الصحافة الناقدة- مجلة الجامعة- نشأت التغلبي

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت مجلة (الجامعة) في دمشق في 13/12/1953 وهي مجلة أسبوعية سياسية مستقلة، وكان صاحبها ومديرها المسؤول ورئيس تحريرها نشأت التغلبي (1914– 1995)، وكان مدير شؤونها الإدارية فؤاد يعقوب.

 جاءت مجلة (الجامعة) ضمن34 صفحة من الحجم الكبير ملونة الغلاف ومصورة، وكان مقالها الافتتاحي تحت عنوان (حديث الجامعة) ومن أبوابها: (أضواء على العالم) و(في كل يوم قصة) و(حدث هذا الأسبوع) و(ريبورتاج اليوم) و(ميكرفونالجامعة) و(قصة الجامعة) وغيرها من الأبواب المتنوعة.

استمر نشأت التغلبي بكتابة افتتاحية كل عدد، وكتابة زاوية "في كل يوم قصة" كما كان يغطي الأخبار المحلية والعربية والعالمية ويعلق عليها، وكان للمجلة اهتمام ملحوظ بأخبار الجامعة السورية ونشاطاتها العلمية والثقافية والفنية والرياضية، كما كانت المجلة تهتم بأخبار الإذاعة السورية، وكانت تنشر برامجها لمدة أسبوع.

ولد نشأت التغلبي في دمشق، وتلقى علومه الأولية فيها، فقد أنهى تعليمه الابتدائي في مدرسة البحصة، والثانوية في المدرسة الايطالية ثم تابعها في مدرسة اللاييك. وبدأ بممارسة الصحافة عام 1932 حيث عمل محررا في جريدة ( الاستقلال العربي) لصاحبها محمد توفيق جانا، ثم حرر في جريدة (الجزيرة)  لصاحبها محمد تيسير ظبيان، وفي عام 1936 عمل محررا ثم سكرتيرا للتحرير في جريدة (القبس) لصاحبها نجيب الريس.

 

عمل في الإذاعة السورية عام 1942 وكان مقرها في ساحة النجمة ثم أصبح عام 1949 مديرا للإذاعة السورية وكان مقرها في شارع بغداد ثم انتقلت إلى شارع النصر.

أصدر جريدة (عصا الجنة) وكانت جريدة فكاهية انتقادية ساخرة وسرعان ما بدل اسمها وصدرت مكانها مجلة (الجامعة).

أقام في القاهرة وعمل في إذاعتها، وصدرت له رواية عام 1964 بعنوان (حتى الرصاصة الأخيرة) وتوفي في القاهرة.

ومن زاوية (في كل يوم قصة) اخترنا هذه الزاوية التي جاءت  في العدد(43) الصادر في 23/10/1954 ينتقد فيها نشأت التغلبي السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بعنوان(لن ننخدع بعد اليوم)...

((من الواضح أن الشعوب العربية لم تعد تؤمن بحسن نوايا أمريكا ومن لف لفها، لأن صديق أعدائنا لا يمكن أن يكون صديقنا.

لقد كان في وسع أمريكا أن تصلح خطأها لو لم تمعن في مساعدة العصابات الصهيونية ومدها بالعتاد والمال، ومساعدتها في انتهاك حرمة أراضيهم وفي تقتيل العرب طعنا في صدورهم وفي ظهورهم، وكان في وسع أمريكا أن تكسب الصداقات لو أرغمت الصهاينة على الحد من عدوانهم ولم تساندهم في الاستيلاء على مياه العرب واحتيالهم على أموال اللاجئين.

ولكن أمريكا لم تفعل شيئا. ثم تأتي لتفتش عن أيادي العرب كي تصافحها! والعرب لن ينخدعوا بعد اليوم)).

وهذا مقطع أيضا من مقال نشر في نفس الزاوية في العدد 44 الصادر في 30/10/1954 ينتقد فيه أيضا السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. كتب تحت عنوان: نوايا أمريكية طيبة... اغفروا لها خطاياها.

((في كل يوم تدلل أمريكا على أن نواياها كانت ولا تزال طيبة جدا.. وقد لا تكون هذه الطيبة في النوايا ليست لصالح العرب، ولكن هل في هذا ما يهم؟ أليست النوايا طيبة على كل حال ولو إزاء الصهاينة؟ بالأمس كان تقسيم فلسطين، وأعربت أمريكا عن أطيب النوايا نحو الذين انتزعوا فلسطين من سكانها العرب ظلما وعدوانا، ويومها شارك العالم الحر بأسره أمريكا في هذه النوايا، بالأمس أيضا ملأت أمريكا تل أبيب سلاحا، وقالت للعرب لن نزودكم بالسلاح إلا إذا دخلتم حلفا إلى جانبنا، وإلا إذا تعهدتم بعدم الدفاع عن أنفسكم حينما يهاجمكم أعداؤكم الذين هم أصدقاؤنا.

وبالأمس أيضا تجاهلت أمريكا كل الجرائم التي ارتكبها اليهود وأصرت على منحهم الحياة من أراضينا، وأصرت على أن نصالحهم حتى لا يموتوا.

وبالأمس أيضا انتصر الحزب الديمقراطي في الإنتخابات، وفي صباح اليوم نفسه قدم السفير الأمريكي في فلسطين أوراق اعتماده إلى حكومة العصابات الصهيونية، ولكنه في هذه المرة قدم أوراق اعتماده في القدس وليس في تل أبيب)).