تعد مخطوطات المكتبة الوقفية بحلب أعظم ثروة علمية وفكرية للمدينة، وتشكل جزء مهماً من تاريخ المدينة ومساهمات أبنائها الفاعلة في تطور مسيرة العرب والمسلمين في مختلف النواحي والمجالات الدينية والأدبية والعلمية والتاريخية وغيرها.
موقع eAleppo قام برفقة الدكتور "محمود مصري" مدير المكتبة الوقفية بحلب بجولة على هذه المخطوطات وقد تحدث عنها قائلاً: «لقد جمعت المكتبة الوقفية بحلب ما تفرق من بقايا الكتب الموجودة في مدارسها وزواياها وتكاياها ومساجدها للمحافظة عليها بعد تعرض معظمها للضياع ولتسهيل عمل الباحثين في الإفادة منها، ولذلك فقد تقرر إعادة افتتاح المكتبة الوقفية بمناسبة اختيار "حلب" عاصمة للثقافة الإسلامية وذلك بعد نقل المركز الرئيسي إلى الصالات المستحدثة شمال "الجامع الأموي الكبير"».
بالنسبة للباحثين هناك أكثر من خمسة آلاف مخطوط وهي مخطوطات "المكتبة الوقفية" تم تصويرها بالكامل عن طريق تصوير ديجيتال /رقمي/ وبالتالي يستطيع الباحث أن يأخذ صور المخطوطات التي يريد تحقيقها على سيدي CD
وحول عدد المخطوطات في "المكتبة الوقفية" ومصادرها قال: «لقد أحصينا في السجلات الرسمية الحالية 2846 مخطوطاً من مخطوطات "المكتبة الشرفية"، أما العدد الكلي للمخطوطات بعد ضم المكتبات الأخرى إليها فقد بلغ ما يزيد عن خمسة آلاف مخطوط.
لقد ضمت أهم المجموعات المخطوطة في "حلب" إلى المكتبة الوقفية وهي: 1486 من "المدرسة الأحمدية"، 1649 من "العثمانية"، 200 من "الصديقية"، 125 من "الرفاعية"، 1012 من "الخسروية" و"المولوية"، 274 من "دار الكتب الوطنية"، إضافة إلى 2846 مخطوطاً هي للمكتبة الشرفية /"المكتبة الوقفية"/».
وتابع الدكتور "مصري" حديثه حول ترميم هذه المخطوطات": «حتى الآن تم انجاز ثلاثة دورات تتعلق بترميم المخطوطات، الأولى في مجال الترميم اليدوي للمخطوطات بالتعاون مع مركز "جمعة الماجد" في دبي بالإمارات و"مكتبة الاسكندرية" بمصر والثانية في مجال الترميم الآلي للمخطوطات بالتعاون مع مركز "جمعة الماجد" في دبي والثالثة في مجال ترميم الوثائق بالتعاون مع مركز "جمعة الماجد" في دبي حيث أهلّنا في هذه الدورات حوالي خمسين متدرباً وهم يعملون في مجال ترميم مخطوطات "المكتبة الوقفية" وهي: مخطوطات المصحف الشريف التي تبلغ حوالي 400 مصحفاً مخطوطاً ومخطوطات في شتى أنواع العلوم الإسلامية وذلك في مركز ترميم مخطوطات خاص تابع للمكتبة الوقفية ومقره في "دار رجب باشا"».
وحول كيفية الاستفادة من هذه المخطوطات وأهميتها قال: «بالنسبة للباحثين هناك أكثر من خمسة آلاف مخطوط وهي مخطوطات "المكتبة الوقفية" تم تصويرها بالكامل عن طريق تصوير ديجيتال /رقمي/ وبالتالي يستطيع الباحث أن يأخذ صور المخطوطات التي يريد تحقيقها على سيدي CD».
وختم: «بعض المخطوطات سوف تكون للعرض في المتحف الموجود داخل "المكتبة الوقفية" فقد قمنا بتجهيز ستاندات للعرض توضع فيها المخطوطات الخاصة بالعرض المتحفي في المكان المخصص لها، وباقي المخطوطات سوف تحفظ في مستودع المخطوطات في المكتبة».
وحول مخطوطات المكتبة الوقفية وأهميتها تقول الدكتورة "بغداد عبد المنعم"* وهي باحثة في التراث العربي ما يلي لموقعنا: «للمخطوطات العربية أهمية استثنائية على مستوى العالم فهي مجموعات هائلة من الكتب بقيت صامدة وقائمة بورقاتها وحبرها وخطوطها وأسماء مؤلفيها ونُسَّاخها منذ فترات زمنية متفاوتة القدم وحتى الآن.
وللمخطوطات العربية حكاية حزينة إلى حدٍ كبير! وأحد فصول هذه الحكاية أنها متناثرة في مكتبات العالم ومتاحفه ولا يعود ذلك لأسباب تاريخية بعيدة دوماً بل هناك أسباب قريبة نسبياً تتعلق بسرقة هذه المخطوطات ووصولها إلى المتاحف والمكتبات الأوروبية خاصةً.
وفصلٌ آخر من حكاية المخطوطات العربية هو أنّ عملية التحقيق والنشر الحديث لها قد تم على أيدي المستشرقين وما تبع ذلك من شروحاتهم وتعليقاتهم ودراساتهم التي بنوها عليها برؤية تخصُّهم إلى حد بعيد ولا تخصُنا إلى حدٍ بعيد أيضاً».
وتضيف الدكتورة "بغداد": «مخطوطات "المكتبة الوقفية" باعتبارها تجمع ما تبقى من مخطوطات مدينة "حلب" فهي بسبب ذلك تحمل بعداً مؤثراً، والمكتبة الوقفية بإدارتها المتنورة المنفتحة تقوم دوماً بكثير من الخطوات الإيجابية المهمة وأعتقد أنها في تزايد واستمرار وتطور وهي تهتم بتفعيل دور حداثي للمكتبة الوقفية يتناول من بين ما يتناوله بالنسبة للمخطوطات: التصنيف والفهرسة والحفظ والترميم والتصوير وفق أحدث الوسائل الرقمية وإعداد الميكروفيلمات والمسح الضوئي وإعداد السيديات، فضلاً عن خطة المكتبة في تحقيق المخطوطات ونشرها وتوزيع البحوث المتعلقة بذلك على طلبة الدراسات العليا.
ولكن، أعتقد أنّ هذه المخطوطات يجب أن تنفتح على البحث الأكاديمي من قبل الكليات والمراكز المعنية لتدخل في الآليات البحثية النوعية لكونها تمثل مرجعاً ووثيقة لزمن ما ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج مهمة فيما يخص المدينة ومنها ما هو أبعد من ذلك بكثير».
وأخيراً تقول: «من اللافت للنظر أن هذه المخطوطات تحتوي على مجموعة متنوعة لا بأس بها من مخطوطات الطب والفلك والحساب فضلاً عن المخطوطات في أنواع العلوم الشرعية واللغوية وإن إدارة المكتبة تحمل رؤيا عميقة لدورها القادم من كونها يجب أن تتجاوز الوظيفةَ التقليدية بوصفها محلاً للاطلاع على الكتب إلى كونها مكاناً متخصصاً يضع أوعية المعلومات بكل أنواعها ضمن خدمة مكتبية عالية المستوى، والمخطوطات تُعتبر أحد تلك الأوعية الأكثر أهمية وخطورة لبعدها التاريخي القابل لإعادة الإنتاج والعصرنة».