- صحافة الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية- مجلة الأمل

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

صدرت مجلة (الأمل) في حمص عام 1946، وهي مجلة أسبوعية ثقافية، كما أنها مجلة أدب وعلم وتربية هكذا عرفت عن نفسها. صدرت عن الميتم الإسلامي في حمص التابع للجمعية الخيرية الإسلامية. مديرها المسؤول الطبيب كمال رحيمة الذي تخرج من كلية الطب في دمشق وتخصص بالأمراض الداخلية في فرنسا، وكان نقيبا لأطباء حمص عام 1944، كما شغل رئاسة جمعية الهلال الأحمر السوري بحمص، وشغل عضوية الجمعية الخيرية الإسلامية في حمص أيضا من عام 1925 وحتى عام 1936.

ريع المجلة كان للميتم الإسلامي، وقد أشرفت على تحريرها بعد فترة من صدورها هيئة التعليم الثانوي بحمص وكان أمين التحرير رضا صافي وصدرت ضمن (32) صفحة من الحجم المتوسط.

ومن أبوابها: (ما نختاره لك) و(صفحات منسية) و(من روائع أدب الغرب) و(إلى القارىء) و(من أجواء الفحوص) الخ...

وقد ضمت أشهر الأقلام المعروفة في ذلك الوقت التربوية والأدبية والعلمية والفكرية ومن أقلامها: حافظ الجمالي وعبد الله عبد الدايم وكمال رحيمة وساطع الحصري ونبيهة العاقل ونظير زيتون ومحمد روحي فيصل وأحمد مظهر العظمة وعبد الباسط الصوفي ورفيق فاخوري ومراد السباعي وسامي الدروبي ويوسف خياط وغيرهم.

وكذلك من أقلام المجلة كان قدري العمر الذي ولد في حماة عام 1899، وتلقى علومه الابتدائية في مصياف، والثانوية في دمشق، وبعض علومهالعالية في الكلية الصلاحية في القدس، وزاول مهنة التدريس من عام 1918 وحتى عام 1942 وهو تاريخ تعيينه مديرا لتجهيز حماة، ثم عين مديرا لمعارف الجزيرة حتى عام 1948، ثم عين مديرا لمعارف حمص، ثم عين في دمشق مديرا للتعليم الخاص، وقد أصدر أربعة أجزاء من كتاب أدبي عنوانه (من الأدب).

 

الأستاذ قدري العمر

ومما كتب في مجلة الأمل تحت عنوان (ما هو الأدب؟) في العدد السابع والثامن الصادر في مايس وحزيران عام 1949 مايلي:

((الأدب متشعب المطلب، متشعب الغرض، فهو للغة وهو للقواعد، وهو لدراسة رجال الأدب، ودراسة البلاغة وغيرها، وهو أيضا للعمل إلى الفن الجميل... أو أن كل موضوعاته ودراساته وسيلة، أما الغاية فلا تعدو هذا الإنشاء الفني في المنظوم والمنثور... لذلك كان تعريفه أو تحديده، مهما أطلت القول، يظل صعبا وعلى شيء من الغموض، والإيجاز مطلوب للإفلات من السأم والوصول إلى الفهم في زمن يسير، ولذلك كان البحث في الفرق بين الأدب والعلم، يفهمنا الأدب فهما آنيا يستقر في الروع ويسكن في الخلد.

هذه الفروق متداخلة متقاربة، قد لا تريد أن تتخلص من التشابك والشركة ولكنها فروق، على كل حال، معينة على التعرف بالأدب وموصلة إلى اتصال به صادق صحيح...

إن العلم قد يبقى مجهولا لدينا إلى أن نتعلمه من أناس غيرنا، والأدب قد نعرفه من دون الاستعانة بأحد أو من دون أن نتلقنه من غيرنا، وأصح من ذلك أن نقول: إن العلم مفصول عنا مأخوذ من غيرنا أو من حولنا على الأقل، أما الأدب فليس مفصولا عنا مطلقا، بل هو متصل بنا، كامن بين جوانحنا وبين طيات نفوسنا... فجدول الضرب لم نكن لنعرفه قبل أن نسمعه من أفواه الآخرين، أو من قبل أن نقرأه في الكتب.

ولو أنك ذكرت الآن جميع ما تعرفه من القطع الأدبية التي تقصد إلى الجمال الفني، لأيقنت أنها كلها أو معظمها قطعة من نفسك، ولو أنك ذكرت الآن جميع ما تعرف من العلوم لعلمت أنها قطعة مضمومة إلى نفسك وحينئذ تقول: إن كل ما يتصل بالأدب الذي يقصد إلى الجمال الفني موجود في نفوسنا، وكل ما يتصل بالعلم واصل إلينا من غيرنا أو من حولنا.

وبعد فالتفاح في المخازن يأخذه العلم، والتفاح في البستان يأخذه الأدب... فمن دخل المخزن وأخذ تفاحة وبحث تركيبها وفيتاميناتها وآثارها في المعدة، أو بحث مع التاجر مواضع إصدارها ومواضع إنتاجها وفائدتها في رأس المال....الخ فقد وقف على التفاح بالعلم، أما من دخل البستان وصار إلى شجرة التفاح ورأى التفاحة ترف عليها الأوراق ويمتزج لونها بألوان الشمس ويهب النسيم برائحتها العطرة، ثم بالفيء والضوء يتراوحان عليها وجرت تحتها الساقية، فقد وقف على التفاح بالأدب)).