المرأة في الصحافة– ماري عبده عجمي

إعداد الدكتور مهيار الملوحي

ماري عبده عجمي (1888-1965) هي أول صحفية سورية، ورائدة من رواد الصحافة الأدبية، فقد أصدرت في دمشق في 1/12/1910 مجلة العروس وهي مجلة نسائية علمية أدبية صحية فكاهية كما كتب تحت عنوانها. وجاء على غلاف الأعداد الأولى من المجلة أن صاحبتها ماري عبده عجمي ومديرها المسؤول ميخائيل السبع وأنها تصدر مرة في الشهر. وكانت في سنتها الأولى تطبع في مطابع جريدة حمص في حمص، ثم انتقلت طباعتها إلى دمشق وصارت ماري عبد عجمي صاحبتها ومديرتها المسؤولة، وكانت تصدر ضمن (54) صفحة من القطع المتوسط (22×15)سم، وكانت المجلة ذات غلاف أول وأخير من الورق الأبيض المصقول ، وصفحاتها الداخلية من الورق الأسمر، وكتب على الصفحة الأولى الداخلية تحت عنوان المجلة (إن الأكرام قد أعطي للنساء، ليزين الأرض بأزهار السماء).

 كانت مجلة أدبية بالدرجة الأولى، وتهتم بالنشاطات النسائية العامة في سورية وفي المهجر، وتهتم أيضا بأخبار الصحف، ولا تغفل بعض الزوايا الفكاهية والطريفة ولها اهتمام بالصحة العامة، ولا تخلوا المجلة من ذكر الكتب الجديدة التي تصدر، وفي المجلة بعض الإعلانات.

استمرت المجلة في الصدور حتى بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914، ثم توقفت لتعود إلى الصدور عام 1918 بعد أن وضعت الحرب أوزارها، واستمرت حتى عام 1926، لتتوقف نهائيا عن الصدور.

أما ماري عبده عجمي فقد ولدت في دمشق، وتلقت علومها الأولية في المدرسة الروسية والايرلندية، وأتقنت الأدب العربي، ثم درست التمريض في الكلية الأمريكية في بيروت ثم عادت إلى دمشق وعملت في التدريس، وكانت تراسل عدة صحف ومجلات عربية، ثم سافرت إلى مصر وعملت في الاسكندرية في التدريس، وكانت أثناء ذلك تعمل في مجلة (اللطائف المصورة) هناك، وبعد أن عادت إلى دمشق أصدرت مجلتها (العروس)، وانتسبت بعد الحرب العالمية الأولى إلى جمعية الرابطة الأدبية، ولما أصدرت الرابطة مجلة خاصة بها، كانت ماري عبده عجمي من جملة محرري المجلة وقد صدر لها عدة كتب منها (أمجد الغايات، والمجدلية الحسناء)وكلاهما معربان عن اللغة الإنكليزية، صدرت الأولى عام 1950، وكذلك كتاب (دوحة الذكرى) وهو مجموعة مختارة من شعرها ونثرها أصدرته وزارة الثقافة بدمشق عام 1969، وقد استمرت بالكتابة والنشر بعد أن توقفت مجلتها، ونجد في العدد الأول من مجلة الثقافة التي صدرت في دمشق في نيسان عام 1933، وهي مجلة شهرية جامعة، نجد مقال الآنسة ماري عجمي تحت عنوان (النهضة النسائية) ومما جاء فيه:

(منذ عشر سنوات ونيف أنشئت في سورية ولبنان جمعيات أدبية وضعت لنفسها أهدافا واحدة أو متقاربة تنبئ أنها أعدت لنشر روح جديدة في شتى مرافق الحياة الاجتماعية، عشر سنوات تنقضي بين تصفيق وتهاليل للمؤتمرات ووصف للمآدب التي تقوم لهن على صحائف الجرائد والمجلات تهيب بنا إلى التساؤل وهو من حق كل مفكر: أية فائدة نتجت من كل هذه المساعي والاجتماعات؟

 

السيدة ماري عبده عجمي

 

