"العزيزية" اسم ارتبط بذاكرة كل زائر يدخل مدينة "حلب" معتقداً أنها من الطراز الحديث حيث كثّر سكانها في الوقت الحالي من الطوائف المسيحية والأقلية الأرمينية وإذا رجعنا إلى تاريخ الدولة العثمانية نجد بأن حي "العزيزية" اليوم كان ملكاً لها.
تقع بالقرب من مركز المدينة ـ المنشية ـ وتبعد عنها حوالي /500/ متر، فهي تشكل مركزاً حيوياً يصل أطراف المدينة مع بعضها البعض بدءا من محطة بغداد يميناً والسليمانية شمالاً والحديقة العامة أماماً. وللوقوف على تاريخ تلك المنطقة، التقى eAleppo الدكتور "محمود حريتاني" الذي فصّل لنا تاريخ المنطقة منذ أيام الدولة العثمانية بالقول: «حين توسعت مدينة حلب القديمة خارج الأسوار، نشأت أحياء جديدة تختلف قليلاً عما هو داخلها، ظهرت فيها منازل جديدة تشابه إلى حد كبير المنازل التقليدية، وفي عام /1868/ م أرادت الحكومة العثمانية أن تحصل على تمويل لمدرسة الصنائع ـ إصلاح خانة ـ فبدأت ببيع أراضي للبناء في مرتفع قريب من مجرى نهر قويق يعرف بجبل النهر بقيمة قرش أو قرشين للذراع المربع، فأسرع أهالي "حلب" لشرائها، وأغلبهم من سكان الضاحية الشمالية المعروفة بالجديدة من الطوائف والمسلمين. وهكذا بدأ يظهر حي جديد عرف بالعزيزية وربما نسبة إلى السلطان "عبد العزيز" كمحلة السليمية والجميلية وغيرها. حتى إن المنطقة عرفت باسم أرض المشنقة ولفترة ما، وكانت فيها أراضي وقفية للمدرسة الحلوية والجامع الأموي. غير أن اسم "العزيزية" استمر، واسم أرض المشنقة لم يعد يذكر سوى في الكتب».
مستشفى أنطونيان هو حالياً إعدادية الحكمة، ولكنه هدم مؤخراً، إن لحي العزيزية تاريخ حافل وقد سكنها الشريف ناصر حاكم حلب عام /1918/ نائباً عن الأمير فيصل حتى إن فيصل حين جاء إلى حلب في عام/1919/ أقام في الحي نفسه وكذلك الجنرال النبي عام /1919/ أيضاً. واختتم قائلاً: «ليس المقصود من دراسة المدن هو التفكير بتوسع المدينة لتستوعب أكثر فأكثر بل المقصود أيضاً هو دراسة تاريخ المدينة وتطورها على مدى قرون وقرون ومدى الملائمة للعوامل الاجتماعية والمناخية والاقتصادية
الشيخ "كامل الغزي" يصف حي "العزيزية" في كتاب نهر الذهب فيقول: «بأنها صحراء واسعة لسباق الخيل، وفي الربيع منتزه للنساء حتى غياب الشمس، حيث يصبح الموقع بعد الغروب مرتعاً لقطاع الطرق ويخاف الإنسان المرور فيه. فاضطرت الدولة العثمانية أن تبني مخفراً للشرطة لحماية السكان في عام /1900/ م وهو المبنى المعروف اليوم بقسم العزيزية للشرطة.
كما نظمت بلدية "حلب" حديقة رائعة عرفت بالمنشية وجعلت لها حوضاً على شكل مضائق البوسفور والدردنيل، وهي اليوم مركز انطلاق الباصات النقل الداخلي المعروف بالمنشية القديمة، وابتدأت "العزيزية" تمتد إلى جهات محطة بغداد في أواسط الثلاثينات وبعد الحرب العالمية الثانية امتد العمران إلى المدافن المسيحية القديمة وإلى المناطق التي كانت تشغل "برّاكات الأرمن" (جهات سينما سورية)، وابتداء من الستينات امتد العمران إلى مدافن اليهود ونشأ حي العروبة ثم حي الفيلات، واتسعت الجابرية والسليمانية شمالاً واتصلت بالميدان الذي كان يقتصر في الأربعينات على قلة من البيوت الصغيرة.
وفي غرب المدينة نشأ حي العزيزية وحي الصليبة الصغرى /التلل – بستان كل آب/ وكان المسيحيون يشكلون فيها الأغلبية الساحقة من السكان، وفي شمال المدينة نشأ حي "النيّال"، "الحميدية"، و"السليمانية" وجل السكان في هذه الأحياء مسيحيون ما عدا /30/ نفر في النيّال وعائلة نيّال المسلمة هي المالكة الأساسية للحديقة التي بني في أراضيها هذا الحي.
أما السليمانية فكانت في أواخر العهد العثماني تقتصر على الشارع العام الحالي وشارعين موازيين غرباً حتى مفرق الشارع المؤدي إلى رعاية الشباب، وقد نشأت على أراض من بساتين تخص آل خياط، وكان حي الجابرية ملحقاً بحي الحميدية، أنشئت بلدية حلب عام /1863/ وكان من أعمالها تأسيس حي العزيزية عام /1869/».
واستطرد قائلاً: «توسع حي العزيزية وكان البناء فيه يجمع بين القديم والحديث حيث إن كل بناء يضم باحة داخلية وحديقة وحوضاً فضلاً عن قسم بني على الأسلوب الحديث، وكانت المباني كلها على نسق واحد، وبنيت في الحي مباني وقفية تتبع كنيسة الأرمن الأرثوذكس وأخرى تتبع كنيسة السريان الكاثوليك، وكانت حدود محلة العزيزية آنذاك واسعة جداً فهي تمتد على أطراف "التلل" والبساتين الواقعة على أطراف النهر كبساتين "القبار" و"الريحاوي" و"الحجازي" و"كور" و"مصري" و"العويجة".
كما تصل حدود المحلة غرباً إلى منتزه السبيل الحالي وشرقاً إلى جبل البختي بالقرب من المستشفى العسكري السابق. ولما كانت أكثرية السكان من الطوائف فقد بنيت في المحلة عدة كنائس ، مثل كنيسة الطائفة الكلدانية وهدمت مؤخراً وقامت محلها عبّارة في شارع محمد عبده، ثم مدرسة راهبات مار يوسف جان دارك عام /1907/ ولا تزال قائمة، ثم مدرسة الرهبنة البيضاء الفرنسيسكانية عام /1909/ وكنيسة اللاتين وقد هدمت وقامت مكانها كاتدرائية اللاتين».
وأضاف "حريتاني" موضحاً عن الشكل الأخير الذي وصلت إليه العزيزية: «مستشفى أنطونيان هو حالياً إعدادية الحكمة، ولكنه هدم مؤخراً، إن لحي العزيزية تاريخ حافل وقد سكنها الشريف ناصر حاكم حلب عام /1918/ نائباً عن الأمير فيصل حتى إن فيصل حين جاء إلى حلب في عام/1919/ أقام في الحي نفسه وكذلك الجنرال النبي عام /1919/ أيضاً.
واختتم قائلاً: «ليس المقصود من دراسة المدن هو التفكير بتوسع المدينة لتستوعب أكثر فأكثر بل المقصود أيضاً هو دراسة تاريخ المدينة وتطورها على مدى قرون وقرون ومدى الملائمة للعوامل الاجتماعية والمناخية والاقتصادية».