الصحافة الساخرة- جريدة الحسام

إعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت جريدة الحسام في دمشق عام 1918، وكان رئيس تحريرها المسؤول ابراهيم كريّم، وكان مدير ادارتها محمد فريد سلام، وكانت جريدة سياسية أسبوعية مصورة ناقدة ساخرة، فقد كتب فوق عنوانها (الحسام حليف الأحرار مخيف الأشرار)، وكانت تصدر في ثماني صفحات من القطع الصغير في كل يوم جمعة. واستمرت جريدة الحسام مواظبة بأعدادها المتتالية، وفي عام 1926 ترك محمد فريد سلام الجريدة ليصدر جريدته الخاصة (الحوت) وهي جريدة انتقادية هزلية أخلاقية مصورة. ثم حولها بعد عشر سنوات إلى جريدة الضياء فكانت جريدة عربية جامعة مصورة أما جريدة الحسام فقد تابعت مسيرتها بحلة جديدة فصارت تصدر بالحجم المتوسط، وصار ابراهيم كريّم صاحب الامتياز ورئيس التحرير المسؤول، وتولى إدارتها محمود الخيمي، وعرفت عن نفسها أنها (جريدة سياسية قومية لا طائفية ولا اقليمية) وحافظت على الظهور كل يوم جمعة ضمن عشرين صفحة).

ويبدو أن جريدة الحسام لم تنتقل إلى غير اسم ولم تنضم إلى جريدة أخرى، حيث إننا لا نرى بعد ذلك اسم صاحبها ورئيس تحريرها ابراهيم كريّم على جريدة أو مجلة أخرى، وقد حرر فيها أيضا عبد السلام مأمون في فترتها الأخيرة، حيث استمرت في الصدور حتى نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي.

وعرف ابراهيم كريّم بكتاباته الساخرة الموجزة، وكان له في كل عدد أكثر من زاوية ساخرة وناقدة، وقد اشتهرت زاوية (الحساميات) الناقدة واشتهر بها صاحبها، وقام ابراهيم كريّم بجمع هذه الزاوية في كتاب صدر في الأربعينيات من القرن الماضي بعنوان الحساميات أيضا.

من هذه الزاوية الناقدة نورد هذا النص الذي نشر في العدد 541 الصادر في 15/12/1932 ما يلي وتحت عنوان:

المسألة بدها ذوق

"إن مد الله في عمر المجمع اللغوي الملكي المؤلف في مصر من مندوبين يمثلون سائر الأقطار العربية، واستمر- أدام الله ذوقه- على ما بدر منه أخيراً، فسوف نقرأ مستنبطاته المقرفة، ونحن ماسكون ماء الورد في يدنا خوف الإغماء أو القيء.....

فقد عرضت أمامه مؤخرا لفظة (معكرونة) الأجنبية، فعقد الاجتماعات، وأثار المناقشات، فأسفرت عن استبدال لفظة معكرونة بلفظة دويدات تصغير دود، ولعل التصغير هنا للتحبب، كما وضع أصوله (سيدنا وسيد رأسنا سيبوية)!

فما قولك دام فضلك إذا دعوت أعضاء المجمع إلى مأدبة تقيمها اكراما لهم وكان في جملة ألوان الطعام (معكرونة) وقلت لهم: كلوا من هذه الدويدات الللذيذة! ألا يضعون أيديهم على معداتهم ويصرخون المدد...؟".

ونشر في العدد 205 الصادر في 14/3/1922 ما يلي وتحت عنوان:

وصل أمانة

"في عهد الأتراك رأى أحد حكامهم أن يستعين على نفقات شهر رمضان بمرابٍ، فاستدعاه إليه وقال: جئني بمئة جنيه وأنا أكتب لك فيها وصل أمانة لشهر، وأعدك بأني أدفعها في الوقت المعين، فصدع الرجل للأمر مرغماً، وكتب وصل الأمانة على ورق خشن ولما انقضى الشهر جاء بوصل الأمانة للحاكم، فسأله الحاكم: ماذا تريد؟ فأجابه المرابي: قيمة الوصل يا سيدي، فغضب الحاكم وأمر بجلده وأرغمه أن يأكل وصل الأمانة رغم خشونة ورقه.

ثم احتاج الحاكم إلى مئة جنيه أخرى فاستدعى المرابي إليه وقال له: لقد جئتني في المرة السابقة يا هذا في ساعة غضب، فلا بأس، وائتني بمئة جنيه أدفعها لك مع الأولى في آخرالشهر.

وبعد قليل عاد المرابي بمئة جنيه ثانية وقدمها للحكم مع قطعة (قمر الدين) فسأله الحاكم: وما الغرض من قطعة قمر الدين؟ فأجابه المرابي: اذا شاء سيدي أن يكتب وصل الأمانة عليها فإنها تؤكل بسهولة عند الاستحقاق".