الرقص "الحوراني"... "الجوفية والحورانية والشمالية والدرازية والميحة"

الثلاثاء 22 آذار 2011

الدبكة الشعبية تتميز بطابعها الجماعي التراثي، وحيويتها وأصالتها الفنية، وهي نوع من الرقص يعبر عن الفرح والاحتفالات. وفي منطقة "حوران" الرقص الشعبي "الدبكة" بأنواعها المختلفة تعكس البيئة الاجتماعية الحورانية التي تتعدد ما بين الأرياف والمدن والسهل والجبل، واقترنت بعادات وتأثرت بعوامل كثيرة أهمها الطابع العام للبيئة وطبيعة العمل والعادات الاجتماعية، ومناسبات الأعراس والتقاليد الاجتماعية بالحقل والبيدر.   

ولكل منطقة وبلدة في "حوران" طريقتها في التعبير عن أفراحها وبهجتها سواء في الرقص والغناء أو في الكلمات المعبرة والجميلة فهناك أكثر من 15 نوعا من أنواع الدبكات الحورانية.

للاطلاع على أنواع الدبكات في "حوران" ولتوثيقها وتدوينها التقى موقع eDaraaبتاريخ 16/3/2011 الشيخ "محمد خالد أبو زيد" مختار بلدة "داعل" الذي قال لنا: «ترافقت الدبكة مع الأفراح والأعراس، وأصبحت رقصة شعبية متناسقة يؤديها الراقصون بإحكام وإتقان، وأصبحت الدبكة من أهم أفراح العرس، وتمتاز أغنياتها ببساطة الأسلوب في ترتيب اللحن الفطري والمعاني اللفظية التي نظمت بها الأغنية من صميم اللهجة العامية المتداولة في حوران، وتتضمن وصفاً للعادات والتقاليد وبعض الأسماء الرمزية المتعارف عليها».

أحد أشكال الدبكة

ويضيف مختار "داعل": «ومن الدبكات الهامة بحوران "الدبكة الشعراوية" فهي كثيرة وتشترك فيها الأيدي وتلعب الأرجل دور مهم فيها، وتصفق الأكف وتمتد الأذرع على طولها لتوضع على الأكتاف لتكبر الحلقة وتشكل لوحة فنية جمالية،‏ وتقام الدبكة على أنغام المجوز أو الشبابة، يرافقها غناء معين من شخص أو شخصين يردون على اللحن الخاص للمجوز أو الشبابة، حيث تتوافق الأغنية مع اللحن من حيث القصر والوقف و المد، وبالنسبة للنساء النساء فيدبكن مع الآلة الموسيقية أو بدونها وذلك بحركات تعتمد وتتصف بالسرعة والدوران المستمر على نغم الأغاني التي يتم ترديدها».

الباحث في التراث الشعبي "قاسم الصياصنة الرشدان" شرح أنواع الرقصات الشعبية للدبكة في محافظة "درعا" فيقول: «تزخر حوران بالعديد من أنواع الدبكات منها و"الدرازية والميحة والسحجة الجوفية والحورانية والفلسطينية والشمالية" منها:

دبكة "الطيارة" وتتكون من فريق لا يزيد عن عشرة رجال يقفون بجانب بعضهم البعض على شكل دائري، وتوجد مسافة بين الواحد والآخر من الشباب، وآلة العزف المستعملة هي الشبابة والمجوز وحركاتها، تعتمد على ضرب الكف وتحريك القدم والقفز وضرب الرجل بالأرض وميلان في الجسم نحو اليمين واليسار، ويعطي الأمر الإيعازات بضربات الأرجل والأكف.

الباحث قاسم الصياصنة الرشدان

أما "الدبكة النسوانية" فهي من الدبكات المتداولة  بين النساء فتشبه إلى حد ما الدبكة الرجالية الحورانية وذلك من حيث التشكيل فقط وتعتمد على النساء، والغناء فيها شيء رئيسي حيث يكون جماعياً و بألحان مختلفة وحركاتها خطوتان إلى الإمام باتجاه اليمين الدائري مع تحريك الجسم باهتزاز يرافق الخطوتين ثم ضرب الأرض بالرجل اليسرى ثم اليمنى مع قفزة بكامل الجسم، وإذا رافق الدبكة النسوانية عزف على المجوز أو الشبابة فترد عليها فتاة أو اثنتان بالأغاني المأثورة والمتداولة ومنها:

من وادي لوادي حنا مشينا .... من وادي لوادي

ومن بنات الجوادي حنا خذينا .... من بنات الجوادي.

ومن الدبكات المتداولة دبكة "الكرجة" وتتكون من فرد أو اثنان وتكون بسرعة وتعتمد على خفة الحركة والرشاقة وهز الجسم ويرافقه صنجات موسيقية.

 

و"السحجة" وهي عبارة عن رقص إفرادي مختلط أو زوجي في حلقة دائرية الاكتف متلاسقة مع رقصات للرجال والنساء، حيث ترتدي المرأة في هذه الدبكة عباءةً وتحمل سيفاً تضرب به الراقص الذي يتعرض لها أو يعاكسها فإذا أصابت منه مضرباً خرج ليدخل غيره وهكذا».

