صحافة متخصصة- مجلة المرأة

اعداد الدكتور مهيار الملوحي

صنف بعض الكتاب مجلة (المرأة) بأنها المجلة النسائية الثانية بعد مجلة (العروس) لصاحبتها ماري عجمي. وصنف بعض الباحثين نديمة المنقاري التي أصدرت مجلة المرأة في حماة في 31/10/1930 بأنها الرائدة الثانية للصحافة النسائية.

إن مجلة (العروس) لصاحبتها ماري عجمي والتي صدرت في دمشق عام 1910، وتلتها مجلة (نور الفيحاء) لصاحبتها نازك العابد والتي صدرت في دمشق عام 1920 وهناك مجلة (الربيع) لصاحبتها ماري ابراهيم والتي صدرت عام 1925 في دمشق ثم مجلة (دوحة الميماس) لصاحبتها ماري عبدة شقرا والتي صدرت عام  1928 في حمص. إن جميع هذه المجلات هي مجلات أدبية ثقافية أصدرتها النساء، وهي ليست من المجلات النسائية المتخصصة.

 بينما مجلة (المرأة) لصاحبتها نديمة المنقاري هي أول مجلة نسائية متخصصة، وصاحبتها هي رائدة المجلات النسائية في تاريخ الصحافة السورية.

صدرت مجلة (المرأة) في حماة في 30/10/1930 وقد أفصحت صاحبتها عن هذا اللون من الصحافة عندما كتبت على غلاف المجلة (المرأة مربية الرضيع ومعلمة اليافع ودليل الشاب ورفيق الرجل) كما كتبت على الصفحة الأولى وفوق عنوان المجلة الآية الكريمة: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

وكذلك وضحت في المقدمة الغاية من إصدار هذه المجلة النسائية المتخصصة بأمور النساء وقضايا المرأة في مجتمعنا الشرقي الكبير فقد جاء في مقدمة العدد الأول مايلي: "جرت عادة الصحف أن تقدم عند صدورها كلمة تعلن بها خطتها وغايتها التي أنشئت من أجلها لتتكون عند القراء فكرة عن تلك الصحيفة الجديدة فيقبل عليها من لاءمت ميوله وجريا على هذه القاعدة أتقدم بكلمتي هذه معلنة الغاية التي أنشئت من أجلها هذه المجلة والخطة التي ستسير عليها في حياتها المقبلة، حيث ذهب بعض الباحثين إلى وجوب بقاء المرأة على الفطرة الطبيعية، زاعما أن الخير في عدم تعليمها. وذهب بعضهم إلى ضرورة مساواة المرأة بالرجل في جميع نواحي الحياة.  وبقيت المرأة المسلمة أمام هذه التناقضات حائرة مضطربة لا تدري في أي طريق تسير، فأخرجت هذه المجلة لتكون وسطا صالحا لمباحث السيدات الفاضلات، وإن المجلة تفتح أبوابها لكل فاضل".

كانت مجلة (المرأة) مجلة علمية نسائية شهرية صدرعددها الأول في الواحد والثلاثين من شهر تشرين الأول عام 1930 في حماة، وكانت نديمة المنقاري صاحبة امتيازها ومديرتها المسؤولة وكان زوجها عطا الله الصابوني مدير إدارتها، وهو الذي أصدر قبل ذلك في حلب مجلة (الفجر) في عام 1927 وهي مجلة أدبية، اجتماعية.

 

السيدة نديمة المنقاري

 

صدرت مجلة المرأة ضمن 32 صفحة من القطع الصغير، وكانت تطبع في مطابع الإصلاح لصاحبها عبد الحسيب الشيخ سعيد في حماة.

وعنيت المجلة بشؤون المرأة وحقوقها في العمل والتعليم عناية خاصة ولم تهمل الأدب والبحوث الاجتماعية وأخبار المجتمع للنهضة بثقافة المرأة كما عبرت عن ذلك صاحبة المجلة.

وجاء في مقدمة العدد الأول من مجلة (المرأة) الذي صدر في نيسان عام 1947 في دمشق، بعد أن توقفت عن الصدور في حماة، بسبب انتقال عمل زوجها إلى دمشق تحت عنوان– المجلة بين ماضيها وحاضرها– ما يلي ((وإذا قدر لهذا الصوت أن يخفت حينا، فلأنه كان غريبا وجديدا، والغريب الجديد في نظر الناس هدف للخصومة والمقاومة". وتتابع في نهاية المقدمة فتقول:"وبعد فهذه مجلتك أيتها المرأة الفاضلة، فيها صوتك الذي لا يخفت، واتجاهك الذي لا يخزل، وطريقك الذي لا ينقطع، وإنك ستتخذين فيها منبرا حرا للفكر والمفكرين، وغذاء ثقافيا يرمم نقصنا الأدبي، وفقرنا إلى المعرفة)).

كانت جميع مواضيع المجلة تدور حول المرأة، وتتعرض لمشاكلها من ناحية العمل والتعليم، والمطالبة بحقوقها المدنية.

كما اهتمت بالنساء الشهيرات بالتاريخ العربي الإسلامي، وضمت عدة أقلام متخصصة ومعروفة في الحقوق والشريعة والأدب.

بقي أن نعرف أن "نديمة المنقاري" (1904-1992) ولدت في حلب، وتلقت علومها الأولية في مدارس الدولة التركية، ثم تعلمت الفرنسية في المدرسة الأرمنية الكاثوليكية، وأتقنت اللغة الفرنسية، ثم انتسبت إلى دار المعلمات وتخرجت عام1926. انتقلت مع زوجها الشيخ عطا الله الصابوني إلى مدينة حماة لتدريس مادة اللغة الفرنسية في مدارسها، وأصدرت مجلتها فيها، وبلغت منصب مفتشة في التعليم في حلب، انتقلت بعد ذلك إلى دمشق مع زوجها عندما انتقل مكان عمله الوظيفي، وعادت وأصدرت مجلة المرأة في دمشق عام 1947 بحجم كبير وغلاف ملون وأصبح مديرإدارة المجلة حمدي طربين.