صدر عن الدار المصرية- اللبنانية كتاب للناقدة السورية الدكتورة "شهلا العجيلي" مدرّسة الأدب العربيّ الحديث والفكر الجماليّ في جامعة "حلب"، كتاب بعنوان "الخصوصيّة الثقافيّة في الرواية العربيّة: النسويّة، القوميّة، الإثنيّة/الدينيّة".
يتناول عبر فصوله الثلاثة النصوص الروائيّة العربيّة، التي صدرت بعد حرب الخليج الثانية، والتي ترصد ما يسمّى ثقافة الأقليّات الكبرى في الوطن العربيّ من أكراد، وأمازيغ، وأقباط، فضلاً عن تناوله تطوّر تيّار النسويّة، وتحوّله إلى سياسة للهويّة، تجلّت في بعض محاور الكتابة، ولاسيّما فيما يتعلّق بالمرأة والحرب، حيث تصير النساء هدفاً للعنف بوصفهنّ الحاملات الرمزيّات للهويّة.
تعود بالدرجة الأولى إلى كونه الدراسة الرائدة عربيّاً في فتح باب النقد ما بعد الكولونيالي على أبواب المسكوت عنه التي تتعلّق بفكرة الهويّات المهمّشة، بما لها وما عليها في المجتمعات العربيّة، من خلال النصوص الروائيّة لكتّاب عبّروا عن أزمة الهويّة على مستويات عدّة، منها التعايش النسقيّ، ومنها العيش المشترك، ومنها الدعوات الانعزاليّة
eAleppo التقى الدكتورة "شهلا العجيلي " لتحدثنا عما تناولته في كتابها الجديد: «تنطلق الدراسة من فكرة النقد الثقافيّ في علاقته مع دراسات ما بعد الاستعمار، لتجد أنّ ممارسة الصيغة القوميّة عل نحو راديكاليّ، في حال عدم وجود مستعمر خارجيّ، يحرّك الهويّات الأخرى داخل الدولة، التي لن تتمكّن بالطبع من أن تعدل في معاملتها، فتبدأ تلك الأنساق بالمطالبة بحقوقها السياسيّة، تمهيداً للانفصال. وتتحوّل الثقافة هنا إلى إيديولوجيا، تعني سياسات الهويّة، وتبدأ الثقافة بتسويغ استعمال القوّة، وإضفاء الشرعيّة عليها.
في الوقت ذاته، تعمل السياسة الخارجيّة أي في خارج الدولة، على تقديم المعنى الأنثروبولوجيّ للثقافة على المعنى الجماليّ، الذي يُسخَّر للأوّل، عن طريق شيوع الشكل الليبراليّ للإمبرياليّة، وممارسته، مّا يؤدّي إلى محاصرة الهويّات الثقافيّة، وتحرّكها. ولعلّ هذه الدراسة هي البيان الأوّل من نوعه عربيّاً، حول مفهوم الهويّة في السرد، وعلاقتها بكلّ من الأنساق الثقافيّة الضيّقة، وبالسرديّات الكبرى التي يمثّلها الدين، والتاريخ، والسياسة، والإيديولوجيا.
ويتكون الكتاب من ثلاثة فصول، الفصل الأول: الخصوصية الثقافية النسوية، الفصل الثاني: الخصوصية الثقافية القومية، الفصل الثالث: الخصوصيّة الثقافيّة الإثنيّة والدينيّة. كما يتطرق الكتاب إلى مفاهيم منها: ثقافة المكان، والعولمة، وتشظي الهوية القومية. وتشتمل الدراسة على نماذج روائية من "مصر" و"الأردن" و"سورية" و"ليبيا" و"الجزائر" و"العراق" و"فلسطين" و"لبنان"».
وتختم الدكتورة "شهلا" على غلاف كتابها بالقول: "ما زال عالم الرواية مدى واسع الأفق تتجلى فيه عبقرية الزمان والمكان، وتتشعب فيه الأفكار والدراسات. ومن هذه الدراسات الجادة ما نحن بصدده في هذا الكتاب، حيث يتناول مفهوم الخصوصية الثقافية، كما تجلى في النص الروائي العربي في المرحلة الواقعة بين حرب الخليج الثانية والعقد الأول من القرن العشرين، ويقوم بتحديد ملامحه التي لم تنضج بعد.
وقد تناول الكتاب عبر فصوله الثلاثة، ثلاثة محاور لهذا المفهوم: النسوية- القومية- الإثنية/ الدينية، وهي المحاور الممثلة أساساً للهوية الثقافية، وذلك من خلال نصوص روائية عربية من مجموع نتاجات الروائيين في الدول العربية، وقد حدد هذا التناول كلٌّ من جنسية المبدع، والقضية التي تناولها النص ضمن أحد أشكال الخصوصية الثلاثة».
الأستاذ الدكتور "فؤاد المرعي" أستاذ النقد العربيّ الحديث في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة "حلب" يحدثنا عن أهميّة هذا الكتاب فيقول: «تعود بالدرجة الأولى إلى كونه الدراسة الرائدة عربيّاً في فتح باب النقد ما بعد الكولونيالي على أبواب المسكوت عنه التي تتعلّق بفكرة الهويّات المهمّشة، بما لها وما عليها في المجتمعات العربيّة، من خلال النصوص الروائيّة لكتّاب عبّروا عن أزمة الهويّة على مستويات عدّة، منها التعايش النسقيّ، ومنها العيش المشترك، ومنها الدعوات الانعزاليّة».
الجدير ذكره أن الدكتورة شهلا العجيلي تدرّس نظريّة الأدب، والأدب العربيّ الحديث في جامعة "حلب"، وصدر لها عدد من المؤلفّات: "المشربية" ،" قصص قصيرة 2005"، "عين الهر"- رواية - 2006 ، "مرآة الغريبة" - مقالات في نقد الثقافة – 2009، الرواية السوريّة - التجربة والمقولات النظريّة – دراسة - 2009، وأربعة كتب مشتركة حول الهويّة والسرديّات.