حين تدخل مطبخنا الريفي لا بد أن ترى الزجاجات المملوءة بـ"ماء الحصرم" والمحفوظة كمؤونة تزين رفوفها، ولكي نعرّف قراءنا على طريقة تحضير وتصنيع "ماء الحصرم" فقد التقى مراسل موقع eSyria في قرية "جقاللي جوم" التابعة لمنطقة "عفرين" بإحدى ربات البيوت وهي "نازلية محمد إبراهيم" والمشهورة بصناعة أجود أنواع "ماء الحصرم" في قريتها وذلك بتاريخ 9/7/2009.
في البداية قالت "نازلية" لموقعنا وهي تقوم بعملها السنوي في إعداد ماء الحصرم: «إنتاج هذه المادة اللذيذة والطبيعية تحتاج إلى خبرة طويلة في العمل حتى لا تفسد أو يتغير طعمها مع مرور الزمن، وقد اكتسبتُ طريقة الإعداد من جدتي ووالدتي وذلك من خلال مراقبتي لهما أثناء قيامهما بالعمل لسنين طويلة حتى أتقنتها، وما زلت أتذكر جيداً عندما كنت صغيرة فقد كنت أجلب عنقوداً من الحصرم لأقوم بعصره بواسطة حجارة صغيرة لأقدّم عصيره لصديقاتي اللواتي كن يستمتعن بطعمه الرائع».
بعد انقضاء هذه المدة -والكلام ما زال لها- تُملأ القوارير الزجاجية النظيفة به بشكل هادئ وبطيء مع وضع قليل من زيت الزيتون فوقه لمنع تعفنه مع سد فتحاتها بإحكام كي لا يتسرب إليها الهواء، فيفسدها ثم يتم حفظها في المطابخ حيث يُستعمل على مدار العام في العديد من الأكلات والطبخات
وعن الوقت المناسب لإعداد هذه المادة قالت: «يُفضّل ذلك في أواخر شهر حزيران وبداية شهر تموز حيث تكون حبات الحصرم قد استوت أي امتلأت بالماء، والجدير بالذكر أنّ حصرم الداليات التي تُزرع في فناء البيوت الريفية يحتوي على كمية عصير (ماء) أكثر من حصرم شجيرات الكرمة المزروعة في البساتين وسبب ذلك أنّ الداليات تنمو سقياً بينما شجيرات الكروم فتنمو بعلاً».
تحضيره يمر بمراحل متعددة كما قالت "نازلية" وهي: «في البداية يتم قطف عناقيد الحصرم المستوية تماماً وتجميعها في مكان العمل وذلك في آنية كبيرة ليتم تنظيفها من العيدان والشوائب ومن ثم غسلها جيداً بالماء مع رش كمية محددة من الملح عليه، وهنا يمكن نزع الحبات من العناقيد أو تركها حسب الطريقة التي تعلمتها كل امرأة في التصنيع، بعد ذلك تتم عملية العصر من خلال دق الحبات أو العناقيد جيداً بواسطة حجرة صوانية بحجم كف اليد ليترسب العصير شيئاً فشيئاً في قعر الآنية المستخدمة في ذلك».
«بعد كل عصرة يتم سكب العصير المترسب في آنية أخرى وذلك من خلال قطعة قماشية بيضاء ونظيفة (شاش أبيض) لمنع تسرب القش وبذار الحبات إليها هكذا حتى يتم الانتهاء من عصر الكمية المحددة وبالكامل، حيث تُترك الآنية التي تحتوي على كامل ماء الحصرم لمدة ساعة أو ساعتين حتى تهبط (العكر) إلى القاع».
«بعد انقضاء هذه المدة -والكلام ما زال لها- تُملأ القوارير الزجاجية النظيفة به بشكل هادئ وبطيء مع وضع قليل من زيت الزيتون فوقه لمنع تعفنه مع سد فتحاتها بإحكام كي لا يتسرب إليها الهواء، فيفسدها ثم يتم حفظها في المطابخ حيث يُستعمل على مدار العام في العديد من الأكلات والطبخات».
وختمت "نازلية" حديثها بالقول: «ماء الحصرم مادة طبيعية /100%/ ويُستعمل في الريف بديلاً عن المواد الصناعية التي تنتجها المعامل وخاصّةً ملح الليمون وذلك في إعداد مختلف أنواع السلطات والطبخات الريفية المعروفة والشائعة مثل طبخة اليبرق وشوربة العدس فيعطيها مذاقاً طيباً وطعماً لذيذاً، كما يستعملها الريفيون في فصل الشتاء لمعالجة الرشح والزكام وذلك بخلطها مع الثوم المدقوق والملح».