في مقاعد الجامعة الأولى كان للدراسات الأدبية حصتها المميزة في انطلاقة الأديبة والباحثة "سها شريّف"، التي استطاعت أن تخوض في أهم القضايا البحثية بين الشرق والغرب، مركزة على العنصر العربي في البلاد الغربية، ومن ثم لتكون للقصة وبالأخص القصيرة جدا الحصة الأوفر في اهتمامها، على الرغم من كتابتها للشعر والذي تعتبره مجرد بوح لا أكثر..
وللتعرف أكثر على التجربة البحثية والأدبية للأديبة والباحثة "سها شريّف" التقينا بها في eAleppo بحوار كانت باكورته عن البدايات حيث قالت لنا: «كانت البداية من مقاعد الجامعة في سنتي الأولى، حيث كانت جريدة "الموقف الأدبي" تحتضن ما أكتب في زاوية "نظرية الإبداع"، لكن هذا النشر لم يُكتب له الاستمرار، ليكون زواجي سببا في توقفي عن الكتابة، ومن ثم لأعود للكتابة ولكن بدون أن انشر أو اطلع أحد على ما أكتب، واستمرت هذه الحالة حتى السنوات الثلاث الأخيرة حينما اطّلع الأديب الراحل "احمد دوغان" على ما أكتب وأصر على ضرورة أن يطلع الجمهور على هذه الكتابات، فقمت حينها بمراسلة العديد من المجلات العربية التي رحبت بكتاباتي وأصبحت تطلب مني المزيد، وذلك في مجال الدراسات الأدبية».
كانت البداية من مقاعد الجامعة في سنتي الأولى، حيث كانت جريدة "الموقف الأدبي" تحتضن ما أكتب في زاوية "نظرية الإبداع"، لكن هذا النشر لم يُكتب له الاستمرار، ليكون زواجي سببا في توقفي عن الكتابة، ومن ثم لأعود للكتابة ولكن بدون أن انشر أو اطلع أحد على ما أكتب، واستمرت هذه الحالة حتى السنوات الثلاث الأخيرة حينما اطّلع الأديب الراحل "احمد دوغان" على ما أكتب وأصر على ضرورة أن يطلع الجمهور على هذه الكتابات، فقمت حينها بمراسلة العديد من المجلات العربية التي رحبت بكتاباتي وأصبحت تطلب مني المزيد، وذلك في مجال الدراسات الأدبية
** أول مانشرت في المجلة العربية دراسات وبحوث أدبية عن الثقافة العربية في "رومانيا" تناولت هذه الدراسة كيف كانت ثقافتنا ولغتنا تدرس وتنشر ويدافع عنها في "رومانيا"، تواصلت مع المركز الثقافي العربي في "رومانيا" واستفدت من لغتي الانكليزية في التواصل والحوار معهم. وكذلك ساعدتني لغني الإنكليزية بالتواصل مع الباحث والشاعر الروماني "ماريوس كيلارو" المعروف على المستوى الثقافي ليس فقط في "رومانيا" بل على المستوى الأوروبي والعالمي.
ومع الدكتورة "ناديا أنجليسكو" التي تشرف على الكثير من رسائل الدكتوراه ولها العديد من الكتب والدراسات وآخرها بعنوان "اللغة العربية من المنظور النمطي"، ومع "جورج غريغوري" رئيس مركز الدراسات العربية بجامعة "بوخارست"، وهو من الذين ساهموا في تفعيل العلاقات بين العرب و "رومانيا" و نقل الثقافة العربية بأمانة.
وبعد هذه الدراسة طلبت مني "المجلة العربية" دراسة الأدب الروماني الحديث، وهكذا توالت الدراسات مثل: حوار الحضارات، الترادف اللغوي مابين اللغتين العربية والانكليزية، التطور الإدراكي المدرسة الدلالية و عملية التفكير عند الأطفال، الحب السامي ما بين الحب الأفلاطوني والعذري.غزل الحليلة- هل الإهداء إلى الزوجة جواز مرور أم حقيقة، قراءات في كتاب حكايا مدينتين، النارجيلة وجائحة التدخين عند النساء في الوطن العربي، الرابطة الزوجية الناجحة في النسيج الثقافي، الصورة البصرية عند "بشار بن برد"، النظرية النحوية عن"د تشومسكي" في اكتساب وتطور اللغة عند الطفل.
أما مادفعني لذلك فهو تخصصي في الأدب الانكليزي ولكون دراساتي العليا كانت في اللغويات، وحبي وولعي الشديد في البحث والقراءة.
لم تكتفِ "سها شريّف" بكتابة الدراسات الأدبية فوجدناك تكتبين القصة القصيرة ومن ثم القصة القصيرة جدا والشعر، لكن ربما أغلب ظهورك على المنابر الأدبية ارتبط بالقصة القصيرة جدا، هذا الجنس الأدبي الذي بدأ ينتزع شرعيته الأدبية بشكل أوسع في السنوات الأخيرة.