وإلى أية درجة قدرت هذه الجمعيات أن ترفع من مستوى المرأة الأدبي وكم هو مقدار ما أحدثت من الإصلاح الاجتماعي؟ وكم من مئات القرارات التي انتهت إليها هذه المؤتمرات وضع موضع العمل والتنفيذ؟ وما هي العوامل التي سببت وقوف الجماعات النسائية عند حد ترديد الأقوال التي لا يتجاوزنها إلى العمل بما يرتفع من صرخاتهن في الدعوة إلى الاشتراك مع الرجال في حل المشاكل الاجتماعية والوطنية، وتعميم الثقافة بواسطة المحاضرات في الكتب وإلى قلب التقاليد والعادات، وإلى تأييد الصناعة الوطنية وإلى المطالبة بجعل التعليم الابتدائي للبنات إجباريا واستبدال ما وضع من الشرائع والقوانين التي أشارت الدلائل إلى وجوب تغييرها أو تعديلها مما للمرأة علاقة به كلية أو جزئية؟

إن أغراضا كهذه تجعلها الجمعية أهدافا لمساعيها وتشير أن المرأة السورية واللبنانية أصبحت تتطلب لحياتها المثل العليا، وقد أكون من الكاذبين إن لم أؤمن بأن المرأة قد نهضت عن موضعها وأنا أراها تؤلف الحلقات وتنشئ المؤتمرات وتقوم برحلات من بيروت إلى دمشق ومن سورية إلى لبنان ومن لبنان إلى طهران.

ولا أكون أكثر زورا مني ساعة أشهد أن المرأة لم تحقق غرضا من أغراض هذه الدعوة العريضة ماعدا جمع بعض الكتب في مكتبات الجمعيات لا تقرأ منها على الغالب إلا الروايات، وماعدا إقامة بعض حفلات ترى الخطيبة لا تلقي فيها إلا الخطب الباردة في أبحاث فرغ الناس منها، هي صدى ما علق بذهنها من مطالعة الصحف الحين بعد الحين.

أما العوامل التي سببت وقوف عمل جمعيات النساء عند هذا الحد على ما يقول بعض المفكرين فالأخلاق السلبية التي يتصف بها كل من الرجل والمرأة في سورية وان أثر هذه الأخلاق في المرأة لا يزال أقوى منه في الرجل، فهي قد توافقك على الفكرة الفلسفية والعلمية وتشعر بضرورة عملها بها سعيا وراء المثل الأعلى، ثم تقف مترددة ثم محجمة عما تطمح إليه بعامل الجبن أو الوجل أو الكسل أو الجهل، وقد يكون جهل جماعات النساء بالطريق إلى تحقيق أغراض جمعياتهن أكبر العوامل التي وقفت بهن بعد صرف عشر سنوات في المناقشات التي لا طائل تحتها عند هذا الحد لأنك إذا بحثت بينهن عن حاملات شهادات الطب والآداب والصيدلة والحقوق والفنون القادرات على التعمق والإفاضة لا ترى أثرا لهن في هذه الجمعيات إلا حين يدعين إلى إلقاء كلمة، لأن هذه الفئة لم تجد حتى اليوم على هذه الجمعيات بشرف انتمائها إليهن، ولا هن يأبهن لتأليف جمعيات خاصة بهن يتذوقن فيها لذة التفاهم ويعملن في صبر وتأن على إبراز أعمالهن بدقة وإتقان لينتجن شيئا أو يحققن غاية أدبية أو موسيقية أو فنية أو رياضية أو اجتماعية أو علمية على نقيض ما نرى من النهضات النسائية في العجم وفي الهند وفي تركيا تلك الأقطار الشرقية التي تسير المرأة المثقفة بجماعتها وفق فكرة فلسفية أو وفق غاية معينة تطمح بها إلى مثل أعلى تضعه نصب عينيها وتبذل قصارها في البلوغ إليه رغم ما تلاقيه من عنت وإجهاد ومشاق إلى أن يقضي لها الله أسباب التوفيق).