كثيرون هم الذين يرتادون "دار الكتب الوطنية بحلب" إن كان بهدف استعارة الكتب والمراجع التي يصعب امتلاكها في معظم الأحيان، أو بهدف مطالعة كتاب ما في جو ثقافي هادئ، أو بهدف حضور أمسية شعرية أو مسرحية أو محاضرة أو غيرها من النشاطات التي تميّز فضاء "حلب" الثقافي، وانطلاقا من الأهمية الكبيرة لهذه الدار ثقافيا وتاريخيا كان لموقعنا زيارة مطوّلة التقينا خلالها "محمد خالد النائف" مدير "دار الكتب الوطنية" ليعرفنا على لحظات الولادة الأولى لهذه الدار: «في عام 1924 صدر قرار من "حكومة دمشق" بتأسيس مكتبة في مدينة "حلب" باسم "مكتبة فرع المجمع العلمي العربي" وكلّف للعمل لهذه المهمة كلّ من الشيخ "كامل الغزي" والقس "مينش" وأرسلت إدارة المجمع حينذاك عددا من الكتب لتكون نواة للمكتبة واختير لها المكان في دائرة الأوقاف الإسلامية التي كانت في "خان الجمرك" وخصصت غرفتان لهذا الهدف، وكان يشرف عليها "المجمع العلمي" ويزودها ببعض الكتب والنفقات الضرورية ورواتب الموظفين».
ثم في عام 1937 تم وضع حجر الأساس لبناء الدار حيث يكمل "النائف": «تمّ وضع حجر الأساس آنذاك بالمفهوم العلمي والعملي للمكتبات حيث أخذ بعين الاعتبار عدد سكان مدينة "حلب" والدور الريادي الذي كانت تلعبه هذه المدينة والتي تعتبر من أهم المدن التاريخية التي لازالت مأهولة، وجاء بناء الدار وقتئذ يلبي ذاك الطموح حيث ضمت قاعتي مطالعة (عامة ودراسات عليا) وقاعة محاضرات».
تمّ وضع حجر الأساس آنذاك بالمفهوم العلمي والعملي للمكتبات حيث أخذ بعين الاعتبار عدد سكان مدينة "حلب" والدور الريادي الذي كانت تلعبه هذه المدينة والتي تعتبر من أهم المدن التاريخية التي لازالت مأهولة، وجاء بناء الدار وقتئذ يلبي ذاك الطموح حيث ضمت قاعتي مطالعة (عامة ودراسات عليا) وقاعة محاضرات
وفي بداية التسعينات من القرن الماضي كانت تعيش سورية أزمات الاحتلال والتي أثرت على بناء المكتبة: «في نهاية 1939 تم بناء الدار على أكمل وجه وقد تأخر افتتاح المكتبة حتى عام 1945 بسبب الحرب التي كانت قائمة، فقد احتلها الفرنسيون والانكليز ودام ذلك حتى نهاية الحرب، وقد دشن بناء الدار يوم الثلاثاء في الرابع من كانون الأول عام 1945 وقد تحدث يوم ذاك العلامة المؤرخ الشيخ "راغب الطبّاخ" عن بنائها وعن تاريخ المكتبات عند العرب علما أنّ الدار قد شيّدت في ساحة "باب الفرج" بجهود من الأمير "مصطفى الشهابي" محافظ "حلب" آنذاك والذي أصبح فيما بعد رئيسا "للمجمع العلمي العربي"».
وقد تعاقب على الدار وإدارتها مجموعة من أعلام الأدب والثقافة في الوطن العربي والكلام "للنائف": «الأدباء أمثال الشاعر "عمر أبو ريشة" والأديب "سامي كيالي" وغيرهما واستقبلت الدار عددا من رجالات الفكر والأدب كمحاضرين أمثال "عباس محمود العقاد" و"طه حسين" و"فؤاد صروف" و"محمد حسين هيكل" و"أحمد أمين" و"نيقولا زيادة" و"جورج طعمة" و"سامي الدروبي" و"عبدالله الدائم" و"ميخائيل نعيمة" و"بنت الشاطئ" و"أمينة السعيد" و"محمد أبو زهرة" وغيرهم....».
وكوصف تقريبي للدار يختتم "النائف" حديثه: «عند الانتقال للدار كان عدد الكتب حوالي ستة آلاف كتاب تقريبا، وقامت البلدية بتأسيس وفرش قاعات المحاضرات وقاعة المطالعة وقاعة "عمر أبو ريشة" للدراسات العليا وابتاعت الخزائن الحديثة لقاعةِ ومخزن الكتب من "ستراسبورغ بفرنسا" حيث كانت تتسع لمائة ألف كتاب ودامت رعاية البلدية للدار حتى أواخر عام 1954 حيث ألحقت بوزارة الأوقاف ولاتزال».