** اسمح لي في البداية أن أعرّف هذا الجنس الأدبي كما أراه، القصة القصيرة جدا جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيجاز المكثف، واجتناب الحشو والاستطراد، ويتسم بخاصية التلميح والاقتضاب. والركائز القصصية توظف بشكل موجز ومكثف بالإيماء والترميز والتلميح. والنهاية المفاجئة وعنصر المفارقة. ويتميز الإيقاع القصصي كذلك بحدة السرعة، والتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر.
والقصة القصيرة جدا أثبتت نفسها من خلال تبنيها من قبل المراكز الثقافية، كما أصبح لها مهرجانات، وكتب، ونقاد، والمدافعين عنها كثر، وفي هذه السنة كان هناك الملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بمدينة "الفقيه بن صالح" في "المغرب".
وفي "حلب" يقام مهرجان عربي سنوياً للقصة القصيرة جدا وفي هذا العام سيدخل المهرجان عامه الثامن. وفي "العراق" صدرت مجلة خاصة بالقصة القصيرة جدا. وكذلك مجلة "دبابيس قصصية" وهي مجلة ورقية فصلية متخصصة بالقصة القصيرة جدا وهي مغربية يصدرها القاص الأديب "عبد الله المتقي". وكل هذا كاف لتثبت القصة القصيرة جداً شرعيتها ووجودها بقوة بين الأجناس الأدبية الأخرى.
** على العكس تماما فإن هذا النوع من الكتابة صعب جداً لأن على كاتب القصة القصيرة جداً اقتناص اللحظات وتقديمها بنص سردي بأقل عدد ممكن من الكلمات وبإسلوب مشوق واللغة متجاوبة مع التكثيف والنهاية المفاجئة وعنصر المفارقة. وعلى القاص أن يكون ملماً بجميع الأجناس الأدبية ولديه ثقافة ثرة. والقصة القصيرة جداً تحاور العقل وتحرض أعماق النفس على الاستفسار. إنها برقية سردية شديدة التأثير.
وبالرغم من وجود دخلاء على القصة القصيرة جداً وليست قصصهم سوى ثرثرة لافكرة فيها ولارؤية وللأسف يجدون من المتملقين من يصفق لهم ولكن هؤلاء شأنهم شأن كثير من الدخلاء على معظم الأجناس الأدبية، ولكننا نعتز ونفتخر بالقاصين المتميزين والمبدعين في الوطن العربي ممن أسسوا وتمرسوا وأبدعوا في هذا الجنس الأدبي.
** لأن الكثير من النقاد اعتبر القصة القصيرة جداً " جنس أدبي وافد إلينا وفي الحقيقة إن القصة القصيرة جداً جنس أدبي كغيره لم ينشأ من فراغ وإنما يعود إلى أعماق تراثنا العربي ولقد تطور مما سبقه في رحلة شاقه إلى أن وصل إلى مرحلة التأسيس ثم التجنيس.
إن التطور والتغيير الذي يصيب الواقع الحضاري يفرض تطوراً وتغييراً في الأجناس الأدبية، فهي تنمو وتتطور ولكل جنس أدبي ملامحه وصفاته وتقنياته وتقاليده ومواضيعه الخاصة به والتي تميزه عن غيره. والقصة القصيرة جدا استجابة واقعية لعصر السرعة الذي نعيشه ولم يأتي قصرها استسهالاً بل بالالتفات إلى المفردة والاشتغال على مكوناتها وتلويناتها وتأويلاتها المختلفة ومخزونها الدلالي واتساع الرؤية.
ومنهم من هاجمها لشدة التكثيف بها وهنا نرد عليهم ماقاله الإمام النفّري: " كلما ضاقت العبارة اتّسع المعنى".
ومنهم من هاجمها بأنها مثل النكتة وهذا غلط لأن النكتة تهدف للإضحاك بينما الـ "ق ق ج" وإن لبست ثوب الطرافة ولكن سخريتها سوداء وتسلط الضوء على الواقع.
وقد يكون الهجوم بسبب بعض المحاولات القصصية الفاشلة والدخيلة على هذا الجنس الأدبي الجديد والتي اعتمدت على الاستسهال وعدم وضوح الهوية.
** مجتمعنا يحتوي العديد من التناقضات الكبيرة من كافة النواحي وبالأخص الاجتماعية، ووجدت بالقصة القصيرة جدا التي تعتمد على عنصري المفارقة والسخرية السوداء منفذا التقط منه الصور السلبية، لأعرضها بهذا الأسلوب داعية إلى الانتباه لهذه الصور والبحث عن الحلول لها. والقصة القصيرة جداً تلاؤم طبيعتي الكارهة للثرثرة الكتابية وأفضل التكثيف والاختصار والاختزال.
