"شيار بكر"... وفن التصوير الضوئي

كان التصوير الضوئي منذ ظهوره موضع جدل حول مكانته في عرش الفنون، فقد وجد فيه بعض الفنانين، ومنهم "تالبوت"*، طريقة عملية لتصحيح أخطاء الرسم اليدوي بقلم الرصاص، وقد أطلق على تجربته اسم "قلم الطبيعة"، وجاراه في ذلك كثيرون. وللفنان الضوئي "شيار بكر" رؤية مختلفة يوضحها في لقائه مع موقع eAleppoمتحدثاً عن تجربته مع فن التصوير الضوئي وأهميته والعوامل الفاعلة فيه من خلال هذا اللقاء.   

* ماذا تحدثنا عن التصوير الضوئي وتطبيقاته؟

** تفنن المصورون التشكيليون في اعتماد هذا المبدأ، وسادت الأفكار الفنية التي تدعو إلى تصوير الطبيعة بهذا الأسلوب في لوحات تحاكي التصوير التشكيلي طوال الحقبة الأولى من تاريخ التصوير الضوئي، وهي عبارة عن طريقة عملية لإنتاج صورة عن غرض ما بالاستفادة من التأثير الذي يحدثه الضوء على مادة حساسة، فهو يستخدم لتصوير الأشخاص وتصوير المناظر ولتوثيق الصور لكونها شاهدا قويا على لحظة تاريخية حدثت في زمان ومكان محددين.

من صور المعرض

* هل من الممكن أن يكون كل إنسان فناناً ضوئياً؟

** ممكن ذلك حينما يمتلك أفكاراً، وهذه تأتي من خلال الهواية التي تولد معه، وكثيرون من الأشخاص بإمكانهم اكتشافها رغم أنهم ليس لهم علاقة بالفن ولكنهم يتمتعون بفن عميق قد يكون غائباً عنهم.

* ما المواصفات التي يحملها أصحاب تلك الموهبة الضوئية؟

** تظهر من المراحل المبكرة حينما يهتم بالرسم والكاميرا والخزف من خلالها يستطيع عمل أشكال معينة من خلال أفكار تراوده في ذلك.

* من الذي يساهم في احترافية الصورة الجيدة الفنّان أم جودة الكاميرا؟

** جودة الكاميرا تأتي مكملاً للموضوع الذي اختاره، ويمكننا أن نعطي 70% للفنّان و30% للكاميرا من أجل إخراج مادة جيدة، ولكن يتحتم على الفنان الاحترافي امتلاك كاميرا احترافية لأن في بعض المواضيع تلعب الكاميرا دوراً رئيسياً وخصوصاً في الليل لأننا حالياً دخلنا في عصر الكاميرات الرقمية والتي تعتبر أدق وأفضل من الكاميرات التقليدية بفضل الحساسية التي تمتلكها، ومثال على ذلك في الكاميرات الرقمية توجد درجات لحساسية العدسة وهي تتدرج من /25، 50، 100 حتى 3200/ درجة وهي تختلف طبعاً عن الدقة المتعارف عليها بـ2.1 ميغا بيكسل، فكلما ارتفعت درجة الحساسية من 50 حتى 3200 كانت كمية الإضاءة الموجودة في الصورة أفضل، حتى وإن كانت في أماكن خافتة بل على العكس تماماً ففي مثل هذه الأماكن نحتاج إلى درجات عالية من الحساسية، لأنها حينما تكون درجتها 1600 وما فوق تحتاج لأقل من الثانية حتى تحصل على لقطة تضاهي اللقطة في العين المجردة، وأما حينما تكون بدرجات أقل فإنها تحتاج لعدد من الثواني قد تبلغ 10ـ 15 ثانية مرافقة بالضغط المستمر على زر التصوير لكي يظل غالق الكاميرا مفتوح من أجل الحصول على كمية ضوء بشكل أفضل ناهيك عن كون هذه العملية تتعرض لارتجاف في اليد وهذا هو الفارق في الحساسية الجيدة  والمنخفضة.

