الصحافة المتخصصة - مجلة المناهج – محمد مأمون عبد الوهاب الأرزنجاني

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت مجلة (المناهج) في دمشق في شباط عام 1930 وقد جاء في تعريفها أنها سلسلة أبحاث ومحاضرات في الثقافة الروحية الحديثة، والتحليل النفسي وتقوية الإرادة والتنويم المغناطيسي وسائر العلوم الغامضة، لتنمية قوى النفس الإنسانية وترقيتها لامتلاك أسباب السعادة ومعرفة أسرار النجاح في الحياة. وأنها تكتب بقلم الأستاذ الشيخ محمد مأمون عبد الوهاب الأرزنجاني، الأخصائي في العلوم المغناطيسية والنفسية والفلسفة الروحية، وأنه يصدر منها في السنة (12) رسالة– أي عدد-، وجاء أن قيمة الاشتراك السنوي ليرة سورية في سورية وفرنسا ومستعمراتها وفي سائر الأقطار ربع ليرة انكليزية، وأن الدفع مقدما، وأنه من قبل عددا عد مشتركا، وعنوانها: سورية، دمشق، صالحية (العفيف) شارع السكة رقم (138).

 كل ذلك ورد على الغلاف الأول وكتب فوق عنوانها (النور مطلعه الشرق)، وقد جاء على الصفحة الأولى الداخلية: أن مجلة (المناهج) (سفر مضنون به على غير أهله) وأن المجلة بقلم محمد مأمون عبد الوهاب الأرزنجاني أخصائي في العلوم المغناطيسية وعلم النفس والفلسفة الروحية، عضو عامل في مؤتمرات الأبحاث النفسية والروحيات في باريس وفيينا وفارسوفي والهند، وأن ناشر المجلة هو محمد سعدي العمري الفاروقيالدمشقي، والمجلة من الحجم الصغير (19×14) سم وعدد صفحاتها (34) صفحة.

كتب على الغلاف الأخير تعريف بالمجلة وعنوانها واسمها باللغة الفرنسية، غير أن أعداد المجلة في عام 1932 صارت من الحجم المتوسط (24×16) سم وأن غلافها صار من الورق المصقول وملون باللون الأحمر وجاء على غلافها أنها مجلة روحية حيوية تهذيبية تصدر مرة في الشهر وأن صاحبها ومحررها محمد مأمون عبد الوهاب الأرزبجاني، وإذا كنا لانملك معلومات وافية عن صاحبها ومحررها فإننا نجد له عدة مؤلفات موجودة في مكتبة الأسد الوطنية وهي:

1- طيوف الأحباء أو تمثل أرواح الأحباء وظهورها في حالة اليقظة، طبع في دمشق عام 1923، وهو عبارة عن رسالة من (25) صفحة.

2- عالم الروحيات الحديث، إلقاء محمد المأمون الأرزنجاني دمشق، الناشر محمد سعدي العمري الفاروقي عام 1928، رسالة ومحاضرة، 26 صفحة.

3- اثبات خلود النفس بالبراهين الطبيعية، دمشق 1929، دار كتب مكتبة الملك الظاهر (32) صفحة.

ونجد في العدد الخامس، السنة الثانية من مجلة (المناهج) الصادر في كانون الثاني عام 1932، وتحت عنوان (حالات غريبة تظهر على الوسطاء أثناء التنويم المغناطيسي) مايلي:

((ومن غرائب التنويم المغناطيسي أن شعور الإنسان واحساساته تتبدل أثناء سباته ويكون وجدانه قابلا لأن ينطبع فيه ألوان مختلفة من المظاهر النفسية.

فإذا قلت للمنوَّممثلا أنت صرت قائدا عسكريا وأمامك جيوش تنتظر قيادتك فارسم لها خطة السير، وسقها كما ينبغي، فتتبدل ملامح وجهه وتظهر عليه آثار الزعامة، ويتبدل صوته عند اعطائه الأوامر للجيوش، وقد نُوِّمت امرأة مرة وقيل لها إنها صارت نابليون فامش مشيته، فابتدأت تمشي في الغرفة كأنها هو وتغيرت أسارير وجهها وصوتها تماما.

وإذا قال له المنوِّم أمامك حصان فاركبه وامسك لجامه وسر به، فنجده يأخذ وضعية الراكب، ولجام الحصان بيده وهو يسوقه. وإذا قيل له أنت الآن في واحة سيبيريا ودرجة البرودة وصلت إلى (50) درجة تحت الصفر فإنه يتألم من البرد وترتعد فرائصه. وإذا استهواه المنوِّم قائلا: أنت تبحر في قارب (فلوكه) فيأخذ أوضاع بحار محركا المجاذيف التي تتمثل له كما لو كان في قارب.

والمنوَّم لا يسمع غير صوت منوِّمه إذا بلغ نومه درجة الاستغراق، فلا يستطيع شخص آخر أن يؤثر عليه أو يسمعه كلمة مهما حاول ذلك.

والنوم المغناطيسي على درجات مختلفة، منها: التأثير البسيط الذي يتذكر فيها المنوَّم اسمه ويكون مالكا لجزء من ارادته، ومنها السبات العميق والتشنج الذي لا يملك المنوّم ارادته ولا يشعر بشيء أبدا، فإذا استسلم الإنسان ورغب في التنويم فلابد أن يتأثر ولو بأبسط درجاته وإن لم يتأثر من مرة واحدة تأثر بالتكرار.

يروى أن منوِّما لم ينجح في تنويم شخص كان يجرب فيه إلا بعد خمس وتسعين مرة، وإذا لم يستسلم المنوَّم لإرادة المنوِّم تماما أو إذا كان فكر أحدهما مشتتا أو كان هناك أمور أخرى تسبب التشويش يكون النجاح بعيدا.

وهنا سؤال  يلزم علينا إيضاحه وهو هل يمكن للمنوِّمأن ينوم شخصا بغير رضاه؟ قد يسألني كثير من الناس هذا السؤال بعينه والمسألة تحتاج إلى شيء من التحليل حتى يقال نعم أو لا.

فالشخص المقاوم لإرادة المنوِّم هو مثل المصارع، فإما أن يُغلب أو أن يَغلب، وذلك راجع لقوة وإتقان الدرس.

ونفهم من هذا أنه يمكن تنويم الشخص بغير رضاه إذا كان قابلا للانقياد والانفعال النفسي، وإن لم ينجح المنوِّم في التجارب الأولية فإنه ينجح ولابدََّ إذا كررها، وعلى كل حال فالتأثير يحصل في غالب الناس ولو بأبسط الدرجات، غير أن المنوَّم إذا قاوم المنوِّم يضطره لصرف قوة عظيمة سدى، كما أنه هو أيضا يضيع كثيرا من قدرته النفسية.

إن هناك أحوال يمتنع فيها التنويم سواء أكان المنوَّم راضيا أم غير راض، وأن هناك ظروفا تنجح المنوِّم في عمله سواء استسلم المنوَّم لإرادته أو لم يستسلم وستفصل أسباب ذلك في الأبحاث الآتية)).