية كانت مع الدكتورة "شهلا العجيلي" التي قالت: «مجموعة (حالات سرية) هي عبارة عن /19/ حكاية تتحدث عن وقائع حياتنا اليومية بسلاسة ليس فيها اقتحامات ومفردات عنيفة ولا تصوير فني مكثف يبعد المتلقي عن الاستمتاع بها وهي تشبه حكايات الجدات حيث يتعلق بها المتلقي».
وأضافت: «يعتمد القاص التيار الحكائي التقليدي مع طروحات نحو أفق تجريبية يعتمد فيه الفانتازيا المقترنة بالرعب، والمضامين المطروحة تتعلق بالفساد المستشري في المجتمع وكذلك بمجتمع المثقفين على وجه الخصوص».
«الحقيقة هناك رؤية واضحة تضبط كل قصص المجموعة وهذا دليل تمكّن وأنا أرى أنّ غياب الرؤية الواضحة وتشظي هذه الرؤية في كتابات القاصين المعاصرين يعني حالة عدم معرفة ودخول في اللا جدوى أما هنا فالرؤية واضحة وهي استعادة دور المثقف في حياتنا وفي وجه المد المادي وحبال الفساد الاقتصادي والثقافي وغيرها».
أما الأستاذ "عدنان كزارة" فقد أضاف بالقول: «سمى القاص مجموعته باسم (حالات سرية) وهي في الحقيقة حالات مكشوفة وليست سرية ولكنه أطلق هذا العنوان بهدف تشويق القارئ لقراءتها لأنها تنتمي للواقع انتماء أصيلاً وهي عبارة عن لقطات وزوايا من هذا الواقع مفعمة بالمآسي عمد القاص تقديمها كرؤية فنية من أجل إثارة الانتباه إليها».
وتابع بالقول: «المجموعة في جانبها الفني اتسمت بشيء ما من المصداقية والإمتاع لأنها كُتبت بلغة يمكن تسميتها باللغة العادية بحيث يستطيع أي متلقٍ وبغض النظر عن مستواه الثقافي من التفاعل معها إيجابياً ويرى نفسه فيها».
«أعتقد أنّ هذه المجموعة من المجموعات الناجحة، وخلال الأمسية كانت هناك تعليقات نقدية مهمة ربما نبّهت القاص نفسه إلى بعض الزوايا التي ربما كان غافلاً عنها أو لم تخطر بباله فكل متلقي يمكن أن يعد كاتباً للقصة ولذلك فقد كانت هناك قراءات متعددة للمجموعة وبالتالي ستساهم بمجموعها في تكوين رؤية تُضاف إلى رؤية القاص الذي قدّم قصصه عبر أسلوب شعري لطيف».
ومن الذين حضروا الأمسية قال الأستاذ "محمود محمد أسد" وهو أديب وشاعر: «لقد قرأت المجموعة أكثر من مرة ولذلك دافعت عن التدقيق اللغوي فيها خلال مداخلتي، المجموعة هي مجموعة قصص تنهل من الواقع لكنها تتشعب من الواقع إلى ما ورائه فقد يقرأها أي إنسان في أي مدينة أو بلد ليقول هذا يجري معنا ثم يقراها بعد أيام وسنوات ليقول بأّن هذا يجري معنا، ولذلك فالواقعية هنا لا يعني الاقتصار على الواقع بل هو استلهام الواقع والاتّكال عليه للآخر، والكتابة الواقعية ليست كتابة سهلة كما يتصورها البعض فهي ببساطة أن تعي ما تقول وتدرك الأبعاد التي تعبر عنها».
«الدكتور "طحان" ليس قاصاً بل هو أقرب للحكواتي واللغة لديه سلسة وهو يعمل كثيراً على اللغة السردية ولكن لديه هاجس وهمّ ثقيل علينا جميعاً يقدّمه هذا الرجل في قصصه».
وختم بالقول: «اللغة لها ملمس والتصوير ليس من مهمة القاص بل هو يعطي حالة التصوير وعلى المتلقي أن يصوّر، ولذلك فإنّ كل قصة من هذه القصص تصلح لأن تكون حلقة من تمثيلية ساخرة فيها واقعية وشخصيات كاريكاتورية».
وأضاف الناقد "محمد زينو السلوم": «قراءات الأستاذ "كزارة" والدكتورة "شهلا" كانت قراءات نقدية تقليدية تماماً دخلت فيها -برأيي طبعاً- المجاملة، فالدكتور "طحان" ليس قاصاً إنما أراد التحدث بشكل حكائي وقد كان أجرأ من النقاد عندما حكى عن العريشة قائلاً بأنّه إنسان يحاول الاحتماء من خلال الانتماء لعضوية اتحاد الكتاب واتحاد الصحفيين، وفي الحقيقة الرجل مجتهد ولديه أحلام لكنه لم يستطع من تحقيقها».
«في المجموعة استحضارات فلسفية ونفسية رغم أن النقاد قالوا بأنّ المجموعة لا علاقة لها بالفلسفة، وهي تتعلق بقصدية من الدكتور "طحان" بأن يحكيها بشكل حكائي لتصل لكل القرّاء، وأعتقد أنّ كل قصة من قصصه هي عبارة عن تفريغ لشحنات موجودة عند الرجل الذي عمل في أكثر من مجال وقد جاءت فكرة الحكايات عنده لأنه ليس قاصاً بل متنوع الأجناس والزوجات الأدبية».
وختم حديثه قائلاً: «هومثقف وأديب وكان جريئاً عندما أعطى قراءات لهذه المجموعة القصصية أكثر من النقاد أنفسهم».
وأخيراً سألنا الدكتور "محمد جمال طحان" حول الأمسية والمشاركات النقدية لمجموعته فأجاب بالقول: «لقد حظينا اليوم بنقد جاد وبنّاء ومن خلاله استطعت أن أقرأ مجموعتي القصصية قراءة أخرى وذلك من خلال عيون النقاد وهي ناحية مهمة فتسليط الضوء الساطع على مجموعة قصصية يعطي كاتبها ما كان غائباً عنه ويبيّن له ما الذي استطاع أن يلتقطه النقاد من خلال ما طرحوه، بشكل عام الأمسية كانت مهمة أشكر كل الذين حضروها وناقشوا من خلالها مجموعتي القصصية».