للكاميرا عناصر تتألف منها: العدسة والبعد المحرقي وسطح الفيلم وبعدها الغالق المسؤول عن كمية الضوء التي يحتاجها الفيلم.

* معرضك الأخير كان بالفن الشامل في كلية الآداب، ما معارضك الفنية القادمة؟

** القادم في المركز الثقافي بدمشق بالإضافة لذلك سوف أقوم بمعرض فني في أوروبا.

* أعمالك الأخيرة كان الطفل حاضراً فيها بقوة، ما سبب ذلك الاهتمام؟

** الأطفال بشكل عام جيل المستقبل ونحن بدورنا سواء أكنّا فنّانين أم إعلاميين، يجب علينا تسليط الضوء والاهتمام الأكثر بقضاياهم لأنهم يشكلون محوراً هاماً، وهذا الاهتمام ظهر من خلال تقسيم الصورة لجزئين جزء يظهر السلبية وجزء يظهر الإيجابية لتلك المشكلة.

* حدثنا عن المواصفات المطلوبة في الفنان الضوئي؟

** يجب أن تكون الهواية والرغبة من الأسس التي يبدأ بها عمله ومن ثم يأتي التعليم الأكاديمي والخبرات التي يحصل عليها أثناء احتكاكه مع الفنانين الآخرين وإن اجتمعت كل العناصر فحتماً سوف نحصل على فنّان ضوئي بمواصفات كاملة.

* أيهما برأيك أفضل الفنان الموهوب أم الأكاديمي؟

** الأكاديمية ليست شرطاً أساسياً في تقديم فنّان ضوئي، وإن رجعنا إلى الفترات السابقة نجد ليوناردو دافنشي، بيكاسو، فانكوخ... وهؤلاء مازالوا على لائحة المبدعين رغم عدم وجود الأكاديمية بحياتهم، وهناك أيضا الحضارات الآشورية والإغريقية والبابلية نجد فيها رسومات ومنحوتات تاريخية عجز الكثير من الفنانين عن إخراج مثلها، ولا أنكر دور الأكاديمية في حاضرنا، لأنها تعمل على تنمية المواهب وتعطيه دفعاً للتطور.

* الأكاديمية ماذا تضيف للفنان الموهوب من قيمة مضافة برأيك؟

** يمكن أن تساعده بأخذ لقطات أكثر احترافية عما ذي قبل ويمكن أن تقوم بتنمية مواطن الضعف لديه وتعطيه دفعة للأمام، وتمده بتاريخ الفن الذي يعمل عليه، ويمكن أن أضرب لك مثالاً حينما تكون هناك زهرة بلون واحد في حديقة فسيكون الأمر جميلاً ولكن إن كان هناك زهور بعدة ألوان فسيكون الأمر أجمل.

* كيف يمكن أن نحكم على صورة بأنها احترافية أو مكتملة العناصر؟

** بشكل عام يوجد ثلاثة أنواع للصور منها الجيدة والمتوسطة والضعيفة، حينما تجد أن في الصورة فكرة تأتي المرحلة الأولى ومنها ننتقل إلى العنصر الثاني في تكوين الصورة من خلال التباعد في الزوايا الأربعة وكيفية وضع الفكرة في المنتصف أم على اليمين وهكذا، والتناسب يأتي في المرحلة الثالثة من خلال إظهار زاوية على حساب زاوية أخرى، وتأتي الإضاءة المكمل الرابع لجودة الصورة من ناحية التوزيع الجيد للإضاءة في أثناء الظل أو النور.

* ما أفضل اللقطات لإظهار صورة احترافية في أوقات معينة؟

** نظريات قد تحدثت عن ذلك ومنها حين بزوغ الصباح وساعات الغروب بالإضافة إلى ذلك توجد زوايا معينة من أجل جعل أشعة الشمس خلفيات لمواضيع معينة، لأنه وكما هو معلوم لا يجوز أن تظهر أشعة الشمس في وجه الكاميرا إلا في حالات معينة، ومن هنا يظهر الاحتراف عند الفنان عندما يستطيع أخذ مثل هذه اللقطات.

