عندما تسمعها لا بد أن تبحر في تلك العواطف الهادئة تارة والجامحةُ تارة أخرى، تلك العواطف التي تتنقل بين أحرف كلماتها لتوصل إليك رسائل الحب الذي يكبر مع ولادة كل قصيدة جديدة، وقد يكون ذلك وليد الطبيعة الخاصة لـلشاعرة الشابة "دانييل حداد"..
ولنغوص أكثر في تجربتها الشعرية التقينا بها في eSyria في حوار بدأناه بالحديث عن البدايات، فقالت:
** كانت البداية تختمر في مواضيع اللغة العربية حيث أنّ المدرس أصرّ على أنّ ما اكتبه ليس لعمر فتاة في صف السابع، وأستطيع القول أن لمدرس اللغة العربية الفضل الكبير في تنبيهي لموهبة أدبية ربما أمتلكها.
أما من ساعد أكثر على اكتشاف "دانييل" فهي والدتي التي كنتُ أنهل من معارف مكتبتها الثقافية وأنا أتنقل بين المجلدات لساعات طويلة كلّ يوم، فجذبتني الكتب الفلسفية ودواوين كبار الشعراء أمثال "أحمد شوقي"، "محمود درويش" و"نزار قباني"، ومن ثم لتولد قصيدتي الأولى "صخرة الشمس".
** لابد لأي مبدع من أشخاص يساعدونه في رسم خطواته الأولى، من ساعد "دانييل"؟
** كانت والدتي دائمة الإصرار على أن بداخلي براعم أدبية لابد لها أن ترى النور فكانت تصطحبني معها إلى العديد من الفعاليات الثقافية وخصوصا الأمسيات الأدبية، وكانت تحمل قصائدي المتواضعة لتريها لكبار الأدباء والنقاد طالبة رأيهم فيما أكتب، وكثيرا ما أثنى عليّ هؤلاء الأدباء وطلبوا مني الاستمرار مع المزيد من القراءة والمشاركة لتطوير أدواتي الأدبية.
وطبعا لا أنسى الدور الكبير لوالدي في تشجيعي وهو يترقب ما يكتبه الإعلام عنّي فرحا بأني بدأت بتقديم شيء لوطني.
** كل من حولي يشارك في اختيار مواضيع قصائدي، ولعل عُمر الشباب استطاع أن يتربع على الإطار العام لقصائدي. أرى في القصيدة تسطيرا لحالة نفسية أعيشها أو هي وليدة موقف اجتماعي معين رأيته أو سمعتُ عنه أو حتى تخيلته، فتبدأ القصيدة عندي من تلقاء نفسها وتنتهي عندما هي تشاء ذلك.
وقد يتراءى لمن يقرأ قصائدي أن "آدم" يحضر وبقوة في معظم تلك القصائد وما أريد قوله هو أن "آدم" عندي ليس إلا رجلا صنعته مشاعري ولا يتعدى كونه "رجلٌ من أوراق".
*هل ثمة خصوصية معينة لإحدى قصائدك؟
** قد تكون قصيدة "نداء النسيان". وربما تستمد هذه القصيدة خصوصيتها من سبب كتابتها، فهذه القصيدة وليدة معايشتي لمعاناة إحدى النساء من قصة عشقٍ كان للحزن حصة كبيرة من مجرياتها، فكانت قصيدتي "نداء النسيان" فصلا خاصا من فصول هذه القصة.
*ما هي العلاقة التي تربطك بقصائدك، وهل يحصل وأن مزقت إحداها؟
** قصائدي أولادي حتى لو لم أحبهم أحتفظ بهم وأرعاهم، ببساطة لأني أنا من صنعتهم ولأن وراء كل قصيدة بل وحتى كل كلمة يسطرها قلمي جزئية خاصة من حياتي، وكل هذا يعني أنه من المستحيل أن أمزق سطرا واحدا مما أكتب.
*غالبية ما تكتبين هو شعر النثر، لماذا النثر دون غيره؟
** إن كنتَ تقصد ديواني "هل أنت العنوان" فهو بوح ابتدأ منذ عمر الثالثة عشرة وأنا لم أختر النثر بعينه لكن النثر حررني ولم يقيد كلماتي بقيود قد تجعل من نفسها رقيبا على ما أكتب، وجدتُ في النثر إطارا أوسع لبوح الروح بعيدا عن أية قيود وهذا أراحني، كما أني أكتب التفعيلة أيضا.
*لمن تقرأ "دانييل" من الأدباء؟
** أذكر في إحدى مشاركاتي أن أحد النقاد قال أنني ذكرته ببدايات "محمود درويش"، وهذا ما أفرحني كثيرا لأن أي أديب شاب يتمنى أن يقترب ولو قليلا من إبداع الراحل الكبير "محمود درويش". أقرأ كثيرا لـ "محمود درويش"، "نزار قباني"، "أحلام مستغانمي"، "نوال السعداوي" وعدد من الشعراء والروائيين.
** "هل أنت العنوان" أول شجرة جمعت قصائدي ونثرتها بين أيدي القراء والنقاد الذين لم يبخلوا عليّ بملاحظاتهم وآرائهم التي سأعمل على الأخذ بها لتطوير أدواتي الأدبية. كما أن هذا الديوان شجعني أكثر وعزز ثقتي بنفسي، وأنا أحضر حاليا لديواني الثاني الذي آمل له أن يرى النور قريبا بمشيئة الله.
** في بداياتي كنتُ أرى تقصيرا كبيرا للإعلام في دعم الشباب وتسليط الضوء على إبداعاتهم، أما ما نراه في السنوات الأخيرة من اهتمام جيد بالشباب فهو أمر يبشر بالخير وهو بالطبع سيسهم في دفع الشباب للإبداع أكثر كما يسهم في استمرارية للحالة الإبداعية في المجتمع.
*لك الكلمة الأخيرة..
**أقول فيها:
أرقص في طبيعة عينيه
تلوح لي الورود
وتهزني الرياح هزة مغرورة
أرتمي..
أسقط بين يديه
يشدني..
تتفتح ورودي
تمتص رحيقها السنون
وهو لايملك إلا الوردة الأخيرة
ينحني إليه عمري
أدرك حقيقة الأعمار
وأن الوردة
مهما سقطت تعظّمت وتُعظّم
ولايزال يشتم رائحتي
رائحة الوردة الأخيرة
بقي أن نذكر أن "دانييل حداد" من مواليد "حلب" 1982 حاصلة على شهادة مساعد مجاز في العلوم الفندقية، تعمل حاليا مدرسة في المدرسة الوطنية في "حلب"، أصدرت ديوانها الأول "هل أنت العنوان" في العام 1999م، وهي تحضر حاليا للديوان الثاني.