الصحافة الساخرة- مجلة ليلى

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

جاء في العدد الرابع السنة الأولى من مجلة (ليلى) الصادر في دمشق في 8/12/1962الخبر التالي وتحت عنوان: (دريد لحام أحد محرري مجلة ليلى) مايلي: ((أصبح الأستاذ دريد لحام نجم التلفزيون المعروف... واحدا من محرري ليلى.. في الأسبوع القادم سيطالع قراء ليلى زاوية دريد الأسبوعية، دريد حائر بين اسمين لزاويته: الأول (صميدعيات دريد لحام) والثاني (اصطهاجيات دريد لحام)).

ومجلة ليلى صدرت في دمشق في 17/11/1962، وكانت مجلة نسائية، فنية، اجتماعية تصدر صباح كل سبت، وكان صاحب الامتياز ورئيس التحرير الدكتور هشام فرعون، وكانت المدير المسؤول ناديا السمان، وهي زوجة الأستاذ عادل أبو شنب، ويبدو أن دريد لحام قد اختار لزاويته الساخرة عنوان (اصطهاجيات) حيث نجد هذه الزاوية في العدد التالي، أي العدد الخامس من مجلة ليلى الصادر في 15/12/1962، وقد احتلت الزاوية الصفحة (18) والصفحة(19) من المجلة، ونجد على الصفحة (18) وبجانب كلمة اصطهاجيات رسم كاريكاتوري يمثل دريد لحام، وقد كتب اصطهاجياته في هذا العدد تحت عنوان (الرصيف ونح)وتحت هذا العنوان جاء مايلي:

((لا ندري ماذا جاء ببالنا لكي نقطع الطريق سيرا على أقدامنا (علما أن أقدامنا قياس أربعين مبحبح) أمر لم نعتده قبلا حيث إنه حرصا على كياننا الوجاهي كثيرا مانجعل التكسي واسطة لتنقلاتنا هربا من ولد يلاحقنا أو آخر يهددنا بالكوسة أو فتاة تضحك حين ترانا فنظن (من باب الغرور) أنّا أطول قامة من روك هدسون، ولكن كثيرا مايكون للشهر لدينا نهاية قبل نهايته الروزنامية، فنضطر نحن للسير على قدمينا حيث نغتنمها فرصة لشممان الهواء الذي نحترم شممانه حينما لا نكون مفلسين.

نريد أن نقول بأننا كنا نسير  على قدمينا مع صديق (عمر حلبي) ولم نكن نسير على الرصيف خوفا من السيارات بأن تدعس (أي تدهس) شبوبيتنا، حيث عرف عنا جرأة عبورنا الشارع حتى من الأماكن الممنوعة تدليلا منا على همتنا وشجاعتنا الصميدعية، بل حرصا على شعورنا الاصطهاجي من شرطي يصفر في أذننا المرهفة، وسبب آخر لمسيرنا على قدمينا (قياس أربعين) أننا كنا نتباهى نحن ببنطلوناتنا الجديدة وزميلنا بترانشكوته شغل بلاد برة، حيث سيرى مالبسنا أكبر عدد من العابرين، هذا العدد الذي ماكنا لنحظى به لو ركبنا التاكسي ولم نسر على قدمينا (وقد نوهنا بأنهما قياس أربعين مبحبح).

 

كاريكاتور للأستاذ دريد لحام

وكان آخر ما وصل بنا الحديث الطويل لساعات متواصلة (وهذا ماسبقنا به الغرب حيث إنهم لا يجيدون علم الكلام مثلنا (ابتسامة اشمئزاز على تأخرهم في ميدان الكلام...)

كنا نحكي عن المطر الذي تأخر هطلانه ونحن بأشد الحاجة إليه ولم نكمل كلامنا فإذا بغيمة مفاجئة تسكب علينا دفعة واحدة كل ماتحمل وعندها أدركنا مدى ما نتصف به من التقى لدرجة أنه جاءنا الغيث (أي كبست المطر) مدرارا، وبدون صلاة استسقاء فتصورنا أنفسنا (نحن وزميلنا) وقد وضعنا يدنا اليمنى في جيب صدريتنا أمام باب مكتبنا لتوزيع الأمطار وقد وقف ببابنا أصحاب أراضي عطشى يطلبون بركتنا فنوهبها نحن لمن يدفع أكثر لمطرنا، واستيقظنا من تصوراتنا حيث شممنا رائحة المازوت مع المطر المنهمر علينا ورفعنا نحن وزميلنا رأسنا إلى السماء لنرى سر هذه الغيمة العجيبة التي خصتنا بمائها المازوتي، ولم نفكر طويلا (وقد عرف عنا توقد الذكاء) فأطلت علينا فتاة لم نتبين مدى جمالها بسبب الماء المازوتي الذي غطى زجاجتي نظارتنا وقالت: لا تؤاخذونا عم نشطف البلكون من المازوت، قلنا وقد انهارت أحلامنا المطرية إنه ذنبنا حيث انتهكنا حرمة بلكونكم بمرورنا تحته، وذنب الحكومة التي لم تأخذ بفكرتنا الصميدعية وآرائنا الهندسية حيث تقضي فكرتنا الجهنمية ببناء الرصيف في منتصف الشارع نصل إليه بجسر سماوي ونظرنا إلى بنطلوننا الجديد وقد تمزوتت جوانبه، وهو لايزال في ربيعه الأول .....ايه يا زمان)).

وشغل الصفحة الثانية عمود بعنوان (اصطهاجيات صغيرة) تضمن أفكارا اصطهاجية موجزة، وبجانبه رسم كاريكاتوري حول غلاء أسعار المازوت.

ودريد لحام ولد في دمشق عام 1934 من أب سوري وأم من جنوب لبنان، وتلقى علومه الأولية في دمشق وانتسب إلى جامعتها وتخرج عام 1958 (كلية العلوم قسم الكيمياء) وحصل على دبلوم تربية، عمل مدرسا في الجامعة حتى عام 1961.

تفرغ نهائيا للفنون بعد أن كان من أبرز المشاركين في النشاطات الفنية الجامعية، وانتسب إلى نوادي وجمعيات ثقافية ليمارس هوايته وله الكثير من المسلسلات التلفزيونية والأعمال المسرحية والأفلام السينمائية وأعد برامج تلفزيونية.