* لك معرضان في ألمانيا حدثنا أكثر عن هذه التجربة؟

** الأول بعنوان "أناشيد السلام" ومضمونه الأمسية الثقافية العربية وتتضمن /25/ لوحة بمشاركة دول عربية لفرق موسيقية من الجزائر وتونس والعراق والأردن والثاني بشكل فردي بعنوان "سورية إنسان وثقافات" متضمناً لـ /50/ لوحة تعنى بالصور السياحية والطبيعية والأثرية والهدف منه إظهار سورية كبلد لتعدد الثقافات والحضارات، وكانا في برلين عام /2007/.

* حينما تقوم بتوثيق صورة لموضوع ما، تحضر لها أم تجعلها بمحض المصادفة؟

** طبعاً هذا راجع لطبيعة الموضوع الذي أعمل عليه فكلتا الحالتين تجوز ولكن الذي يحددهما مضمون الموضوع نفسه.

* برأيك ما مواصفات الصورة التوثيقية؟

** الصورة التوثيقية هي كالوثيقة يجب أن تلتقط على حالها دون إحداث أي تغير فيها من إخراج وإضاءة وأشياء أخرى، ولكن حين أقوم بإضفاء أية عوامل أخرى فبذلك انسحبت الصورة من التوثيق إلى الإخراج الفني الذي يقدم في المعارض الفنية، والتوثيق يأخذ حالات معينة وهو لتصوير التماثيل أو الأماكن الأثرية والطبيعة والحقائق وما شابه ذلك.

* هل فكرت بعمل فيلم وثائقي في ذلك وما مضمونه؟

** لاحت لي الفكرة حينما تجولت في عدد من المدن، وشدني إلى ذلك حينما شاهدت عدداً من الأفلام الوثائقية وكان يمكن أن يكون موضوعه تاريخي أو أثري، ولكن ضيق وقتي قد شغلني عن التفكير بإنجاز تلك الفكرة.

* الفنان الضوئي كيف له أن يصل للحالة الإبداعية؟

** من خلال التشجيع والممارسة وسوف أضرب لك مثالاً لا على سبيل الحصر، العمل يمكن أن نقسمه إلى درجات متسلسلة ولنفترض بأن يكون /15/ علامة على الموضوع والإلمام، و/20/ علامة على التعليم الأكاديمي، و/10/ علامات للخبرة و/25/ علامة لاشتراكه في المعارض وكل هذه العناصر حين تكون مجتمعة تتحقق الحالة الإبداعية لديه.

* كيف ترى مستقبل التصوير الضوئي؟

** في البداية يجب علينا التفريق بين الفنان الضوئي والمصور الفوتوغرافي،   فالمصور يقوم بالتصوير داخل الإستديو ولا يمكن أن يكون فناناً ضوئياً إلا إذا امتلك حساً وفكراً فنياً والعكس صحيح إن احتاج الفنان الضوئي للدعم المالي، أما الاستمرارية فتتعلق من خلال وجود ورشات عمل مع فنانين من الخارج لتبادل الخبرات فيما بينهم، وأن يكون هناك أكاديميون من خارج الوطن بسبب قلة وجود الخبرات عندنا للاستفادة من علومهم وتجاربهم في التطور التكنولوجي الحاصل لديهم.

بقي أن نذكر أن الفنان الضوئي "شيار بكر" بدأ بممارسة التصوير الضوئي عام /1996/ وشارك بعدد من المعارض الجماعية المحلية والدولية وبفعاليات مهرجان دمشق /2004/ وحتى /2010/ كان مشتركاً بشكل دائم في المعرض السنوي لفن التصوير الضوئي السوري، وفي مهرجان عمان العربي الرابع للصورة الفوتوغرافية 2005/2007 وبمعرض دولي "بهولندا" "World Press" 2005/، ومعرض دولي بألمانيا، ومهرجان بعنوان "عراقيون" للصورة الفوتوغرافية، وفي عام /2008/ كانت المسابقة الأولى للصورة العربية "حلم وطن عربي واحد" في دبي.

 

* وليم فوكس تالبوت (1800 - 1877) مصور فوتوغرافي إنجليزي قام بدور كبير في تطوير عملية تظهير الصور.