الصحافة الناقدة محمد توفيق جانا

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت جريدة (الشعب) في دمشق في 1/7/1927، وقد أصدرها محمد توفيق جانا (1878-1941) وكانت جريدته الأولى الجادة، بعد أن كان قد أصدر سلسلة من الصحافة الهزلية والساخرة وكانت جريدة (الشعب) جريدة يومية سياسية عربية وكان صاحبها ومديرها المسؤول وقد استمرت حتى عام 1937 حيث بدل اسمها وأصدر بدلا منها جريدة (الاستقلال العربي) في 6/10/1937 وكانت جريدة يومية عربية حرة.

كتب محمد توفيق جانا زاوية دائمة بعنوان (شطحات القلم) وهي زاوية ناقدة ساخرة كانت تنشر على الصفحة الأولى من الجريدة، وقد انتقد توفيق جانا في جريدة (الشعب) في العدد الصادر في 25/11/1931 تصرفات لويس ماسنيون (1883-1931) وهو مستشرق فرنسي اهتم بالصوفية واهتم بنشر مؤلفات الحلاج فكتب توفيق جانا تحت عنوان: ماسنيون واللغة العربية

"لم يكتف السيد ماسنيون بما تقدم بل راح يطلب منا تغيير الحروف العربية وابدالها بحروف لاتينية كما فعل الأتراك لأن هذه الحروف على زعمه أسهل مأخذا من الحروف العربية الأصلية، فهو يريد والحالة هذه أن يبسط سلطة الغرب على كل شيء لنا حتى لغتنا وحروفها.

لقد انتزع الغرب من أيدينا كل حق وكل صلاحية منذ ماتعاقدنا معه حسب زعمه ولم يبق من تراث الأجداد ماهو حر طليق غير لغتنا فهل يريد مسيو ماسنيون أن يلاشي حروف هذه اللغة كمقدمة لملاشاتها والقضاء عليها؟.

ما كان أغنى حضرته عن هذه الدعابة بل بالأحرى عن هذا التحدي الصريح الذي لايمكن أن ينظر إليه عربي بغير الاشمئزاز والاستنكار خصوصا في هذا الوقت الذي يسعى فيه الطرفان للتقارب والتفاهم بعد تقاطع طال عهده.

هذا كل ما أبقته لنا الأيام حرا طليقا، أفتريدون انتزاعه أيضا؟!.."

وكتب في جريد (الإستقلال العربي ) في العدد (2747) الصادر في 18/7/1937، ينتقد غلاء الأسعار مايلي:

"ليس الغلاء الذي تعاني الطبقات الفقيرة والوسطى شره بالأمر الطبيعي، بعد أن اتضح لنا أن المواد الضروية متوافر وجودها في البلاد، وأن المحاصيل في الموسم الحالي لم تعرض للبيع حتى اليوم بينما هي مخزونة في المستودعات رغبة من أصحابها في أن يبيعوها بعد حين بأسعار باهظة، أو أن يصدروها إلى خارج البلاد، حيث الأسعار أكثر ملاءمة منها في هذه البلاد، فالغلاء إذا مفتعل وصنعي وليس طبيعيا.

هذا ما يجب أن تنظر فيه الحكومة والبلديات معا، لنجد له حلا ملائما، تسد به السبيل على الطامعين فتقدم للطبقات غير الموسرة أجلّ خدمة وتضع بذلك حداً لأزمة الغلاء المصطنع.

فهل للحكومة السورية أن تؤلف لجنة لمكافحة الغلاء ولوضع أسعار ملائمة تحفظ فيه حق الباعة وتمنع ذوي الأطماع في الوقت نفسه من التلاعب، كما تمهد للفقير المعدم سبيل العيش لئلا يلجأ إلى الطرق الملتوية في تحصيل قوت يومه.

ليس من المتعسر على الحكومة وعلى البلديات أن تشرع في انفاذ هذا المقترح ذي الفائدة المزدوجة لها ولا للشعب في آن واحد".

بقي أن نعرف أن محمد توفيق جانا ولد في عكا في فلسطين وتلقى علومه الأولية فيها، وتابع دراسته في استنبول في مدرسة (الحلقي) الزراعية وتخرج مهندسا زراعيا، وانصرف إلى العمل الصحفي منذ عام 1898 حتى وفاته في دمشق.