خبر من صحافة الماضي -مجلة الدنيا –عبد الغني العطري

إعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت مجلة الدنيا في دمشق في 17/3/ 1945 وهي مجلة أسبوعية سياسية مصورة تصدر كل يوم خميس وكان صاحبها ورئيس تحريرها عبد الغني العطري (1919 -2003) وكان عبد الغني العطري قد أصدر قبل ذلك مجلة (الصباح) في 6/10/1941 والتي توقفت بعد عامين.

كانت مجلة (الدنيا) من الحجم الكبير (28×22) سم ملونة الغلاف وضمن (42) صفحة دون الغلاف الأول والأخير وكانت كثيرة الأبواب حسنة الإخراج، ومن أبواب المجلة مثلا (أهم أنباء الأسبوع، اجتماعيات، يوميات الدنيا، قرأت وسمعت ورأيت الخ...) وعبد الغني العطري ولد في دمشق وتلقى علومه الأولية فيها، وأتم دراسته الثانوية في الكلية العلمية الوطنية، واتجه إلى العمل الصحفي باكرا عندما استأجر امتياز جريدة متوقفة عن الصدور بسبب عجزها المالي وغلاء الورق، بمبلغ (25) ل.س في الشهر، وهي مجلة الصباح التي أصدرها عام 1941والتي تعثرت بعد ذلك وقد كتب حول هذه التجربة في كتابه (عبقريات وأعلام) الصادر عن دار البشائر عام 1996مايلي:

((كان مشروع مجلة (الصباح) الأدبية مغامرة تتسم بنزق الشباب والطيش والتسرع، لم يكن المشروع يعتمد على شيء من مقومات النجاح.

كان العالم في حالة حرب(الحرب العالمية الثانية 1939-1945) والورق مفقودا، ومواد الطباعة صعبة المنال ورأس المال إن صحت التسمية لا يتجاوز المئتي ل.س ورئيس التحرير الذي هو انا، لا يتجاوز العشرين بكثير!))

جاء على الصفحة الأولى من مجلة (الدنيا) العدد (493) الصادر في 16تشرين الثاني عام 1956، أثناء العدوان الثلاثي على مصر وتحديدا على قناة السويس ومدينة بور سعيد، والذي شاركت فيه فرنسا وبريطانيا واسرائيل وقد شغل هذا الحدث الصحافة السورية والعربية والدولية. وتحت عنوان (حياة ايدن مهددة بالخطر) جاء مايلي:

((تشتد نقمة الرأي العام العالمي على ايدن– وايدن هو السير انطوني ايدن (1897-1977) سياسي بريطاني ورئيس وزراء بريطانيا ما بين (1955-1957)- يوما بعد يوم بسبب الحماقة التي ارتكبها مع فرنسا واسرائيل بالاعتداء على مصر ... وقد اتهمه أصحاب الضمائر الحية هو وشركاؤه أعضاء الثالوث المجرم بأبشع التهم وأحطها وأشدها انتهاكا للمعاني الإنسانية السامية وقال له الدكتور جيران ونرود رئيس جمعية المدافعين عن الإيمان المسيحي في رسالة بعثها إليه:

(انت الرجل الأكثر كرها في العالم اليوم... موسوليني وهتلر في أسوأ حالاتهما لم يبلغا ما بلغته من سوء.. لاغرابة أن تجمع أربع وستون دولة على ادانتك مع شركائك وأن تطالب بإعادة السلام يقينا أن هناك شيطانا في دماغك...

ألا تستطيع أن تستمع إلى ضميرك وإلى الله فتتوقف قبل أن ينجر العالم إلى الانتحار؟ إنك على كل حال أديت خدمة واحدة.. هي أنك أظهرت حقيقة الصهيونية السوداء).

وقال المستر بويل وزير الخزينة في كتاب استقالته من حكومة إيدن:  إنني أدرك تمام الإدراك الصعوبة العظيمة جدا للمشكلة التي كان على الحكومة أن تواجهها في الشرق الأوسط لكنني والحق يقال لا أشعر بأنني أستطيع الدفاع كوزير عن السياسة الأخيرة التي انتهجتها الحكومة وأراني مضطرا لأن أشترك مع ذلك الرأي الذي يستنكر بشدة ما جرى من أعمال).

والجدير بالذكر أن المستر بويل هو الوزير الثاني الذي يقدم استقالته من حكومة ايدن بعد المستر ناتنغ وزير الدولة للشؤون الخارجية احتجاجا على العدوان البريطاني- الفرنسي- الإسرائيلي على مصر.

وقد أضحت دوائر (سكوتلانديارد) في لندن تعيش حالة استنفار منذ مدة، خوفا من محاولة لاغتيال ايدن..

وتتوقع هذه الدوائر أن يلجأ بعض المعارضين المتحمسين إلى اغتياله بواسطة الطرود البريدية المتفجرة.

وتقول جريدة (ديلي اكسبريس) اللندنية التي أوردت هذه المعلومات أن تدابير مشددة قد اتخذت للمحافظة  على حياة ايدن ووزرائه الذين يتعرضون لنقمة شديدة من الرأي العام)).

وعلى نفس الصفحة وتحت عنوان (بطولة) جاء مايلي:

((أعلن ناطق بلسان وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات البريطانية- الفرنسية المعتدية التي هاجمت مدينة بورسعيد ولم تتمكن من احتلالها تتجاوز (160) ألفا وبهذا تتضح عظمة المقاومة المصرية جيشا وشعبا في وجه جحافل الاستعمار الهمجية، هذه المقاومة البطولية الرائعة التي حرمت القوات المعتدية المتحالفة الوصول إلى هدفها كما كشفت الوثائق التي عثر عليها في طائرة القائد الإسرائلي لمنطقة النقب عساف سمحوني التي أسقطتها القوات الأردنية في الأسبوع الماضي.. والتي تقول إن القوات البريطانية- الفرنسية يجب أن تلتقي مع القوات الإسرائيلية في السويس يوم 7 تشرين الحالي)).