الصحافة المتخصصة- مجلة الطفل

إعداد الدكتور مهيار الملوحي

يحفل تاريخ الصحافة في سورية منذ بدايات القرن العشرين بالصحافة المتخصصة، و منها صحافة الأطفال وطلبة المدارس، فقد ظهرت في مدينة حمص جريدة (المدرسة) لصاحبها توفيق النجيب الأتاسي في 28/2/1911 .

و كانت جريدة علمية أدبية نصف شهرية يحررها تلامذة المدرسة الإعدادية العلمية، ولاشك أن توفيق النجيب الأتاسي كان صاحب أو مدير المدرسة.

تتالت بعد ذلك صحافة الطلبة أو المدارس، ومنها مجلة (الناشئة) التي صدرت في دمشق في 9/4/1913 عن المدرسة العلمية الوطنية، ومجلة (حديقة التلميذ) التي صدرت في حلب في 1/4/192، وكانت مجلة مدرسية شهرية تبحث في العلم والأدب والاجتماع و تصدر عن المدرسة الفاروقية وقد بلغت هذه الدوريات عددا لا بأس به، وحملت عدة عناوين منها مجلة (رسالة الطالب) أو (أنيس التلاميذ) أو (لسان الطلبة) الخ.....

أما أول مجلة للأطفال في مفهومها الحالي أي مجلة مصورة ذات غلاف ملون، وامتياز رسمي، ومن القطع الكبير وموجهة للطفل فهي مجلة (الطفل) الحلبية، والتي صدرت بعد الاستقلال وفي أقل من شهر واحد، حيث ظهر عددها الأول في أيار عام 1946، والتي سبقت رصيفتها الدمشقية  مجلة (العندليب) والتي صدرت في الشهر العاشر من عام1947.

 جاء على غلاف المجلة: إنها مجلة نصف شهرية تظهر مرة في كل شهر، وإن قيمة الاشتراك في إثني عشر عددا منها أربع ليرات سورية في سورية و لبنان بما فيها أجور البريد، وإن ثمن العدد 35 قرشا سوريا.

كتب على الصفحة الأولى بعد الغلاف: إن مجلة الطفل تقدمها للطفل العربي لجنة التأليف والنشر بحلب، و يشترك في تحريرها الأساتذة علوية سيفي، عبد الله الخطيب، لطفي الصقال، عمر يحيى، محمد نجيب الجزار، محمد العالم، عبد الرحمن الحموي، محمد السروجي، جورج جاميج، محمد صالح جمال، و إن صاحب الامتياز ومدير المجلة عبد الله الخطيب مفتش المعارف.

حوت المجلة على عدة أبواب منها (الكتب المفيدة) و(معلومات مفيدة) و(العاب تربوية) و(قصة العدد) و(الأدباء والمفكرون الصغار) و(قصائد) و(التسلية) و(فكاهات) الخ ......

توقفت مجلة الطفل عن الصدور بعد قيام انقلاب حسني الزعيم في30/3/1949 وبعد أن صدرت عدة مراسيم عطلت معظم الدوريات السورية.

نجد أن المشرفين على مجلة الطفل والمشاركين في تحريرها هم من التربويين المعروفين والذين شغلوا مناصب عالية في مديريات المعارف، فصاحب الامتياز والمدير المسؤول هو عبد الله الخطيب (1906-1986)، الذي ولد في حلب وتلقى علومه الأولية فيها، وقد حصل على الثانوية من تجهيز حلب، وتابع دراسته من عام 1926 إلى عام 1930 في جامعة ليون في فرنسا، و نال منها إجازة دولة في العلوم الطبيعية، وشغل وظيفة أستاذ العلوم الطبيعية (التاريخ الطبيعي) في تجهيزي البنين والبنات بدمشق من عام 1930 حتى عام 1940، ثم أصبح مديرا لتجهيز البنين في حلب، وعين مفتشا للمعارف منذ عام 1944 في محافظة حلب، ثم مديرا لمعارفها بالوكالة.