* ماذا عن كتابتك للشعر؟
** بوح ذاتي وتعبير وجداني عما يجول في نفسي لا أكثر.
** مع أن النقد البناء يحث الأديب على الإنتاج و التقدم في عمله ولكن لايوجد معايير نقدية لغاية اليوم تمتلك ما يمكن تعميق هذا الجنس الأدبي وتقديمه باستثناء بعض النقاد وهم يعدون على الأصابع.
بالنسبة للنقد البناء الصادق والهادف أتقبله لأن الهدف منه الارتقاء بعملي أما إن لم يضف النقد لي شيئاً فلا أحتفل به.
** الشبكة العنكبوتية ألغت الحدود بين العرب وطورت العلاقات المتينة بين الكتَّاب والأدباء، ويسرت لي التعرف على كثير من الأدباء في الوطن العربي وكم أعتز بمعرفتهم.
** أي جنس أدبي يمنحني مساحة حقيقية للإبداع سأكتب به. وإن كنت أميل للقصة القصيرة جداً. وهناك الكثير من المبدعين العالميين والعرب ممن جمعوا بين أكثر من فن وبين أكثر من من جنس إبداعي.
** لكل إنسان مسؤولية في الحياة فكيف لو كان أديبا فتقع على عاتقه مسؤولية كبيرة و شريفة وأتمنى أن يعطي أدبي غايته من التوجيه والحفاظ على القيم التي يتمتع بها مجتمعنا العربي. وكم يسعدني أن أكون أحد المساهمين في ورشة صناعة الإنسان والمساهمين في حماية اللغة العربية وتمكينها. إنني أسعى وأدعو الله أن يوفقني لما يحبه ويرضاه.
الأستاذ "محمد قرانيا" عضو اللجنة التحضيرية لملتقى القصة القصيرة جدا قالعن قصص "سها شريّف":
«تتجلّى في قصص "سها شريّف" القصيرة جداً ومضاتٌ وإشراقاتٌ، وربما برقيات، ترصد اللحظة المأزومة، وتستجيب لطبيعة عصر السرعة، وحركة المجتمع العربي، وقد بدأت تجد لها مكانة، في زمن انتشار ثقافة "السندويتش" أو الـ "فاست فود".. لتواكب الأحداث المتلاحقة، والتقلبّات الاجتماعية وتغيّراتها... وسيرورتها "الحياتية".
وتتجلى في قصص الكاتبة القصيرة جدّاً لمحاتٌ جماليةٌ، وطرافةٌ وطزاجةٌ. تتسم قصصها بتكثيفٍ شديدٍ، تمرّد على الشكل التقليدي المعروف، أي كسر البناء الدرامي الأرسطي، المستند إلى المقدّمة، والعرض، والخاتمة. وهذا التمرد ليس عادياً، بمعنى أننا أمام كاتبةٍ متمكّنةٍ من الفن القصصيّ، متمرّسةٍ في صياغة عوالم قصصيةٍ تجريبية، تشدّ إليها المتلقي... ليقينها بأن القصة الومضة، هي فن الحذف، والترميز، والتكثيف، وحضور النهاية القوية المركزة، والتضمين، والمفارقة والإيحاء، مع اعتماد لغة تلغرافيةٍ جميلةٍ اختارتها الكاتبة بعنايةٍ تذكّرنا بقول "أحلام مستغانمي" في رواية "فوضى الحواسب: أ يحدث للغة أن تكون أجمل منا، بل نحن نتجمّل بالكلمات، نختارها كما نختار ثيابنا، حسب مزاجنا ونوايانا».
الدكتور "هيثم يحيى الخواجة" الدكتور في الأدب العربي ورئيس تحرير مجلة "رأس الخيمة" قال:
«ما نلحظه عند القاصة سها شريف هذا التماهي الإبداعي بين الفكرة النابضة بالحياة و الإبداع المدروس الذي لا يعرف المزالق و يكره المغالاة، بمعنى آخر إن إبداع القصة القصيرة جداً لديها ليست غايته تشويه فن القص، و ليست غايته الجرأة المطلقة ، وليست غايته تجاوز الشكل القديم للقصة ، و إنما الغاية الرئيسة في رأيي التجويد في جنس أدبي وجدت نفسها فيه، ولهذا تفصح قصتها عن ذروة عشقها لهذا الجنس القصصي و يعكس سردها الموضوعي عن تمكن عميق في لغة القص و يؤكد فضاءها تدفق شعوري آسرٍ و خيال مجنح و رؤية واضحة المعالم مما جعل قصتها ناجحة و مؤثرة معاً».
بقي أن نذكر أن الكاتبة والقاصة "سها شريف" تحمل إجازة في الآداب قسم اللغة الإنكليزية-دراسات عليا- تكتب الدراسات والبحوث الأدبية، كما تكتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والشعر النثري، لديها العديد من الترجمات.
تنشر في العديد من الدوريات العربية في "سورية" والوطن العربي، مثل: مجلتي البيان والكويت الكويتيتان، مجلتي رأس الخيمة والنخيل في الأمارات، المجلة العربية في السعودية.
كما لها العديد من المشاركات الأدبية على المنابر الثقافية السورية.