وعن بقية أنواع الدبكات يتابع الباحث "الصياصنة" بالقول: «"الدبكة البداوية" لها جمهور واسع وتتداول في العديد من البلدات، وتتكون من صف واحد وأثنائها ترقص الحاشية، وهي فتاة تلبس العباءة مع احد الشباب أو اثنين مع بعض ويرد عليها بعض الأغاني منها:

هلا هلال بك يا هلا ...... ليا حليفي يا ولد

هيلو هخيلو بيا هيلوا ...... ليا حليفي يا والد.

وبالنسبة "للدبكة الحورانية" فهي تتألف من فريقان على نسق واحد مقابل الأخر، يصطف على نسق وكل واحد يمسك بيد الآخر، وهكذا ويعطي الإيعازات والأوامر من يكون على رأس الصف، ويسمى "الرواس أو الأمر أو اللواح"، وتجري على أنغام المجوز أو الشبابة أو الطبل، والحركة فيها في البداية خطوتان باتجاه اليمين على شكل دائري وضرب الرجل اليسرى على الأرض ثم ضرب اليمنى، وبعد انتهاء كل أغنية تتغير الحركة في الدبكة بكلمة شيلها، حيث تتمايل الأجسام بخفة و رشاقة وتستمر الدبكة لأكثر من ساعة.

وتتألف "الدبكة الدرازية" من فريق واحد ويكون التصاق الأجسام من الجانبين أكثر والحركات نحو اليمين واليسار، وهز الخصر مع ضرب الأرض بالأرجل بحركات إيقاعية، وبقية حركاتها تكون كحركات الدبكة الحورانية».

ويتابع حديثه بنفس السياق فيقول: «من أنواع الدبكات أيضاً "الدبكة العادية" وتكون على أنغام الدف خطوة إلى اليمين واليسار مع تحريك الأيادي والأقدام وبترتيم بطئ.

أما دبكة "الحبل المودع" فهي خليط من الشباب والفتيات والأهل والأقارب يصطفون بجانب بعضهم البعض، ويقومون بأي نوع من الدبكة يريدون، وكلمة مودع تعني مرصع بالودع الذي يزين الحبل حيث يتشكل من عقدة وودعة أي أنثى وذكر.

وتبقى "الدبكة الجوفية" وتتكون من فريقان على نسق مقابل الأخر، ويد كل فرد متماسكة مع الأخر خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف والمشي خفيف على شكل دائري مع رقصات داخل هذه الجوفية».

وقال السيد "عيسى خلف الخالدي" أحد الذين يتولوا قيادة الدبكات في الأفراح والمناسبات، ويقود الدبكة ويكون على رأس الصف: «يقود الدبكة دائماً في الأفراح والمناسبات شخص مميز يتمتع بعدة أمور، أهمها أن يكون يتمتع بلياقة جسدية و لديه معرفة دقيقة بنوع الدبكة التي يقودها، ويكون من أمهر الشباب وأكثرهم حضوراً، مهمته قيادة الدبكة وترتيبها وإعطاء التعليمات لجميع المشاركين بالدبكة لتنفيذها.

وبالعادة يترك قائد الدبكة الرأس أي مقدمة الدبكة متنقلاً بين المشاركين في الدبكة، يلقي أوامره وتعليماته لضبط مسير الدبكة، وغالباً يقوم بإخراج من يخل بنظامها، ومن المصطلحات والمفرات التي يتداولها ويستخدمها الرواس أثناء الدبكة كلمة "افرد" أي أفتح دائرة الدبكة، وكلمة "نهجت" أي أشرفت الدبكة على الانتهاء.

كما يستعمل كلمة "شيلت" وتستخدم للإسراع في الدبكة وزيادة القفز، وكلمة "الحم" عكس افرد أي التصق بزميلك ولا تسمح بدخول شخص جديد، و"أفرعت" أي ازداد الحماس لدخول النساء في الدبكة. والعديد من الكلمات المتداولة والمستخدمة في الدبكة وعندما يتعب الرواس يعطي الرأس والعصا إلى شخص أخر لا يقل معرفة ومهارة منه لينوب عنه ويسلم دفة الدبكة». ‏

من الدبكات المشهورة

"سمير الراشد" مدرب فرقة الفنون شعبية زودنا ببعض المعلومات عن الدبكات الحورانية فقال: «في البداية يرافق الدبكة الحورانية العديد من الأغاني والأهازيج المتوارثة عن الآباء والأجداد، وتسير على نقرات الإيقاع ونغمات المجوز والشبابة وعلى إيقاع الطبل أو الدف، وتتألف رقصة الدبكة من مجموعة من الخطوات والحركات المتسلسلة في ضربات أقدام منظمة، يشارك الجسم بها فتعبر عن حيوية الشباب المتدفقة وأنوثة الفتيات في عفوية حلوة.

وتصاحب ضربات الأقدام خطاً منسقة والتي عادة ما يكون واضعو ألحانها ومنظمو رقصاتها لم يعرفوا المعاهد أو المدارس التعليمة الجديدة التي تعلم الدبكات من خلال تشكيل فرق فنية تمجد التراث وتحافظ عليه».