ساهم في تأليف عدة كتب مدرسية مثل كتاب الجغرافيا الواضحة للصف الرابع الابتدائي، وكتاب التعليم المنزلي وفن تربية الطفل، وكتاب مبادىء العلوم للصف الأول تجهيزي، وكتاب علم الحيوان للصف الثاني تجهيزي، وكتاب علم النبات للصف الثالث تجهيزي وكتاب تشريح جسم الإنسان وحفظ صحته لصف الكفاءة وغيرها من الكتب.

وكذلك عمر يحيى (1902-1979) الذي ولد في حماة وتلقى علومه الأولية فيها، وعرف عدة لغات منها التركية والفارسية والفرنسية وعمل بالتدريس، وتولى منصب مدير لمعارف حماة وحمص، انتقل إلى حلب وأقام فيها وصار مديرا للتجهيز ودرس النحو والعروض في جامعة حلب أيضا حتى سن التقاعد. له عدة مؤلفات منها تسهيل الإملاء بالاشتراك مع الأساتذة محمد أسعد طلس ولطفي الصقال عام 1938 وحقق بعض الكتب التراثية كما صدر له ديوان شعر بعنوان (البراعم) عام 1936 وديوان شعر بعنوان (سراب عمري)عام 1971.

ولطفي الصقال (1907-1984) الذي ولد في حلب وتلقى علومه الأولية فيها، حصل على إجازة في علم النفس والتربية، عمل مدرسا للغة العربية في ثانويات حلب وله عدة مؤلفات منها كتاب "كيف تحصل على حافظة سريعة قوية مسعفة" وطبع عام 1938، كما حقق عدة كتب تراثية وأصدر كتاب للأطفال من سلسلة (مكتبة الأطفال المصورة) الخ......

استقبلت مجلة الطفل في أعدادها أقلاما هامة، بعد أن نشرت كلمة إلى المعلمات والمعلمين جاء فيها "على سواعدكم و بتوجيهكم الصحيح تقوم نهضتنا التربوية في هذا العهد الجديد، فنرجوا أن ترسلوا لنا مقالاتكم المفيدة الخ".

ومن هذه الأقلام، علم من أعلام أدب الأطفال ومن الرعيل الأول في سوريا في هذا اللون الأدبي، وقد بقي هذا الأديب غامضا عند من كتب عن أدب الأطفال في سوريا، و بقيت أعماله متناثرة في عدة دوريات قديمة وكذلك ما ذكر عن كتبه التي لم يعثر عليها.

ونجد من أعماله في مجلة (الطفل) عدة قصائد و قصة (سعاد و ليلى) التي نشرت في المجلة على حلقات.

ومن المفيد أن نذكر نبذة عن هذا الأديب ونموذج من أعماله الموجهة للأطفال.

عبد الكريم الحيدري (1910-1986):

ولد في حلب، وتلقى علومه الأولية فيها، ثم تابع دراسته في فرنسا بعد أن حصل على الثانوية العامة، وانتسب إلى كلية الحقوق في مدينة (غرونبل) عام 1935.

عاد إلى حلب بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى عامة 1939، وعمل مدرسا في مدارس حلب، كالمعهد الإسلامي وإعدادية الحكمة، وإعدادية عبد الرحمن الغافقي، وعين بعدها أمينا لمكتبة المتنبي وأحيل إلى التقاعد عام 1978.

قرض الشعر وهو طالب، وعندما تمكن غدا شاعر وأديباً ونظم للأطفال أناشيد وقصائد صدح بها الطلاب في مدارسهم، نشرت هذه الأشعار والأناشيد في مجلة (الضاد) ومجلة (الطفل) ثم جمعها في ديوان (حديقة الأشعار المدرسية) صدرت الطبعة الأولى عام 1958.

له قصتان مطبوعتان للأطفال الأولى (اللص الشريف) وطبعت عام 1943، والثانية (سعاد وليلى) وطبعت في مكتبة الاستقامة في حلب عام 1945.

و له من المخطوطات للأطفال والطلاب، قصتان وكتاب معالم الإنشاء وكتاب في الإملاء.